وضعت تونس قواتها في حالة تأهب قصوى بعد إصرار جماعة أنصار الشريعة السلفية على عقد مؤتمرها السنوي في مدينة القيروانجنوب العاصمة، رغم قرار وزارة الداخلية منعه. وذكر شهود عيان أن الشرطة فرضت إجراءات أمنية مشددة على الطرقات المؤدية إلى مدينة القيروان لمنع المنتسبين لجماعة أنصار الشريعة من بلوغ المدينة. وفي العاصمة تونس سيرت قوات الأمن والجيش دوريات مكثفة، خصوصا في أحياء تعتبر معاقل لجماعة أنصار الشريعة التي يعتقد بارتباطها بتنظيم القاعدة وبأنها تطالب بإقامة ما تسميها دولة الخلافة الإسلامية. وتزامن ذلك مع إعلان وزارة الداخلية عن اعتقال سلفي وصفته بالمتشدّد في بلدة حفوز بمحافظة القيروان، وقالت إنها ضبطت بحوزته مسدسات وذخائر ووثائق لصنع متفجرات، وإنه كان يعتزم مهاجمة مقرات للأمن والجيش. تجنب المنطقة في غضون ذلك دعت سفارتا أميركا وألمانيا في تونس رعاياهما إلى عدم زيارة مدينة القيروان خلال هذه الفترة بسبب الأجواء المشحونة وحالة التوتر فيها. وحذرت السفارتان في بيانين منفصلين من إمكانية حدوث مصادمات بين قوات الأمن والجيش وتنظيم أنصار الشريعة. وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أصدرت قرارا منعت بموجبه تنظيم أنصار الشريعة من عقد ملتقاه السنوي الثالث في مدينة القيروان، وحذّرت من أنها ستواجه بالشدة اللازمة كل من يتحدى هذا القرار. وشددت في بيان وزعته مساء أمس على "أن كل من يتعمّد التطاول على الدولة وأجهزتها أو يسعى إلى بث الفوضى وزعزعة الاستقرار، أو يعمد إلى التحريض على العنف والكراهية، سيتحمل مسؤوليته كاملة". واتهمت تنظيم أنصار الشريعة بمخالفة القوانين المنظمة للتجمعات ولقانون الطوارئ، وذلك بإصراره على عقد مؤتمره في الساحات العامة بالمدينة "في تحدّ صارخ لمؤسسات الدولة وتحريض ضدها وتهديد للأمن العام". غير أن التنظيم تعهد بالمضي قدما في عقد ملتقاه وكثف الدعوات إليه عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي في تحد لقرار وزارة الداخلية، مما ساهم في ارتفاع حدة التوتر. ووصف التنظيم قوات الأمن والجيش بالطواغيت، مؤكدا أن القوى الأمنية شرعت منذ مساء أمس في إغلاق جميع منافذ مدينة القيروان، ومنعت أنصار هذا التنظيم من دخولها. وتخشى الأوساط السياسية التونسية اندلاع مواجهات عنيفة بين أنصار التيار السلفي الجهادي وقوات الأمن، بعد دعوة زعيم أنصار الشريعة سيف الله بن حسين -المعروف باسم أبو عياض- أنصاره مساء إلى "الثبات"، ووصف حكام البلاد "بالطواغيت المتسربلين بسربال الإسلام، والإسلام منهم براء". يذكر أن تونس تمكنت في الأشهر الماضية من تفكيك مجموعات قالت إنها على علاقة بتنظيم القاعدة، وصادرت مخبأ كبيرا للأسلحة في العاصمة هذا العام، كما تلاحق الشرطة والجيش عشرات المسلحين قرب الحدود الجزائرية.