تحت أنظار آلاف من المتتبعين أنار طواف المشاعل التقليدي، الذي نظمه الحرس الملكي مساء الأحد، كورنيش مدينة المضيق بلوحات فنية رائعة، جسدت غنى الإرث الحضاري للمملكة، وذلك تحت أنظار آلاف المتتبعين، في إطار الاحتفالات بالذكرى ال19 لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه الميامين.
وقد استأثرت تشكيلات من موسيقيي ومشاة وخيالة وحملة مشاعل الحرس الملكي باهتمام آلاف المتفرجين على جنبات أهم شوارع مدينة المضيق، انطلاقا من الإقامة الملكية وإلى غاية شارع للا نزهة، وصولا إلى ساحة الكورنيش، حيث رافقت موكب المشاعل نغمات عسكرية وأخرى من ريبرتوار الأناشيد والأغاني الوطنية الحماسية، التي تؤرخ لفترات مجيدة من تاريخ المملكة.
وفق تشكيلات متناسقة، كانت تتداخل مواكب خيالة الحرس الملكي الحاملين للمشاعل المضيئة، في انضباط تام وإيقاع دقيق، ترافقهم في عروضهم إيقاعات من ربيرتوار الأغاني الوطنية، التي صدحت بعظمة المملكة واستحضرت فخر شعب بأكمله، في هذا اليوم المجيد من التاريخ.
واستمتع الجمهور، الذي لم يفوت الفرصة لتخليد هذه اللحظات التي لا تنسى، بلوحات فنية من أداء عناصر الحرس الملكي، انطلقت بعروض بديعة للتحكم في البنادق، ثم الشروع في تكوين تشكيلات دقيقة عبارة عن مربعات وأسهم ودوائر متداخلة، ثم تشكيل النجمة الخماسية، قبل رسم لوحة “عاش الملك”، لتختتم التشكيلات الفنية بشعار المملكة الخالد “الله الوطن الملك”.
إثر ذلك، قام حملة المشاعل، ببذلاتهم التقليدية، بعزف النشيد الوطني، قبل أن تزيد جمالية هذا الحفل من خلال التنسيق الرائع والمتوازن في حركاتهم، في انسجام تام بين الحركات الاستعراضية والإيقاعات الموسيقية. كما استعرضت تشكيلة من القوات المسلحة الملكية الجوية والفرقة الموسيقية للدرك الملكي لوحات فنية زاخرة بالألوان والإيقاعات الحماسية، أثارت إعجاب ساكنة وزوار المدينة. ويعتبر الطواف بالمشاعل من بين مظاهر الإبداع المغربي المتفرد والأصالة المغربية، خاصة وأن هذا الطواف، الغني بدلالاته ورمزيته التراثية والجميل في أدائه، أضحى تقليدا سنويا دأب على إنجازه بإتقان الحرس الملكي منذ سنوات عديدة، خاصة خلال الاحتفال بعيدي العرش والشباب.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم تنظيم الطواف بالمشاعل بمناسبة عيد العرش لأول مرة سنة 1947 انطلاقا من القصر الملكي بالرباط ليجوب أهم شوارع المدينة، على وقع نغمات الموسيقى العسكرية وفق نظام ثابت لم يعرف أي تغيير منذ ذلك التاريخ، باستثناء تجديد تشكيل بعض اللوحات الفنية الاستعراضية. ويتنافس حملة المشاعل والخيالة والموسيقيون على السواء لجعل بذلاتهم في أبهى حلة، ولتقديم أجمل العروض لإمتاع الجمهور ومشاركة الشعب المغربي احتفالاته بالأعياد الوطنية التي لها وقع خاص في نفوس المغاربة من كل الأجيال.
ومنذ سنة 1993 أصبح الطواف بالمشاعل يختتم بعروض بالسلاح حيث تشكل موسيقى ومشاة الحرس الملكي لوحات كوريغرافية وهندسية رائعة تبرهن عن مدى التمرينات التي يقومون بها استعدادا لهذه المناسبات. ويرمز هذا الطواف البديع، الذي شهدت على تفرده العديد من المدن المغربية، إلى تشبث المغاربة بتقاليدهم العريقة، وهو ما تعكسه دائما الأعداد الكبيرة التي تتقاطر بكثافة على مشاهدته سنة بعد أخرى، خاصة وأنه أصبح رمزا من رموز التعبير الوجداني للمغاربة بحدث عيد العرش المجيد.