ما يناهز الستون سنة دعوة وجهادا في صفوف الاخوان المسلمين .. ما يناهز الاثنان والاربعون سنة هجرة قصرية ..صراع طويل ومحفوف بالاخطار مع الأسد الاب والاسد الإبن، رواد الدكتاتورية المنظمة والإجرام السياسي في المنطقة بأسرها.. نائب مبكر للمراقب العام للإخوان المسلمين بسوريا ومراقبا عاما في سنة 1996. سجين سياسي سابق .. أحد وجوه الثورة السورية الحالية التي تزحف رغم كثرة الشهداء نحو تحقيق اهدافها.. هذه المقدمة ستقودنا تماما الى الأستاذ البيانوني الذي نلتقيه لنسلط معه الأضواء على آخر مستجدات الساحة السورية وثورتها المباركة. فمرحبا بضيفنا القدير الأستاذ علي صدر الدين البيانوني. بوصفك الأقدر، هل لك توصف لنا أسباب عناد بشار الأسد وتمسكه بالسلطة رغم الذي حصل لأمثاله؟ وهل يعتقد انه بإمكانه البقاء بعد كل الذي حصل؟. الأستاذ علي البيانوني: بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية لا بد أن نعرف أن العوامل الموجودة في تونس ومصر وليبيا والتي تسببت في الثورة موجودة في سوريا وبأضعاف مضاعفة، إنما كان يحول دونها حالة الرعب التي زرعها النظام في قلوب السوريين لأكثر من اربعة عقود। لقد كان النظام في سوريا يعتقد أنه في منأى عن الثورات لأن اسلوب القمع الكبير الذي يحكم به البلاد سيحميه من كل الاهتزازات وأنه قادرعلى خمد أي ثورة، وقد صرح الأسد من قبل إلى مجلة أمريكية ان سوريا لا يمكن أن تحدث فيها ثورة، كما قال أن الاصلاح في سوريا يحتاج الى وقت طويل ربما الى جيل قادم، وبهذا فهو لا يفكر بالإصلاح। وبهذا نقول أن الثورة أتت نتيجة الاستبداد والطغيان وانتهاك الحرمات وأتت بطريقة عفوية، وتبين للجميع أنها في تقدم مستمر وأن القمع لم يعد يجدي لأن الشعب نفض عنه الخوف، والدليل على ذلك أن المدن والبلدات التي سقط فيها ضحايا أكثر وتعرضت إلى حصار وهجومات أكبر مازالت مصرة على التصدي والصمود ومستمرة في الثورة حتى بعد تزايد اعداد الشهداء الذي تجاوز الخمسة آلاف شهيد، وأخيرا أقول أن هؤلاء الحكام لم يتعضوا بمن سبقهم، ولم يقرؤوا التاريخ وبالتالي فإن مصيرهم سيكون من جنس من سبقهم، والنظام السوري أصبح في حكم الساقط، وموضوع سقوط النظام موضوع وقت لا غير. يبدو أن سلطة الاسد قادمة على مذبحة اكبر بكثير من التي نشاهدها يوميا، فما المطلوب من الدول العربية والمجتمع الدولي حتى نتلافى ذلك؟ بعد مضي ما يقارب الثمانية أشهر على ثورة الشعب السوري، أقول مع الأسف يبدو أن الكثير من الأنظمة الدولية والعربية كانت تراهن على قدرة النظام في إخماد الثورة، فقد أعطوه الفرصة تلو الفرصة، وبعد أن ثبت للجميع أن هذه الثورة لا يمكن إخمادها حتى تحقق أهدافها مهما غلت التضحيات، سار هناك تحول في المواقف العربية والدولية لكن لم ترتقي إلى المستوى المطلوب، ومن أسابيع قليلة قفز الموقف العربي قفزة جيدة والتي تجلت في شبه إجماع عن وقف العنف وسحب المظاهر المسلحة وإطلاق سراح المعتقلين والسماح للمراقبين العرب والدوليين بالدخول، وبعد أن رفض النظام السوري القرارات الصادرة عن المجموعة العربية، جاء موقفهم الحازم والذي فرضوا بموجبه عقوبات اقتصادية على النظام، ورغم كل ذلك فاعتقد انه لابد من موقف اكثر حزما و من سحب السفراء و من الاعتراف بالمعارضة كممثل شرعي للشعب السوري لابد ان يشعر النظام انه معزولا اقتصاديا وسياسيا وعربيا ودوليا ايضا. . المتابع للأحداث بتونس وليبيا والمغرب ومصر يلاحظ تخوفا كبيرا من وجود جماعة الإخوان في العملية السياسية، فهل لامست ذلك في المجلس الوطني السوري؟ . هذه الفزاعة كان يطلقها الحكام المستبدون وأنا أعتقد ان هذه الفزاعة سقطت ولم تعد تنفع، لا سيما بعد أن أثبت الاسلاميون أن حضورهم في الشارع العربي هو الأكثر وهو الأقوى وأن الشعوب العربية تميل إلى التدين، وباعتبار أن الإخوان المسلمين يحملون الفهم الوسطي للاسلام فإنهم يجدون قبولا عند الناس، وتاريخ الإخوان المسلمين وواقعهم ووثائقهم تؤكد أنه لا أساس لهذه المخاوف، ونحن في سوريا كانت لنا سابقا تجارب سياسية ناجحة فقد خضنا انتخابات وكانت لدينا علاقات مع العلويين والمسيحيين وغيرهم هذا بالنسبة للتاريخ، أما الوثائق الحالية فلدينا ميثاق الشرف الوطني الذي طرحناه عام 2001 نؤكد فيه على الدولة المدنية