محتجون يتظاهرون ضد الاسد في سرمين قرب ادلب يوم الجمعة -رويترز حملت المشاهد المروعة للحزن والموت اللذين حلا بقرية سورية شهادة يوم الجمعة 13 يوليوز الجاري على مذبحة يقول معارضو الرئيس بشار الأسد إنها من فعل القوات الموالية له والميليشيات المتحالفة معها وأدت إلى تصريحات استهجان من العالم الخارجي. وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن الروايات بشأن هجوم الحكومة على قرية التريمسة تقدم "دليلا قاطعا على أن النظام قتل مدنيين أبرياء عمدا". وطالبت بالسماح للمراقبين الدوليين بدخول المنطقة. لكن في ظل عدم اتضاح كثير من الأمور بشأن ما حدث في قرية التريمسة حيث يقدر نشطون من المعارضة عدد القتلى بما يتراوح بين ما يزيد على 100 وما يزيد على 200 ومع انقسام القوى العالمية كما كانت دائما لم تكن الردود اكثر من مجرد بيانات. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون "أدين بأشد العبارات الممكنة الاستخدام العشوائي للمدفعية الثقيلة وقصف المناطق السكنية بما في ذلك بطائرات الهليكوبتر." واضاف "إنها أيضا تلقي بظلال خطيرة من الشك على تعبير الرئيس الأسد في الفترة الأخيرة عن التزامه بخطة النقاط الست في اجتماعه مع المبعوث الخاص المشترك" في إشارة إلى اجتماع الأسد مع المبعوث الدولي كوفي عنان في دمشق يوم الاثنين. وأدان عنان "الفظائع" في حين نشرت على مواقع الانترنت لقطات فيديو لم يتم التحقق منها تتضمن أدلة على سقوط قتلى وجرحى في الهجوم الذي وقع يوم الخميس على القرية في محافظة حماة المضطربة. وقال البيت الأبيض إن هذه "الفظائع" أفقدت الأسد شرعيته في قيادة البلاد. وقال عنان إنه مصدوم من "القتال العنيف وسقوط عدد كبير من القتلى والمصابين والاستخدام المؤكد للاسلحة الثقيلة مثل المدفعية والدبابات والهليكوبتر" في قرية التريمسة. وكتب عنان رسالة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واصفا المذبحة بأنها "دليل قاتم آخر على استمرار الاستهانة بقرارات المجلس" وحثه على معاقبة سوريا لرفضها الامتثال. لكن جهود القوى الكبرى في المجلس للإطاحة بالأسد من السلطة لا تزال تواجه اعتراضات من روسيا والصين. وقال نشط محلي يدعى أحمد لرويترز إن هناك 60 جثة بالمسجد تم التعرف على 20 منها. وأضاف "هناك جثث أخرى في الحقول وجثث في الأنهار وفي المنازل." ولا توجد رواية مستقلة بشأن المعركة التي وصفتها الحكومة بأنها مذبحة نفذتها "جماعات إرهابية". وقالت مصادر بالمعارضة إن نحو 220 شخصا معظمهم مدنيون قتلوا في قرية التريمسة حين قصفتها طائرات هليكوبتر ودبابات ثم اقتحمها رجال من قرى مجاورة فيما صورته المصادر بأنه هجوم طائفي على السنة من قبل العلويين الذين ينتمي إليهم الأسد. وقال آخرون إن عدد قتلى هجوم يوم الخميس ربما كان أقل لكن من المؤكد أنه يزيد على 100 قتيل مما يجعل هجوم التريمسة احد أسوأ الفظائع في الانتفاضة المستمرة منذ 17 شهرا. وقال التلفزيون السوري الرسمي إن قتالا اندلع في التريمسة واتهم "مجموعات ارهابية مسلحة" بارتكاب مذبحة هناك لكنه لم يذكر عددا للقتلى. وقال مقاتلون من