عائلة أحمد تنتظرهما، والوجهة المنزل أنهيا حديثهما والوجهة منزل أحمد، بحكم أن عائلته تنتظره رفقة الضيف المنتظر، نادى أحمد على نادلة المقهى ليؤدي لها ثمن المشروبات، ورفض عبد الحليم أن يؤدي صديقه، بل هو من سيؤدي، “بحال بحال تا نتوما“. حوالي الساعة الثانية والنصف ليلا، وصلا المنزل وصعدا للطابق العلوي داخل قاعات متخصصة للضيوف وهناك جلسا معا، وإذا بأفراد عائلة أحمد واحدا تلو الآخر يرحبون بعبد الحليم ويباركون قدومه، لم يجد ما يرد به هذا الجميل ما عادا بعض الكلمات من قبيل “شكرا”، “بارك الله فيكم”، “رحب الله بكم في الجنة”. لا يهم ماذا فعل عبد الحليم في فترة سفره، كل ما يهمه هو معرفة أي جديد مع “إيجا”، وهي التي لم تفوت الفرصة إلا وتتصل به مرتين في اليوم، غالبا بعد منتصف الليل حين يستسلم الجميع للنوم. اتصالات متتالية ومتكررة تزيد شوقا وثقة في قلب عبد الحليم اتصالات متتالية ومتكررة تزيد ثقة على ثقة في قلب المسافر المنتظر وشوقا كبيرا للعودة دون أن يبالي بكل نصائح الصديق التي تدعوه بقطع هذه العلاقة الخيالية. إقترب عيد الفطر ومعه يقترب أجل العودة، اتصل بها عبد الحليم ذات مساء ليخبرها أن موعد العودة سيكون بعد غد، موعد لقاء فتاة ملكت ثقة عبد الحليم وفازت بقلبه كما لم تفعل أي فتاة من قبل، إنه حب مجنون. في يوم السفر رافق أحمد صديقه ليودعه بالمحطة الطرقية على أمل الزيارة المقبلة، كان الفراق شيئا ما أصعب، وما أصعب الفراق مع أعز الأصدقاء وأنت تعلم أن الغربة ستطول. ودع عبد الحليم صديقه أحمد والوجهة مدينته من جديد. عبد الحليم يحط الرحال في ساعة مبكرة من صباح الغد، حط رحاله بالمدينة حيث يسكن، ولم يتردد للاتصال ولو في تلك الوقت الغير من المناسب، لكن “إيجا” رهن الإشارة، هاتفها يشبه هاتف الوقاية المدنية في أي وقت يجيب، فعلا أجابت على مكالمته وشكرته على اتصاله الأول هذه المدة الطويلة. إخبار بالوصول وموعد للقاء أخبرها أنه د حل بالمدينة وعبر لها عن مدى شوقه لها وطلبها باللقاء في المساء، طلب لن تردد عن قبوله، موعده بعد صلاة العصر، حسنا شيء جميل أن تنتظر موعدا في وقت محدود زماما ومكانا، لكن “اللهم تمنا ولا تسنا” كما يقول المثل الشعبي المغربي. وصل عبد الحليم لبيته ووضع ما بحوزته من أمتعة واستحم وصلى صلاة الصبح التي فاتته قي وقتها ثم استسلم للنوم ليستريح من تعب السفر. استيقظ من غفلة نوم وصلى صلاة الظهر والعصر في آن واحد وغير ملابسه استعدادا للموعد المنتظر وهو من أشواق مواعد عبد الحليم طيلة حياته، خرج من بيته واتجه نحو مخدع هاتف واتصل بها، كل أمله أن لا تغير الرياح مجرى الأمل، فالحلم يقترب من التحقيق، ركب الرقم وأجابت عن مكالمتها واتفقا على موعد اللقاء زمانا ومكانا. موعد اللقاء يقترب خرج عبد الحليم مسرورا ومسرعا ليكون في الموعد، كانت صدمة مفاجئة حين وقف ووجد فتاة لم يبدوا أنها في ال25 من العمر، بل تبدوا على العكس كأنها فتاة قاصر، لم تتجاوز العشرين من عمرها خلافا لعبد الحليم الذي يبدوا أكبر منها رغم العكس، تبادلا التحية والسلام وسألها عن أي مكان يمكن الجلوس فيه معا للحديث، طال الحديث بين الأخذ والرد وكانت النتيجة جولة في حديقة الحيوان، حديقة لم يسبق لعبد الحليم أن علم بوجودها بالمدينة، فرح بذلك لكونه أول مرة يلتقي بها، وهو أول يوم أيضا يزور فيها حديقة الحيوان، وإن طال الزمان وكتب الفراق لهما ستبقى ذكريات الحديقة لا تمحى على طول الدهر. في الحديقة…. انطلقت الحكايات والبداية عبد الحليم. وصلا للحديقة على متن حافلة للنقل الحضري وتجولا بداخلها وسط أقفاص من حديد، وبين أنواع مختلفة من الحيوانات، وهناك انطلقت رحلة الحكايات، كل واحد يسرد حكايته منذ الطفولة، كيف عاشاها وأن ومع من؟؟، حكاية عبد الحليم واضحة كباقي الشباب، انقطع عن الدراسة في سن مبكر والتحق بعالم الشغل لمساعدة أسرته على صعوبات الزمان وقسوة العيش، ولذات الأسباب اختار هذه المدينة البعيدة ما يقارب 800 كلم عن بلدته، ليعيش في الغربة بلا صديق ولا عائلة تؤنسه وحشة الغربة، أمله في إيجا أن تكون خزانة أسراره. للتواصل مع الكاتب: [email protected] للإطلاع على الحلقات السابقة: الحلقة الأولى: http://www.nibraschabab.com/?p=2799 الحلقة الثانية: http://www.nibraschabab.com/?p=3340 الحلقة الثالثة: http://www.nibraschabab.com/?p=3638