محمد هرار / الدنمارك / ... كفى، كفى، لقد قررنا العودة إلى وطننا، قررنا الانحياز إلى شعبنا في المغرب، نريد أن نرى حكما ذاتيا يتحقق في حياتنا قبل أن نموت، ونطمئن على أجيالنا ما هو الأصح والأسلم في نظر الصحراويين؟.. الاختيار الديمقراطي الحر لتداول السلطة في إطار حكم ذاتي موسع، أم استمرار الوضع الراهن في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون، وهو وضع يجمع كل المعاني لنظام بالٍ، قديم، أكل عليه الدهر وشرب؟ حيث تجسدت فيه روح التسلط، كالرأي الواحد، والحزب الواحد، والزعيم الملهم الأبدي الذي لا تنتهي ولايته حتّى يرث الله الأرض ومن عليها. وهل مازال هذا ممكنا مع الوضع الإقليمي والدولي، خصوصا في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة العربية؟ لقد مرت الآن ست وثلاثون سنة، أي منذ عام 1976م، وابن مراكش العاق "محمد عبد العزيز" على رأس جبهة البوليساريو، ورئيسا لمجلس قيادة الثورة، تماما كما مرت خمس وأربعون سنة، على العقيد معمر القذافي على رأس هرم الدولة الليبية حتى أطيح برأسه.. وقس على ذلك مصر، والعراق، وتونس، واليمن، وأخيرا وليس آخرا سوريا... أهذا هو ما ينشده وينتظره الشعب الصحراوي في نضاله!، كأن يبقى الزعيم الواحد والأوحد يعاد تكراره في إطار" انتخابات" بمرشح وحيد، المرة تلو المرة، كآلة نسخ، خلال 36 سنة؟... إن دلّ هذا عن شيء، فإنما يدل على محاولة إرساء وتثبيت الصورة التي يتعطش إليها "محمد عبد العزيز"، ورفاق دربه، المتمثّلة في تكريس النظام الاشتراكي، الديكتاتوري، البالي، القبلي، تحت غطاء واهن وواهم، أطلقوا عليه:" خطورة المرحلة الراهنة وحساسيتها". من يزعم ألاّ حاجة للشعب الصحراوي في الديمقراطية والتداول على السلطة، ووضع حد لنهاية النزاع في الصحراء من خلال مشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، بحجة انعدام الحرية على الأرض، فهو يؤسس لا محالة لترسيخ الديكتاتورية، والمصالح الفردية الشخصية النفعية، وهو كذلك مبرر سياسي عتيق، متهالك، ومتهاوٍ... ومن الغرابة بمكان، والتناقض الفاضح، أن يتحدث المنظرون الانفصاليون في أدبياتهم عن الدولة الصحراوية التي يناضلون من أجلها بالوكالة، تحت اسم برّاق، لامع، خدّاع (الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية)، وهي المفاهيم التي لم ير، ولم يلمس الشعب الصحراوي منها إلّا الشعارات، والمؤتمرات التي يستهلك فيها قادة الانفصاليين الملايين، وهم يعيشون حياة البذخ الفاحش، في حين يعيش الصحراويون المساكين في مخيمات العار، في ظروف مزرية للغاية، في سجن كبير، يفترشون فيه الأرض، ويلتحفون السماء. وقد نبه الكثير من الذين زاروا المنطقة من مراقبين دوليين، وصحفيين أجانب أن الجيل الجديد من الشباب، واليافعين من أبناء المخيمات، لم يعودوا قادرين على تأمين قوت يومهم، إلا بالانخراط في شبكات تهريب الممنوعات، والمحرمات، أو الانضمام إلى صفوف الجماعات الإجرامية، والمسلحة، ولولا المساعدات، والصدقات، والهبات، من هنا، وهناك - وحتى هذه لا تسلم من نهبها، وسرقتها، وإعادة بيعها في أماكن أخرى خارج حدود المخيمات - لكانت المأساة أفظع، والكارثة أفجع؛ مما يؤكد ما أشارت إليه بعض التقارير. إن هذه المخيمات، هي عبارة عن" قنابل موقوتة"، قد تنفجر في أي وقت ممكن.. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى ضرورة الحل" العاجل" لقضية الصحراء، بعد أن كان موفده" كريستوفر روس"، قد أعرب عن تخوفاته بتصريحات تصب في النزاع الدائر في مالي، والذي أدى الى حالة من الفوضى، واللغط، ما أحدث فلتانا أمنيا حول منطقة الساحل والصحراء. إذاً، لماذا لا يتساءل الصحراوي في تندوف عن مصيره الذي يقامر به القادة الانفصاليون؛ لتكريس الظلم، والاستبداد، والتسلط!؟. أليس الخيار الديمقراطي، هو من بين الركائز لل"دولة المنشودة" في الشعار الزائف؟، أم أنّه مجرد خيار مزعوم، قد كتب على الرّمال المتحرّكة، من أجل ذر الرماد في أعين الصحراويين، ودغدغة مشاعرهم، وتخديرهم، واستهلاك خارجي في المحافل الدولية؛ لجلب تعاطف الشعوب الغربية، والمعونات الدولية!؟ لقد انكشف الغطاء يا سادة، وسقط القناع، ووصل السيل الزبى، ولم يعد الصحراوي قادرا على الصبر أكثر مما صبر. لقد حان الوقت والأوان ليقول الصحراوي كلمته، ويخرج من صمته، ويكسر حاجز الخوف، وينتفض في تندوف من داخل مخيمات العار، ليكسر السياج من حوله، ويقول لمن يتاجر بقضيته، من زعامة الانفصال، والتبعية من البوليزاريو، ومن يدور في فلكه: كفى، كفى، لقد قررنا العودة إلى وطننا، قررنا الانحياز إلى شعبنا في المغرب، نريد أن نرى حكما ذاتيا يتحقق في حياتنا قبل أن نموت، ونطمئن على أجيالنا أنها ستعيش في وطنها معززة، مكرمة، مطمئنّة، غير خائفة من المستقبل الذي ضاع منا نحن بسبب عنادكم أيّها التجار، والمحاربون بالوكالة.