يا بن الخطاب خطاك تهل .. وتشرق في ثغر الشام.. ها أنت.. تجئ... على كفيك موازين الحب وأشواق سلام ... هل جاعت شاة ... "أو ضاعت أمم" في أطراف الشام... ... فجئت تغذيها أمنا... وحبورا... ووئام ؟ يا بن الخطاب... ... الخطب الآن يخط خرائطه حاخام الأنصاب يعلن أن خطاب العصر... مداهمة الإرهاب!!! ... سلم كل مفاتيح بلادك... واستسلم... وافتح كل الأبواب!!! ارفع رايتك البيضاء ... وسلم... تسلم من أي عقاب فحماية أرضك.. عرضك.. حقلك.. طفلك… ... تدمير ونذير خراب!!! يا بن الخطاب.. هذى عهدتك العمرية تسكنها أطياف الشهداء... ... ترفرف فوق دماء المحراب!!! وأبو لؤلوة العصري.. على كفيه الرمح النووي… ... وفي سرداب " البيت الأبيض " يجمع رهط الأحزاب يعلن في صلف ترسيم حدود آمنة... تتعلق في أهداب الدرع الواقي ووراء جدار ذرى يحكم قبضته ...... حول هوية شعب في الجب يمور .. وفى تيه الأنفاق !! يا بن الخطاب .. ... العهدة ما زالت إشعاع إباء وأمان تسكن نبض خلايانا تتساقط أنجمها شهبا... تتخلق في كينونتنا ... تبعث أشلاء ضحايانا... !!! تتشظى أحرفها... تتناثر فوق رماد بقايانا !!! العهدة يا بن الخطاب بكل مدارات الأجيال ... شموس أمان يسرق دورتها الآن... يطفئ .. بالأحلاف توهجها.. كل لصوص الرومان أسروا التاريخ... أبادوا أصداء حروف وصاياك!!! وضعوا الألغام بشريان الكلمات لكن أطفال جنين.. عذارى القدس... دماؤهم تنبت فيها الرايات تحصد حروف العهدة.. تورق.. تثمر أطفالا.. أحزمة ناسفة، وحكايات!!! إيلياء.. القدس.. الأقصى.. رام الله.. أطفال فلسطين.. يعيدون إلينا وجه رجولتنا... يحيون بأطلسنا ومجالسنا تاريخا مات !!! يعتبر الدكتور صابر عبد الدايم يونس من الأدباء و الشعراء و النقاد التي زخرت بهم مصر في عصرنا الحالي، لما قدمه من دواوين شعرية وإصدارات أدبية أغنى بها الساحة الأدبية المصرية، ومن أبرز أشعاره قراءته العصرية للعهدة العمرية، لما فيها من حكم وعبر، تلاشت في وقتنا الحالي واندثرت، فأراد أن يبرز لنا من خلالها القيمة الحقيقية للوفاء بالعهد خصوصا في عصر الصحابة رضوان الله عليهم ،ضاربا لنا بذلك مثالا للصحابي الجليل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، الذي اتسم بصفات عدة و من بينها الوقار و العدل و التضحية في سبيل الله والدفاع عن الإسلام وعن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في السراء و الضراء ، و جاءت هذه القصيدة لتجسد لنا الصفات التي اتصف بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الوفاء بالعهد من خلال الحدث العظيم الذي عرفه المسلمون أثناء فتحهم للبيت المقدس، فعاهد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه سكان أهل بيت المقدس على عدم تعرضهم للأذية أو القتل أو التهجير أو الاضطهاد ، بل على العكس عاهدهم بالحماية و هذه سمة الإسلام السمحة التي رباهم عليها نبي الأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وبناء على توجيهات ربانية، قام الصحابة بتطبيقها بحذافيرها ،وقد كشفت مصادر في هذا الصدد أن سيدنا عمر ابن الخطاب رضي اله عنه عندما كان معسكرا في الجابية، وصل رسل صفر ونيوس أسقف بيت المقدس، كي يتموا الصلح معه، فصالحهم على صلح دمشق، و أكثر من ذلك لقد أعطى لأهل إيليا سكان القدس أنداك أمانا لأنفسهم وأولادهم و أموالهم ولكنائسهم ولتعاليمهم الدينية بأن لا تمس أو تنتهك ، هذا كله لسماحة الإسلام وما جاء به الإسلام من عدل و إنصاف حتى ولو كان العدو من ديانة أخرى ، بشرط واحد شرطه عمر ابن الخطاب على أهل إيليا بأن يقدموا الجزية التي أوصى الإسلام بها إلى المسلمين، حتى يعيشوا في بيت المقدس مع المسلمين جنبا إلى جنب. فهل عرفت البشرية على وجه الأرض مثل هذا التسامح الذي جاء به الإسلام وطبقه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأين منه نحن اليوم من معاملة الغزاة المحتلين لبيت المقدس وللشعب الفلسطيني المضطهد والمنكوب والمغتصب في أرضه ،على الرغم من المواثيق و العهود الدولية التي تدعي حمايتها لحقوق الإنسان ، أين هي هذه الحماية في ضل التهجير الذي يتعرض له الشعب المحتل، من ظلم وقتل في صفوف أبنائه و أطفاله و نسائه ومشايخه، وهدم لدوره ومساكنه ومساجده ومدارسه وعمرانه، شتان ما بين المعاهدة التي جاء بها الصحابي الجليل عمر ابن الخطاب، وما جاء به المستعمر الدولي من قتل وسلب ونهب للحقوق الضعيفة والمهضومة لشعب محتصر، لكنه لن ينكسر ولن يهزم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهذا ما وضحه الشاعر في آخر القصيدة، بقوله على أن أطفال فلسطين سيصبحون شبابا ورجالا و سيقفون يدا واحدة في وجه المحتل إلى أن يتم تحرير الأراضي الفلسطينية من يد المستعمر الدولي والصهيوني معا.