قالت وكالة "بلومبيرغ" إن الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي وصل إلى البيت الأبيض منذ وقت طويل حيث وعد بالدفاع عن الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان حول العالم. لم يقدم مظهرا واحدا للدفاع عنها، بعد قراره تجاه المساعدات لمصر. وقالت الوكالة في تقرير ترجمته "عربي21": قررت إدارة بايدن بأن تقدم لحكومة الجنرال عبد الفتاح السيسي أكثر من نصف ال 300 مليون دولار للمساعدة الأمريكية التي علقها في السابق الكونغرس بسبب السجل الرهيب للحكومة المصرية في مجال حقوق الإنسان. ويقضي القانون الأمريكي أن يقوم وزير الخارجية بإصدار شهادة بأن القاهرة قامت "بخطوات فعالة ودائمة" لتنظيف سجلها قبل الإفراج عن المال، لكن وزير الخارجية أنطوني بلينكن سيمارس امتيازاته باستثناء 170 مليون دولار من هذه الشروط. وكشف تقرير وزارة الخارجية الأخير عن حقوق الإنسان في مصر عن قائمة طويلة من الانتهاكات إلى القتل خارج القانون واعتقال المعارضين السياسيين واستخدام العنف ضد المثليين واستخدام العمالة القسرية للأطفال. ورغم محاولة المسؤولين الذين أطلعوا الصحافيين بشكل خاص يحاولون تدوير إعفاء بلينكن بأنها تحسين على سياسة الإدارة السابقة والتي قامت بالإفراج وبشكل روتيني عن ال 300 مليون دولار. وبناء على هذا السرد فإن الرئيس بايدن هو أول رئيس أمريكي يعاقب السيسي، وحجب 130 مليون دولار نظرا لأنه فشل في تحسين سجله في حقوق الإنسان. ولكن بايدن يقوم في أحسن حالاته بصفع السيسي بمعكرونة مبتلة (يربت على يديه). فالمبلغ الذي تم حجبه لا يساوي إلا نسبة 10% من 1.3 مليار دولار التي تقدمها الولاياتالمتحدة كمساعدات سنوية لمصر. وتمثل نسبة صغيرة جدا مما تتلقاه مصر من مساعدات دولية معظمها تأتي من دول الخليج. ولم يعجب قرار بايدن منظمات حقوق الإنسان التي سارعت بوصفه بأنه "خيانة لالتزامه تجاه حقوق الإنسان وحكم القانون". وفي بيان مشترك وقعت عليه 19 منظمة يوم الثلاثاء من بينها هيومان رايتس ووتش وأمنستي انترناشونال قالت فيه إن قرار الإدارة "يعطي رخصة للحكومة المصرية لمواصلة ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة دون أي خوف من العواقب". وكانت هناك انتقادات من داخل حزب بايدن حيث وصف السناتور الديمقراطي كريس ميرفي الذي لاحظ تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر خلال العامين الماضيين الخطوة بأنها "تطبيق فاتر للقانون" وحذر من استفادة الديكتاتوريين الآخرين من هذا. ولن يعجب حجب جزء من المساعدات أي أحد لكنه لن يزعج كثيرا السيسي الذي سيتجاهل المبلغ الصغير. وظل الدعم الأمريكي لمصر وعلى مدى العقود الماضية ثابتا ومن النادر أن يصل إلى ملياري دولار في العام. لكن المبلغ أصبح صغيرا منذ انقلاب السيسي عام 2013، بسبب الدعم المالي الكبير الذي يحصل عليه من دول الخليج وتحديدا السعودية والإمارات العربية المتحدة. وأدى نمو الاقتصاد المصري إلى تقليل أهمية الدعم الأمريكي غير العسكري للقاهرة. ونفس الأمر يصدق على الدعم العسكري الأمريكي الذي يعني استخدام المساعدات لشراء إمدادات عسكرية أمريكية. ففي الوقت الذي صعدت فيه مصر السيسي سلم الدول المستوردة للسلاح في العالم، وهي الآن في المرتبة الثالثة بعد الهند والسعودية، إلا أنها قللت من اعتمادها على المصادر الأمريكية. وبحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الذي يرصد نفقات السلاح ولديه بيانات عن كل الدول تقريبا، فمصر باتت تعتمد في مصادر السلاح على روسيا وفرنسا، حيث تشكل نسبة 41% و28% على التوالي أما نسبة الأسلحة المستوردة من أمريكا فهي 8.7%. ولكي يكون لدى إدارة بايدن فرصة للتأثير على وضع حقوق الإنسان في مصر فعليها في الحد الأدنى حجب جزء كبير من المساعدة العسكرية. وربما ضغط بايدن على السيسي في تصريحاته العلنية والخاصة، وهذا متسق مع تصريحاته التي أطلقها قبل الإنتخابات وتعهده بوقف الشيكات المفتوحة للزعيم المصري. لكنه غير موقفه في شباط/فبراير عندما مررت إدارته صفقة صواريخ بقيمة 200 مليون دولار للبحرية المصرية، مع أن السيسي لم يغير سياسة القمع ضد المعارضة. وخف موقف بايدن تجاه الجنرال في الصيف عندما ساعدت مصر على التوسط بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة. وحصل السيسي على نقاط أخرى في واشنطن عندما استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في شرم الشيخ وهو أول لقاء بين زعيمين من البلدين منذ أكثر من عقد. ومع زيادة أسهمه لدى إدارة بايدن فالسيسي بلا شك قادر على تحمل صفعات من فترة لأخرى ولكن باستخدام المعكرونة المبلولة.