جاء تشكيل الحكومة المصرية الجديدة بعد نحو شهر من تولي الرئيس الجديد محمد مرسي مهام الرئاسة، مما يعتبره المراقبون بداية فعلية لحكم مرسي ومؤشرا لانطلاق العمل الجاد لمواجهة جملة من التحديات، يبدو الوضع الأمني وغياب الانضباط المروري في موقع الصدارة منها لدى كثير من المصريين. وكان مرسي قد تحدث -خلال حملته الانتخابية- عن مشروع المائة يوم الأولى من حكمه، وجعل أولويته القصوى فيه استعادة الأمن وتنظيم المرور، لكن عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة -الذي ينتمي إليه الرئيس- أكد أن برنامج المائة يوم بدأ فعليا عقب تشكيل الحكومة وليس قبل ذلك، خاصة أن خطاب التكليف الرئاسي للحكومة تضمن الإشارة إلى الأولويات الخمس، وهي الأمن والمرور والنظافة والوقود ورغيف الخبز. ومنذ اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 ضد نظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، والمصريون يعانون حالات متفاوتة من الانفلات الأمني، بدأت بانسحاب مفاجئ لقوات الشرطة خلال أيام الثورة، ثم استمر التدهور الأمني في الفترة الانتقالية التي أدارها المجلس العسكري وشهدت ما اعتبره البعض تقصيرا يمكن تفهم أسبابه، ورآه آخرون غيابا مقصودا لإفشال الثورة ومعاقبة المصريين على القيام بها. التحدي الأكبر عضو الأمانة العامة للجمعية الوطنية للتغيير الكاتبة نور الهدى زكي قالت للجزيرة نت إنها تعتقد أن التحدي الأول والكبير أمام مرسي وحكومته يتعلق بوضع خطة لاستعادة الأمن في الشارع المصري، مضيفة أن تعاون المجلس العسكري سيكون له دور مؤثر في هذا الشأن، خاصة مع استمرار رئيس المجلس المشير محمد حسين طنطاوي في منصبه كوزير للدفاع. وتتفق الكاتبة مع ما ذهب إليه خبراء أمنيون من أن معالجة الملف الأمني تتطلب التحرك في أكثر من اتجاه، بينها ضرورة تحقيق سيادة القانون وتطبيقه على الجميع، بالتزامن مع تعميق الوعي الأمني لدى المواطن وحثه على مساعدة أجهزة الشرطة على استرداد ثقتها في نفسها. وبعد نجاح مرسي -الذي كان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين- في انتخابات الرئاسة على حساب الفريق أحمد شفيق أحد رموز نظام الرئيس المخلوع مبارك، عبر الكثيرون عن مخاوفهم من أن تسعى قيادات أمنية لعرقلة مساعي الرئيس الجديد لاستعادة الأمن، خاصة مع خوفهم من فقدان امتيازات كثيرة كانوا يحصلون عليها في عهد مبارك. ليس مستحيلا لكن القيادي في الحرية والعدالة أسامة ياسين -الذي تولى حقيبة الشباب في الوزارة الجديدة- قال للجزيرة نت إن محاولة بعض أجهزة الدولة تحدي الرئيس وحكومته أمر متوقع، لكنه أضاف أنه يعتقد ألا تسعى هذه الأجهزة ومن بينها الشرطة لإفشال الرئيس، خاصة أنه بدا متجها نحو المصالحة لا إلى الانتقام. ويعتقد ياسين أن إصلاح الشرطة وإعادتها للعمل بكامل الطاقة والكفاءة ليس أمرا مستحيلا، مؤكدا أنها كباقي أجهزة الدولة ليست كلها فاسدة، حيث توجد عناصر وطنية شريفة في مختلف القطاعات، وهو ما يمكن البناء عليه بالتوازي مع سياسة تجمع بين تحفيز العناصر البشرية عبر مكافأتها عند الإجادة وعقابها عند الخطأ. وبدوره يعتقد المحلل السياسي بشير عبد الفتاح أن الشرطة كبقية أجهزة الدولة لن تكون طيعة في بداية الأمر، لكنه يؤكد للجزيرة نت أن معالجة التدهور الأمني لن تكون صعبة على الرئيس وحكومته الجديدة إذا تحسنت العلاقات مع المجلس العسكري الذي يستطيع المساعدة بشكل كبير في هذا المجال. وزير جديد وشهدت الحكومة الجديدة تعيين وزير جديد للداخلية هو اللواء أحمد جمال الدين الذي كان مساعدا للوزير السابق اللواء محمد إبراهيم، كما تدرج في الوظائف بوزارة الداخلية وعمل مديرا للأمن ثم مديرا لمصلحة الأمن العام. وخلال اليومين الأولين من عمر الوزارة لاحظ المصريون تقدما في مجال وجود رجال الشرطة في شوارع المدن الرئيسية، خاصة فيما يتعلق بتنظيم المرور الذي مثل في الأشهر الماضية أحد أكبر الأزمات بالنسبة للمصريين، حيث أدى غياب عناصر الشرطة أو تراخيها إلى زحام خانق في معظم المحاور الرئيسية، فضلا عن حالة من الفوضى العارمة على الطرق. لكن المواطن المصري كريم أحمد -الذي التقت به الجزيرة نت- يؤكد أنه لاحظ تحسنا في انتشار قوات الشرطة والمرور خصوصا، دون أن يصحب ذلك تحسن في الأداء الإيجابي، وهو ما أرجعه أحد الضباط إلى الرغبة في العودة التدريجية والحرص على عدم استفزاز المواطنين خاصة في شهر رمضان الكريم. ** المصدر: الجزيرة