شكل قرار إعلان الإعلامية فاطمة الإفريقي اعتزالها الكتابة حدثا وجب علينا وضعه في سياقه الطبيعي - بعيدا عن أسلوب تصفية الحسابات و التشفي و الاتهامات المجانية الذي عهدناه من بعض الإخوة الصحفيين - و الذي جاء ليدق ناقوس الخطر حول مستقبل الصحافة الوطنية في ظل الإجهاز الذي تتعرض له و التهديدات التي تلقاها العديد من الزملاء الصحفيين و التي وصلت حد الاعتداء الجسدي على البعض منهم دون أن تتحرك السلطة التنفيذية لحماية الجسم الصحفي من كل هذه الاستفزازات و التهديدات و المضايقات و الذي يطرح العديد من التساؤلات التي تحركنا جميعا لمساءلة وضعنا الإعلامي على ضوء هذه الوقائع التي تعددت و دفعت بزملاء لنا إلى التنحي جانبا و الرضوخ إلى هذه التهديدات حفاظا على سلامتهم الجسدية و سلامة عائلاتهم و النأي عن أية مواجهة غير محسوبة العواقب. لا شك أن المتتبع للحراك المغربي الذي سبق ربيعنا العربي بما له و ما عليه قد لاحظ الحركية الدائمة و المتواصلة التي شهدتها منظومتنا الإعلامية خاصة بعد بروز الصحافة الالكترونية كوافد جديد و التي اعتربت في حينها ثورة حقيقية و رقما مهما في المعادلة الإعلامية الوطنية رغم العراقيل التي اعترضتها سواء باسم القانون الذي لازال يراوح مكانه أو بمسميات عديدة و في غياب إطار تنظيمي قانوني للصحافة الالكترونية ، أخرجت البعض عن حالتهم الطبيعية لاستعمال أساليب رخيصة لكنها خطيرة، و كان متوقعا أن تخيف هذه الحركية الإعلامية البعض منا، لكن أن يتطور الأمر إلى حد تهديد صحفية أو مراسل صحفي بأوخم العواقب التي لن نتوقع نتائجها فهذا ما لا يجب السكوت عنه، لقد دعونا في أكثر من مناسبة إلى فسح المجال أمام الصحفي للقيام بدوره في رصد الاختلالات التي تعرفها العديد من مؤسسات الدولة التي ينخرها الفساد بكل تجلياته و الذي أصبح عنوانا كبيرا و معاشا يوميا في حياتنا السياسية ، الاقتصادية، الاجتماعية و الرياضية و الذي تعددت مظاهرة و أصبحت حديث العام و الخاص و موضوعا يوميا على صفحات الجرائد و المواقع الالكترونية لكننا اليوم مجبرين إلى الدعوة المستعجلة لحماية كل المنتسبين إلى الجسم الصحفي بما يضمن حريتهم في الخبر و الرصد و التحليل و بالأخص ضمان السلامة الجسدية للصحفي الذي لا يمكنه الاشتغال بمنطق التهديدات و الامتلاءات و المساومات التي بدأت تتسلل إلى الجسم الصحفي الوطني ، كما أن مسؤولية النقابة الوطنية للصحافة المغربية قائمة في هذا الشأن و عليها الخروج عن صمتها الذي يبقى غير مفهوما بالمرة .