مرّت ست سنوات على رحيل واحد من أهم المفكرين في تاريخ العالم العربي المعاصر، إنه عالم الاجتماع والدراسات المستقبلية المغربي المهدي المنجرة، الذي يصادف ال13 من يونيو هذه السنة الذكرى السادسة لرحيله. ولد المهدي المنجرة يوم 13 مارس 1933 بالرباط في حي يوجد خارج سور المدينة القديمة كان يحمل اسم حي" مراسا "، وكان والد المهدي، محمد المنجرة، أحد التجار المغاربة في الثلاثينات،والذين كان السفر جزءا من مهنتهم. نشأ المهدي في وسط عائلي تطبعه القيم المسلمة والدعوة السلفية. ويعد الدكتور والمفكر المغربي الراحل المهدي المنجرة، من أبرز الأكاديميين المغاربة، فهو أستاذ جامعي مخضرم، و عالم مستقبليات، وباحث ذو تأثير عالمي في مجالات شتى، مثل الدراسات المستقبلية وحوار الحضارات و التواصل و العلاقات الدولية. ويعتبر الراحل المنجرة من أوائل الدعاة للاستثمار في العنصر البشري ومناهضة العولمة والأمركة، واعتبرها تكرس أشكالا جديدة من الاستعمار ومنطق الفكر الواحد والوحيد وتقصي الشعوب والثقافات الأخرى، ورأى أنها منطق قائم على اغتيال الحق في الاختلاف والتميز. وكان المنجرة يعد من أهم مفكري العالم الثالث لدى الغربيين، ومرجعا مهما في المستقبليات. ولعل أهم ما يميز المنجرة اعتزازه بقيم ثقافته التي ظل ينافح ويدافع عنها لأكثر من أربعين سنة قضاها في الغرب، بالإضافة إلى وعيه ودفاعه عن القيم ودورها كعنصر أساسي في بناء أية حضارة. مساره.. عمل المنجرة مستشارا أولا في الوفد الدائم للمغرب بهيئة الأممالمتحدة بين عامي 1958 و1959، وأستاذا محاضرا وباحثا بمركز الدراسات التابع لجامعة لندن (1970). وقد اختير للتدريس في عدة جامعات دولية (فرنسا وإنكلترا وهولندا وإيطاليا واليابان)، وشغل باليونسكو مناصب قيادية عديدة (1961-1979). وكان المنجرة خبيرا خاصا للأمم المتحدة للسنة الدولية للمعاقين (1980-1981)، ومستشار مدير مكتب العلاقات بين الحكومات للمعلومات بروما (1981-1985)، ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة لمحاربة استهلاك المخدرات. كما أسهم في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وترأس بين 1977 – 1981 الاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية. كما كان عضوا في أكاديمية المملكة المغربية، والأكاديمية الإفريقية للعلوم والأكاديمية العالمية للفنون والآداب، وتولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية. وحاز على العديد من الجوائز الدولية والوطنية، من بينها وسام الشمس المشرقة التي منحها له إمبراطور اليابان. ألف بالعربية والفرنسية والإنجليزية واليابانية عددا من الكتب التي ترجمت لعشرات اللغات العالمية، ومئات المقالات التي اهتمت أساسا بقضايا القيم والعولمة والحقوق والتنمية والإستراتيجية. طرح إشكالات ووضع مقاربات للحلول واستشرافات للمستقبل لقيت قبولا وإقبالا، حيث نفدت طبعة كتاب له في اليوم الأول من صدورها، واعتبرت كتبه الأكثر مبيعا في فرنسا ما بين 1980 و1990. من أبرز كتبه وأشهرها "الحرب الحضارية الأولى"، و"الإهانة في عهد الميغا إمبريالية"، و"عولمة العولمة"، و"انتفاضات في زمن الذلقراطية"، و" قيمة القيم"، و"حوار التواصل". وقد توفي المهدي المنجرة يوم 13 يونيو 2014 ببيته في الرباط بعد معاناة طويلة مع المرض.