استبشر سكان طنجة خيرا بقدوم والي الأمن الجديد من مدينة وجدة، فالرجل أكد في لقائه مع إعلاميي المدينة عن حياده وتفانيه في أداء واجبه الذي يجعله مسؤولا أمام المواطنين دون تمييز ولا حيف،لكن طنجة ليست كمثيلاتها من المدن المغربيةَ؛ فلديها خصوصياتها التي تجعل منها أغرب مدينة على الإطلاق. فالكل في هذه المدينة السعيدة-البئيسة،يعلم يقينا أن ولاية أمن المدينة يسيرها أرباب الحانات والملاهي الليلية وبارونات المخدرات والمنعشين العقاريين أكثر مما يسيرها المدير العام للأمن الوطني. هذا الأمر يجعل من الوضع الأمني في المدينة أمرا معقدا جدا، فلهؤلاء سلطات واسعة وأياد طولى جعلت من بعض المسؤولين الأمنيين المخلصين مخلدين في مناصبهم لمدد تجاوزت العشر سنوات،فيما نجد أن إدارة الأمن لديها إستراتيجيتها في تغيير المسؤولين لضمان جودة المردودية والخدمات. لكن طنجة تبقى الحالة الإستثناءية كما جرت العادة. في ظل هذه الظروف،أتى الوالي الجديد لتطهير المدينة، لكن يبدو أن بعضا من المسؤولين المخلدين الذين يوجدون تحت إمرته لم يرقهم ذلك،خصوصا وأنهم يعملون بالمثل القائل:" كم من حاجة قضيناها بتركها" لذلك فهم يمارسون ضغوطهم على ما يبدو عليه حتى يرحل هو عن المدينة. السبب الذي جعل المدينة تتخبط في ويلاتها وانفلاتاتها الأمنية،فالجريمة مازالت في نسبتها المرتفعة بل في الزيادة بشكل ملحوظ، والشرطة القضائية في المدينة في سبات عميق لاتحرك ساكنا إلا بعد أن يفقد المواطنون أرواحهم. أما شرطة الزي ففي جولاتها ودورياتها فيبدو عليها الخوف في أداء واجبها خشية أن تصطدم مع من لهم نفوذ في ولاية الأمن مما سيعرض أصحابها لعقوبات إدارية تهدد حياتهم المهنية. داخل هذه الدوامة، يجد والي أمن المدينة نفسه متقوقعا بين هذا وذاك، فلقد أبلى البلاء الحسن وسجل عمله طوال هذه المدة ارتياحا لمن يتابعون الأمر عن كثب،فإذا أراد تطهير المدينة والتوفيق في مهامه فعليه أن يبدأ أولا بتطهير ولاية الأمن التي تفوح من دهاليزها رائحة بعض المسؤولين الراسخين الذين آن الوقت لرحيلهم خصوصا وأن المدير ارميل سهر على تحريك الخارطة الأمنية في المملكة مؤخرا. فهم ألفوا هذه المدينة،وجنوا منها الخيرات ،لذلك لا يروقهم حال الوالي الجديد الذي أتى إلى هذه المدينة لتطهيرها والقيام بواجبه على أكمل وأتم وجه،ولسان حالهم يقول له:" اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون" .