وعلى مبدأ المواطنة كأساس للعلاقة بين مكونات الشعب وعلى أساس الحقوق والواجبات، وأن المكونات الاخرى غير العربية وغير الاسلامية لها الحق في أن تعبر عن خصوصياتها في اطار الدستور وفي اطار القانون، كما أن مشروعنا السياسي الذي أصدرناه في عام 2004 يؤكد على هذه المعاني، يؤكد على بناء سوريا لكل أبنائها، ونحن نعتقد أن قيم الحرية والعدالة والمساوات هي في الأصل قيم إسلامية، كما نؤكد أننا لن نفرض رأينا على أحد وأننا نحتكم إلى صندوق الاقتراع، لن نحتكر ولن نقصي أحدا، نحن نعمل لأن تكون سوريا لكل ابنائها। يُعَوِّل النظام السوري على بقائه بأنه يلعب دورا محوريا في موازين القوة في المنطقة، فما قولك في ذلك؟ لقد كان النظام السوري يلعب في الماضي على التناقضات الدولية والإقليمية والعربية لكن هذا الوضع تغير كما تغير الزمن، وأعتقد ان هذه اللعبة أصبحت مكشوفة ولم يعد ينفع شئ طالما لم تكن الجبهة الداخلية متماسكة ॥هذه السياسة لم تعد مجدية فقد مضى عهد الحزب الواحد، مضى عهد الدكتاتوريات، ومضى عهد النظم الحكومية، وما يوجد الآن في سوريا هو فجوة كبيرة بين الشعب وبين النظام। لكن التخوف من اللعبة السياسية التي تُنسج خيوطها لا زال قائما إذا تفاعل معه المحيط بطريقة غير أخلاقية!!! سياسة النظام السوري لا تقوم على المصداقية فهو الذي يدعي أنه يحمل لواء المقاومة وهذه للمتاجرة، وكان يعتقد انها ستحميه من الثورة في الداخل ، اولا هذا ادعاء غير صحيح فاين الممناعة والمقاومة من الجولان المحتل ، لماذا لا يسمح باطلاق رصاصة واحدة عبر جبهة الجولان، وليس خافيا على احد ان اسرائيل تخاف من زوال النظام وهناك تصريحات تعبر عن ذلك. وهذا النظام الذي يزايد على غيره اليس هو الذي اخترقت اجوائه طائرات العدو العديد من المرات وضربت مواقعه الاستراتيجية من قبلها، الم يحلق الطيران فوق قصره بالذات ولم يحرك ساكنا ..هذا الكلام لم يعد ينطلي على احد. فالمقاومة ليست شعارات إنما هي عمل وإعداد لذلك فاللعب على الورقة اللبنانية والورقة الفلسطينية والورقة العراقية..لم يعد ينفع أمام الإصرار السوري على نيل الحرية، وقد انكشفت أوراق النظام امام الجميع ولم يعد معه إلا ايران وحزب الله. تعيش مصر هذه الأيام أجواء الانتخابات البرلمانية، بعد نجاح الشقيقة تونس في الانتخابات، إلى أي مدى ينعكس هذا على الثورة السورية بالداخل؟ لا شك ان أي خطوة ايجابية من الدول التي نجحت ثوراتها وأنجزت الكثير على أرض الواقع سيكون عاملا إيجابيا على الثورة السورية، ونجاح الانتخابات في تونس وفي مصر لا شك أنه سيزيد من إصرار الشعب السوري على الثبات، ونجاح الثورة الليبية كذلك واستقرار الوضع فيها سيعطي أيضا الشعب السوري المزيد من الاطمنئان والمزيد من الثقة بأن هذا هو الطريق الصحيح ، لذلك نحن نتمنى أن تنجح هذه الانجازات الحضارية الديموقراطية في مصر الشقيقة وفي تونس وفي ليبيا। كلمة أخيرة أقول للمترددين من أبناء الشعب السوري أوالمترددين في الخارج في الوقوف مع الشعب، أن هذا الشعب عرف طريقه وهو ماض فيه وهو باذن الله سيصل إلى غايته، لذلك أنا أرجو وأتمنى على هؤلاء المترددين والمتريثين والمتوقفين أن يبادروا بالالتحاق بركب الثورة –إذا كانوا بالداخل- لانه كلما زاد عدد المشاركين كلما اختصرنا الطريق. ولا يجوز أن تبقى بعض المدن الكبيرة حتى الآن مترددة او متوقفة أو متفرجة لا يجوز ذلك، لأن هذا سيزيد من معانات الثوار ومن معانات الشعب السوري وسيرفع عدد التضحيات وأعداد الشهداء. وموقف هؤلاء المترددين ووضعهم من شأنه ان يعجل بإنجاز الثورة اذا هم تحركوا، كما من شانه إطالتها اذا بقوا على حالهم في وضع المتفرج. وأتمنى من الله أن لا يكونوا سببا في تأخير انتصار إخوانهم. اما في الخارج فبعد أن انكشف أمر النظام السوري لم يعد من المعقول التراخي في نصرة هذا الشعب لأن مصالحهم ليست مع النظام الزائل بل هي مع الشعب السوري. والتاريخ قد أثبت أن مثل هذه الدكتاتوريات إلى زوال والبقاء هو للاصلح والبقاء هو للشعب. . شكرا لاستاذنا البيانوني على هذا الحوار وهذه المستجدات، على امل ان يجمعنا لقاء آخر قريبا بالشام الحبيب وربما في فناء المسجد الاموي حينها تكون سحائب الثورة قد حطت رحالها وسحب الطاغية قد انقشعت عن سوريا إلى الابد. .