المعارضة أيضا إن معركة وقعت وأكد ممثل عسكري للأمم المتحدة ذلك. وحاول مراقبو الأممالمتحدة في سوريا الوصول إلى الموقع يوم الجمعة لكنهم قالوا في تقرير لمكتبهم في جنيف إن استمرار عملية للقوات الجوية السورية في المنطقة تستهدف مناطق سكانية حضرية منعهم. لكن مقاطع فيديو نشرتها المعارضة على موقع يوتيوب قدمت أدلة على أن عشرات قتلوا في أعمال عنف. وأظهر مقطع نشر على الانترنت جثث 15 شابا مغطاة بالدماء. وكان معظمهم يرتدون قمصانا وسراويل من الجينز. ولم يظهر في اللقطات نساء أو أطفال. وأظهرت لقطات فيديو أخرى صفوفا من الجثث ملفوفة في أغطية وأكفان والدم يسيل من بعضها. ورفع رجل غطاء ليكشف عن جثة متفحمة. ووضع رجال الجثث في خندق لدفنها. وجرى تجميع الجثث وتجهيزها للدفن في مسجد مملوء بنساء منتحبات ورجال مذهولين. وسار أطفال بحذر شديد بين الجثث التي ملأت الأرضية. وقال البيت الأبيض يوم الجمعة إن "الفظائع" الجديدة التي ترتكبها قوات الأسد يجب أن تبدد أي شك بشأن الحاجة لرد دولي منسق بالأممالمتحدة. وقال متحدث إن الأسد فقد شرعيته في قيادة البلاد من خلال "أعمال العنف المتكررة ضد الشعب السوري". وحث الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند روسيا والصين يوم على تغيير موقفيهما من الأزمة السورية ودعم تحرك الأممالمتحدة نحو فرض عقوبات أشد على حكومة الأسد. وقال الرئيس الفرنسي للصحفيين "إذا كنا نرى الناس يموتون يوميا فإن هذا يعود الى أن النظام قرر استخدام القوة لسحق شعبه." وتابع أولوند على هامش احتفال عسكري في باريس "لكي أكون واضحا فإن ما أقوله لروسيا والصين هو انه من خلال التقاعس عن القيام بشيء يسمح لنا بالمضي قدما نحو فرض عقوبات أشد (فإنهما تسمحان) باستمرار الحرب والفوضى في سوريا مما يضر بمصالحهما." وقال وليام هيج وزير الخارجية البريطاني إن التقارير بشأن المذبحة جديرة بالثقة وتتطلب ردا من المجتمع الدولي. وقال هيج إنه لا بد من وصول مراقبي الأممالمتحدة إلى التريمسة بسرعة لمعرفة ما حدث ويجب أن يوافق مجلس الأمن الدولي على قرار بموجب الفصل السابع مزودا بآليات تمكن من فرض عقوبات إذا تقاعس الأسد عن الوفاء بتعهدات قدمها بموجب خطة عنان للسلام بسحب قواته من المناطق السكنية. ويتيح الفصل السابع للأمم المتحدة اتخاذ إجراء يتراوح بين فرض عقوبات والتدخل العسكري. لكن روسيا والصين استخدمتا حقهما في النقض (الفيتو) حتى الآن للحيلولة دون صدور مثل هذا القرار. وكتب عنان لمجلس الأمن "مما يدعو للأسى .. لدينا الآن دليل قاتم آخر على استمرار الاستهانة بقرارات المجلس." وأضاف مذكرا بطلبه بأن تواجه سوريا عواقب عدم الامتثال "هذا لازم ولا يمكن أن يكون أكثر إلحاحا من الآن في ضوء تطورات الأحداث." ودعت روسيا التي ستستضيف عنان لاجراء محادثات الاسبوع القادم إلى إجراء تحقيق فيما وقع في التريمسة. وقالت وزارة الخارجية الروسية "ليس لدينا شك في أن هذا الاعتداء يخدم مصلحة تلك القوى التي لا تسعى للسلام وإنما تسعى بشكل حثيث لنشر بذور الصراع الطائفي والأهلي على الأرض السورية." وقال مجلس قيادة الثورة في