بعد سنة تقريبا من الزلزال الذي ضرب كتابة الدولة المكلفة بالماء، وعصف بمن كانت على رأسها، دون محاسبة، اعترف سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بالخصاص المهول الذي يعرفه المغرب في تدبير الماء. وكشف العثماني، يوم الاثنين المنصرم في جلسة برلمانية متعلقة بالسياسات العمومية، أن المغرب من الدول التي تعاني من الضغط المائي بنسبة تتراوح ما بين 25 و75 في المائة؛ لكنه تجنب الحديث عن الملايير التي صرفت دون محاسبة في قطاع السدود، الذي يعرف تأخرا غير مبررا في العشرات من المنشآت. ويرتقب أن يشهد قطاع السدود فضائح بالجملة سيكشف عنها المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي الذي سينشر قريبا، حول تسيير القطاع في الفترة التي همت الافتحاص، وخصوصا تلك التي أشرفت عليها كاتبة الدولة المغضوب عليها والمنتمية إلى حزب التقدم والاشتراكية شرفات أفيلال. ويتساءل متتبعون عن إمكانية تقديم تقرير المجلس الأعلى للحسابات لأسباب التأخير المهول في وتيرة إنجاز السدود والتي قدرت بأزيد من 10 ملايير درهم، والاختلالات التي يعرفها إسناد الصفقات، وكذا إستراتيجية القطاع التي قدمت أمام أنظار عاهل البلاد سنة 2009 وأقبرت دون مبرر، وعدم إخراج المخطط الوطني للماء الذي ينص عليه القانون المنظم للقطاع. وعلى الرغم من التطمينات التي قدمها العثماني، والمعطيات التي أثارها أمام نواب الأمة حول قطاع السدود في المغرب؛ فإن المعطيات، التي تتوفر عليها هسبريس، تشير إلى أن القطاع وصل إلى مرحلة خطيرة ستكون لها تبعات خطيرة على الأمن المائي للمغاربة. العثماني قال في هذا الصدد إنه تم إنهاء إنجاز أشغال 3 سدود كبرى بأقاليم ميدلت والعرائشوتطوان بكلفة إجمالية بلغت 3 مليارات و567 مليون درهم، كما تم إنهاء إنجاز أشغال 4 سدود صغرى ومتوسطة بأقاليم بنسليمان والحسيمة والرحامنة والحوز بكلفة مالية إجمالية بلغت 166 مليون درهم؛ لكن في مقابل معطيات العثماني، فإن ما حصلت عليه هسبريس يقول عكس ذلك، ومنها سد تمكيت بإقليم الراشيدية الذي كلف حوالي 300 مليون درهم والذي تم انطلاق الأشغال به سنة 2009، دون أن ينتهي إلى حدود الساعة، وكذلك سد تاركا أو مادي بإقليم جرسيف بحوالي 1.3 مليار درهم حيث استغرق إنجاز طريق الولوج أكثر من سنتين بمبالغ فاقت بكثير الكلفة المنصوص عليها في دفتر التحملات. من جهة ثانية، فإن سد غيس بإقليم الحسيمة كلف حوالي 900 مليون درهم طيلة 3 سنوات من مدة الإنجاز، بسبب تغيير مكتب الدراسات المكلف بتتبع الأشغال؛ في حين أن سد مارتيل بإقليم تطوان كلف حوالي 1.2 مليار درهم، حيث تم إنهاء الأشغال بالأجزاء المهمة من المشروع بعد 13 سنة من الإنجاز وفضائح تسيير خطيرة أدت إلى عزل مسؤولين كبار بالوزارة. كما يعرف سد فاسك بإقليم كلميم الذي كلف حوالي 1.5 مليار درهم بداية الجزء الأول من الحفريات، على الرغم من أن الفترة المتبقية لا تتعدى سنتين؛ وهو نفس المصير الذي يعرفه سد دار الخروفة بإقليم العرائش الذي كلف حوالي 900 مليون درهم، ولم يتم إنهاء الأشغال كليا إلا مؤخرا بعد 13 سنة من الإنجاز. وتشهد جل السدود الأخرى تأخرا بالنسبة للتوقعات، إما بسبب التأخير في الأداء كما هو الشأن بسد خروب بإقليم العرائش الذي كلف حوالي 1.2 مليار درهم، وسد أكدز بإقليم زاكورة الذي كلف حوالي 800 مليون درهم، وسد صفرو الذي كلف حوالي 1.1 مليار درهم، بسبب عدم الشروع في عملية تصفية العقار وتعويض ذوي الحقوق، وهو ما سجله كذلك كل من سدّيْ بولعوان بإقليم شيشاوة وأيت زيات بإقليم الحوز.