إن من نعم الله على المسلمين أن أكرمهم بعيدين جليلين؛ عيد الفطر وعيد الأضحى، ولا يعرف قدرهما وأسرارهما إلا من أوتي فهما في الدين، ويقينا في الإيمان، وذوقا في العبادة والتقرب، فالعيد مظهر من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره المعظمة. ومن معاني وغايات عيد الفطر؛ معنى الشكر لله على التوفيق في عبادة الصيام والقيام، والتقرب إلى الله بقراءة القرآن وفعل الخيرات. ولا شك أن دلائل وعلامات الشكر تبدو واضحة على محيا المؤمنين، كما تنساب كلمات عطرة من بين شفاههم، أو تتجسد بجمالية أخاذة من خلال سلوكهم ومعاملاتهم. والعيد في معناه الإنساني يوم تلتقي فيه قوة الغني، وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالة من وحي السماء، عنوانها الزكاة والإحسان، والتوسعة. كما أن العيد في معناه الاجتماعي؛ تزاور الأقارب، وتمتين علاقات الأخوة والصلة، وطرح الكراهية والضغينة، وجلب أسباب السعادة والفرح والطمأنينة. كما أنه يوم الأطفال حيث يفيض عليهم بالفرح والمرح. وكم من قريب يتجشم عناء السفر ليزور قريبه، فيقتسمان فرحة العيد، ويجددان علاقة القرابة، ويتعاهدان على البر والإحسان، وصون الرحم والقربى.وناهيك عما يضفيه العيد على القلوب من الأنس وعلى النفوس من البهجة. تلك بعض المعاني الإيمانية والاجتماعية والإنسانية، التي يفيض بها العيد فيضا، ويعم نفعها جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. ولئن كان من حق العيد أن نبتهج به ونفرح، ونتبادل فيه التهاني، فإن حقوق إخواننا المشردين المعذبين شرقا وغربا تدعونا لأن نحزن لمحنتهم ونغتم، ونعنى بقضاياهم ونهتم؟ “أيها المسلم المستبشر بالعيد: لا شك أنك قد استعددت للعيد أبا كنت، أو أمًّا، أو شابا، أو فتاة، ولا ريب أنك قد أخذت أهبتك لكل ما يستلزمه العيد من لباس، وطعام ونحوه؟ فأضف إلى ذلك استعدادا تنال به شكورا، وتزداد به صحيفتك نورا، استعدادا هو أكرم عند الله، وأجدر في نظر الأخوة والمروءة. ألا وهو استعدادك للتفريج عن كربة من كرب من حولك من البؤساء، والمعدمين، من جيران، أو أقربين أو نحوهم؟ فتش عن هؤلاء، وسل عن حاجاتهم، وبادر في إدخال السرور إلى قلوبهم. وإن لم يسعدك المال فلا أقل من أن يسعدك المقال بالكلمة الطيبة، والابتسامة الحانية، والخفقة الطاهرة”.