حماة إن ما حدث في التريمسة حالة تطهير عرقي. وتقع القرية السنية في أرض زراعية مستوية. وعزلت حواجز يقيمها الجيش على الطرق القرية على مدى ستة أشهر. والقرية محاطة بستة قرى يسكنها علويون على قمم تلال. وقال مجلس قيادة الثورة إن الشبيحة الذين نفذوا عملية التطهير جاءوا من هذه القرى. وقال في تقرير إن 200 حافلة وشاحنات تابعة للجيش ودبابات وعربات مدرعة أخرى حاصرت البلدة في الصباح وشوهدت خمس طائرات هليكوبتر عند بدء القصف. وهرع مسلحون معارضون من المناطق القريبة للدفاع عن القرية واستمرت المعركة التي نشبت سبع ساعات. وبعد أن هدأ القتال جرى انتشال 150 جثة على الأقل من بين الأنقاض ومن المزارع المحيطة ومن نهر العاصي. وقال التقرير إن 40 شخصا أعدموا بدون محاكمة في حين أحرقت 30 جثة لدرجة يصعب معها التعرف على أصحابها. وأضاف أن أفراد ثلاث عائلات عذبوا حتى الموت. وقال رئيس بعثة المراقبة التابعة للامم المتحدة الجنرال روبرت مود "نؤكد وقوع قتال استمر لفترة امس في منطقة التريمسة. شاركت في ذلك وحدات ميكانيكية ونيران غير مباشرة وطائرات هليكوبتر." وأضاف أن مراقبي الاممالمتحدة مستعدون "للذهاب وتقصي الحقائق متى يكون هناك وقف موثوق به لإطلاق النيران". وقد يكون لصور المذبحة تأثير قوي على الرأي العام في وقت وصلت فيه القوى العالمية إلى طريق مسدود بشأن كيفية وقف إراقة الدماء حيث تعارض موسكو وبكين دعوات من دول غربية وعربية لتنحي الأسد على الفور. ووقعت مذبحة التريمسة في وقت بدأ فيه مجلس الأمن الدولي التفاوض بشأن مشروع قرار جديد محتمل بخصوص سوريا. وقالت واشنطن ان ما حدث يظهر ضرورة القيام بتحرك اكثر صرامة لكن روسيا استبعدت مجددا مثل هذه الخطوة. وتعقد اجتماعات أخرى يوم الجمعة في نيويورك. وفي يونيو حزيران احتاج مراقبو الاممالمتحدة الى يومين ليصلوا الى موقع مذبحة مزعومة في قرية مزرعة القبير حيث قتل 78 شخصا. وقبل ذلك بأسبوعين أنكرت الحكومة السورية المسؤولية عن مذبحة قتل فيها 108 من الرجال والنساء والأطفال في بلدة الحولة في 25 مايو أيار. وأفاد تقرير للأمم المتحدة أن غالبية القتلى اعدموا. ورغم التفاوت الكبير في التسليح وقوة النيران بين مقاتلي المعارضة والقوات السورية إلا ان المسلحين استطاعوا ترسيخ أقدامهم في بلدات وقرى بل وفي مدن في أنحاء سوريا مما دفع قوات الأسد إلى ضربهم بأسلحة ثقيلة. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض إن اكثر من 150 شخصا قتلوا يوم الخميس في التريمسة وفي أنحاء أخرى من محافظة حماة سقط اغلبهم في مذبحة التريمسة. وأعد المرصد قائمة باسماء 100 من القتلى منهم عشرات من مقاتلي المعارضة. وقال إن اكثر من 30 من القتلى أحرقوا تماما وقتل البعض بهراوات ومدي. وقال نشطاء إن فلسطينيين اثنين على الأقل قتلا يوم الجمعة عندما فتحت قوات الأمن السورية النار على احتجاجات مناهضة للأسد في مخيم اليرموك للاجئين في دمشق. وقال محللون بعد انشقاق شخصيتين بارزتين في الأسبوع الماضي أحدهما مقرب من الأسد والآخر دبلوماسي كبير إن التصدعات بدأت تظهر في الزمرة الحاكمة المحيطة بالأسد.