شهد القطاع الإعلامي في تونس ظهور عشرات المواقع الإلكترونية الإخبارية التي تحاول أن تجاري سرعة ما يحدث على الساحة السياسية، بيد أن هذه المواقع خلقت عبئا جديدا على قطاع الإعلام بعد الثورة، والذي يبحث عن الإصلاح في مجمله. ووفق عدد من المتابعين لأداء المواقع الإخبارية الجديدة في تونس، لا تلتزم هذه المواقع الوليدة بخصائص الصحافة الإلكترونية من ناحية الشكل والمضمون، مؤكدين عدم احترام عدد منها لأخلاقيات المهنة الصحفية، الأمر الذي قد يزيد القطاع مشاكل أخرى هو في غنى عنها. وقال الأستاذ المختص في الصحافة الإلكترونية بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار نوري اللجمي للجزيرة نت إن "هذه المواقع فيها الغث والسمين، فبعضها جدي والآخر غير جدي"، موضحا أن بعضها "ينشر أخبارا مقتضبة يغيب عنها التحري، وبالتالي الاحترام لأخلاقيات المهنة الصحفية". وأضاف اللجمي أن "الكتابة الصحفية للإنترنت لا تكاد تطبق في هذه المواقع بصفة عامة، إذ يغيب النص الفائق واستخدامات الملتميديا وغيرها"، لافتا إلى أن "كل الوسائل العصرية التقنية تكاد تكون غائبة كليا عن المواقع الإلكترونية في تونس للأسف الشديد". غياب المهنية وفي تقييمه للمضمون المنشور على هذه المواقع، يرى اللجمي أنه لا يقدم الإضافة المتميزة عن وسائل الإعلام الأخرى، فبعض الأخبار تبدو فارغة ولا يتم العمل على إضافة المستجدات إليها". ويتفق الأستاذ المختص في الصحافة الإلكترونية بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار وليد الحيوني مع اللجمي، حيث يرى أن "المضمون لا يخضع للمعايير التقنية والمهنية ولمقاييس الكتابة للإنترنت"، فضلا عن غياب جميع الأشكال الصحفية الأخرى، أي التحقيقات والصور والتقارير ومقالات الرأي. وأشار في سياق تصريحاته إلى أن الجانب الأخطر هو "عدم احترام أخلاقيات المهنة الصحفية، دون أن ينكر أن جزءا من حالة الاحتقان الحاصلة سببها أداء الإعلام. وصرح الحيوني للجزيرة نت أن هناك فقط بعض "الاستثناءات التي يمكن تصنيفها ضمن الصحافة الإلكترونية في تونس"، مضيفا أن "التجارب الأخرى تجارب مبتدئة جدا وهدفها الظهور في الحقل الإعلامي فقط" فرصة من جانبه يرى المدير المسؤول لموقع "الجريدة التونسية" نور الدين بن تيشة أن موقعه الذي "يقدم نوعا جديد من الصحافة الإلكترونية"، نجح منذ انطلاقته في يونيو/حزيران الماضي في نشر العديد من الأخبار ذات المصداقية، رغم "وجود محاولات للتشكيك في ذلك". وأضاف أن هدفه من إنشاء الموقع "إعطاء الصحفيين الشبان الفرصة، وممارسة المهنة بكل حرية"، فضلا عن "إظهار أنه بالإمكان تقديم مضمون صحفي مستقل وغير تابع لأي تيار". ولم ينف بن تيشة نشر موقعه أخبارا غير صحيحة، موضحا أنها كانت قليلة منذ انطلاق الموقع ولم تتجاوز ثلاثة أخبار، معتبرا أن مسألة التشكيك في الأخبار التي ينشرها موقعه هي حملة ظاهرة وتخص صاحب موقع "الجريدة التونسية". من جهته يرى إبراهيم جعوان وهو أحد مؤسسي موقع "تونس نيوز" الذي تم إطلاقه في يوليو/تموز الماضي، أن "عددا من القائمين على المواقع يبحثون عن الشهرة أكثر من أي شيء آخر"، إلا أنه لم ينف أن الشق الآخر "يبحث عن الخبر ويتحرى صحته قبل نشره". وقال جعوان للجزيرة نت إن "هناك عددا من الشائعات والأخبار المغلوطة التي يتم نشرها أحيانا عن قصد ليزيد عدد متصفحي الموقع". واعترف أن الموقع الذي شارك في تأسيسه نشر عمدا شائعة الاعتداء على بلحسن الطرابلسي شقيق زوجة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، بهدف "إعطاء درس للمواقع التي تنقل الأخبار دون ذكر المصدر"، مضيفا أن الحصول على سبق صحفي أوقع كثيرا من الصحفيين في "فخ الأخبار الزائفة".