عديدون هم أولئك الذين يتشدقون كل صباح ومساء بشعارات "النضال" الجوفاء وتلفيق تهم الفساد وتبذير المال العام للمسؤولين الذي من أبرز تجلياته المهرجانات التي يقام ضدها و لا يقعد، بكلمات رنانة وشعارات تصدح بها الحناجر. بيد أن هؤلاء من المنظرين "الفطاحلة" هم أول من يركض لاهثا وراء دعوة تمكنه من حضور فعاليات هذا المهرجان أو ذاك ومن الأمثلة على ذلك هو ظهور بعض من المحسوبين على حزب" النهج الديمقراطي" اليساري ذو التوجه الراديكالي وهم لا يفوتون عرضا إلا وحضروه من فعاليات مهرجان تطوان لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، في وقت كان تلامذتهم يرددون شعارات منددة بهذا المهرجان، تلك الشعارات هي نفسها التي تلقنوها على يد أساتذتهم في "مدرسة النضال"الذي تعد دهاليزه و لا تنتهي احتمالات مآلاته. ألا يخجل هؤلاء من أنفسهم جراء الهوة السحيقة الفاصلة بين أفكارهم وأفعالهم وعلى رأي المثل المغربي الشهير" كيبيعوا القرد ويضحكوا على اللي شراه"؟. أليست هذه هي نفسها المهرجانات التي طالما نعتوها ب"التافهة"و" المؤدلجة للعقول"و المروجة لفساد الذوق العام؟غافلين ربما أو متغافلين على الأرجح لما تشهده لقاءاتهم ومخيماتهم من مجون ومن "قلة الحيا". أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد اختلاف في الرؤى حول هذه المهرجانات من داخل مثل هذه الإطارات التي تدعي أنها جماهرية و أنها تستمد مواقفها من الشعب و طبقاته "المسحوقة"، وأن كلا من "المناضلين"يغني على ليلاه. ألم يسمع هؤلاء قول الشاعر حين قال: "لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم ابدأ بنفسك وانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم"