يعد اللباس التقليدي أحد المقومات اللازمة لتشييد حضارة ما؛ فهو أداة لتعريف الأمم ورمز يميزها عن باقي الشعوب وتفردها. ويعتبر القفطان و الجلابة و التكشيطة بالنسبة للنساء و كذا الجلباب و العمامة و البلغة و الشاشية بالنسبة للرجال، من أحد الرموز الثقافية التي يتميز بها المغرب. وعلى الرغم من تميز المغرب بهذا اللباس التقليدي عن غيره من البلدان لما يحمله من دلالات إلا أنه أصبح موسميا، وذلك يظهر جليا في المناسبات الدينية والعائلية وكذا الأعراس. وقد يختلف الزي الشعبي باختلاف المنطقة أو المدينة،حيث نرى اختلافا في الثوب و"الموديل" والتطريز و الخياطة غبر أن رمزيتها و دلالاتها توحد المغرب. ومن أجل الوقوف عند حقيقة تحول الزي التقليدي الأصيل إلى زي مناسباتي فقط، قامت "نون بريس"، بجولة بمحلات الألبسة التقليدية. وفي هذا الصدد كشفت "هدى" إحدى العاملات بمتجر للألبسة التقليدية، أن هناك تهافتا أجنبيا على اللباس التقليدي حيث تعرف محلات الألبسة التقليدية إقبالا كبيرا من طرف السياح الأجانب طيلة السنة، إذ يحرصون على شراء أزياء تقليدية أصيلة لا تحتوي على لمسة عصرية من أجل الظفر بذكرى أو هدايا تقليدية لأسرهم من المملكة. ومن جهة أخرى، أوضحت هدى أن المغاربة يقبلون على الألبسة التقليدية في الأعياد والمناسبات فقط، مشيرة إلى أن شريحة كبيرة من النساء و الرجال يتوافدن بشكل كبير على المحل خلال المناسبات الدينية و الأفراح،أما بقية الأيام فتعرف عزوفا كبيرا من قبل المغاربة. أما عبد المجيد وهو صاحب أحد محلات الألبسة التقليدية الخاصة بالرجال وسط مدينة البيضاء، فقد أكد أن الرجال المغاربة لا يقتنون الملابس التقليدية إلا في المناسبات الدينية و الخاصة فقط ، في مقابل إقبالهم بشكل كبير على الأزياء العصرية، متابعا حديثه بأسى "إنه بغزو منتوجات الملابس الغربية للأسواق اختفت كل مظاهر الخصوصية المغربية و اندثرت كل الملامح التي تدل على أصالتنا و هويتنا الضاربة منذ القدم، فبعكس ما كان في السابق حينما كنا نرى نماذج متشابهة لأجدادنا بألبستهم التقليدية الأصيلة أصبحنا و للأسف نرى اليوم نماذج مقلدة لمشاهير بألبستهم العصرية البعيدة عن ثقافتنا و الفاقدة لكل خصوصية مغربية". وترى خديجة وهي ربة بيت في عقدها السادس، أن اللباس التقليدي المغربي تغير مع الزمن فالنساء في السابق كنّ أكثر حشمة ووقارا في لباسهن وأخلاقهن على عكس اللباس الذي أصبح يطلق عليه أنه تقليدي بالرغم من أنه يفتقد لكل مقومات الأصالة و التقاليد المغربية. وأضافت المتحدثة ذاتها قائلة "ففي زماننا كانت النسوة ترتدين اللثام و الجلباب كرمز للحشمة و الوقار التي كانت تقتضي ستر المرأة لجسدها ووجهها عند الخروج من المنزل، أما الآن فقد هيمن اللباس العصري على تقاليدنا و عصرنا حتى غدا اللباس التقليدي الأصيل دخيلا على ثقافتنا". وأكد عبد الواحد الذهبي الباحث في التراث الجبلي، في تصريح ل"نون بريس"، أن الأزياء التقليدية تبقى ألبسة مناسباتية، فقد نرى النساء يلبسن ألبسة تقليدية صالحة للدوام اليومي كالجلباب بخياطة عادية وخفيفة تليق بهن، إلا أن المناسبات العامة أو الخاصة هي التي ترتدي فيها النساء و الرجال لباسا تقليديا أصيلا يرمز إلى حمولة معينة، بمعنى أن المناسبات هي التي تظهر الظاهرة.