رغم توجه الإعلام والرأي العام العالمي نحو التهويل والتضخيم من حادث إسقاط سلاح الجو التركي لطائرة "سوخوي" الروسية التي انتهكت الأجواء التركية ، ورغم التصريحات الروسية الساخنة والمتوترةّ، إلا أن أن تركيا تبدو غير مرتبكة ولا قلقة بعد هذه الحادثة . ويكمن سر الهدوء التركي في التعاطي مع الأزمة التي خلفتها إسقاط الطائرة الروسية في كون القادة الأتراك يدركون أن هناك الكثير من أوراق القوة بيد تركيا تجعل من روسيا تفكر ألف مرة قبل الإقدام على أي خطوة تصعيدية ضد تركيا وهذه أبرز الأسلحة الاستراتيجية بيد تركيا التي يمكن استخدامها في الزمان الذي تشاء: الممرات المائية الدولية: يعتبر مضيقا البسفور والدردنيل اللذان تمتلكهما وتتحكم بهما تركيا أحد أهم الأسلحة الاستراتيجية التي تمتلكها تركيا والتي تستطيع أن تحجب أي من الدول المطلة على البحر الأسود، بما فيها روسيا من التواصل مع العالم بحريا، حيث أن أي سفينة ترغب بالإبحار من وإلى البحر الأسود لا بد أن تحصل على إذن مسبق من تركيا، وأن تدفع الرسوم التي تفرضها أنقرة. صنع السلاح الذاتي: تختلف تركيا عن باقي الدول النامية في أنها ليست مجرد مستورد للسلاح من الخارج، بل قطعت تركيا شوطا طويلا على صعيد الصناعات العسكرية، بل أنها تعتبر من المصدّرين الأساسيين للسلاح للعالم العربي والخليجي، فتمكنت تركيا من صناعة طائراتها ودباباتها وبنادقها وصواريخها بنفسها، حتى وإن استوردت بعض السلاح من الخارج، لذلك لا يمكن ابتزاز تركيا بورقة السلاح كما هو الحال عند من لا ينتج حتى رغيف خبزه. عضوية الناتو: عند الحديث عن الناتو فإن غصة مؤلمة تختلج صدر موسكو لأنها تدرك جيدا ما فعل بها الناتو خلال الحرب الباردة، حيث جعل الاتحاد السوفييتي يلهث طويلا وراء سراب التسلح وبقي كذلك حتى انهار، وحلف الناتو هو الحلف العسكري الوحيد الذي يلعب بالساحة الدولية اليوم، والذي لا قبل لروسيا به، وتستطيع تركيا استثمار عضويتها بالناتو لحماية نفسها من أي عدوان خارجي، لأن القانون الداخلي للناتو يفرض ذلك على الأعضاء. استيراد الغاز من روسيا: تتكسب روسيا مليارات الدولارات من تركيا كل عام نتيجة شراء الأخيرة للغاز منها، وهذه ورقة ضغط بيد تركيا وليس روسيا، لأن تركيا تستطيع استيراد الغاز الطبيعي من دول كثيرة كالجزائر وإيران وكردستان العراق وقطر وغيرها، وبذلك تكون روسيا قد ضحت بالسوق التركي وخسرت المليارات، لأن روسيا ليست المصدر الوحيد للطاقة. الموقع الاستراتيجي: مركز تركيا المحوري والاستراتيجي الذي يتوسط العالم يمنح تركيا قدرة للتأثير ولعب دور في كثير من الملفات الدولية والشرق الأوسطية. الجيش التركي المليوني: تمتلك تركيا جيشا عرمرما جرارا يعتبر ثاني أكبر جيش في حلف الناتو، ويزيد تعداده عن مليون عنصر، وهو جيش مجهز بأحدث أنواع الأسلحة، ويتلقى تدريبا قاسيا مما يجعله من أشرس الجيوش عند المواجهة. السياحة والتجارة: إن كانت روسيا تلوح بورقة منع سفر السياح الروس الى تركيا فإن هذه الورقة ليست حكرا على روسيا، فتركيا أيضا تستطيع منع سياحها من التوجه لروسيا، كما أن هناك الكثير من الصادرات التركية التي تذهب لروسيا والتي بإمكان أنقرة إيقافها، حيث يبلغ التبادل التجاري بين البلدين 31 مليار دولار سنويا. الملفين السوري والشيشاني: تستطيع تركيا أن توجه ضربات قاسية ومؤلمة الى روسيا في الساحتين السورية والشيشانية، فلو أرادت تركيا دعم المعارضة السورية بمضادات للطائرات وأسلحة نوعية لباتت القواعد العسكرية الروسية في خطر داهم، ولتساقطت الطائرات الروسية كالذباب، كما بإمكان تركيا تقديم الدعم للثوار الشيشانيين لتنفيذ عمليات ضد روسيا إن فكرت الأخيرة في دعم أي من المنظمات الإرهابية المعادية لتركيا.