سنُهلل باِسم هلال الناظور لكرة اليد الحائز على اللقب، لأيام، ولأشهر، ولأعوام.. لن نستخسر على أنفسنا الفرح أبدا، وسنضل نتذكر كيف نال أبناء الناظور لقب البطولة الوطنية لكرة اليد أمام أعتى الفرق في الميدان. وقد يقول متنطعون "مالكم فارعين لينا الرأس ببطولة لكرة اليد"، سنجيب: نعم سوف نضّج لكم الآذان وننفخ رؤوسكم بصدى صيتنا وهتافنا بهذا التتويج، لأن المنجز - لمن اِستصغره - كبير واللقب عظيم، والفرح في نهاية المطاف حقّ من حقوقنا نمارسه متى ما هلّ على هذه المدينة التعيسة التي لا تعرف للفرح معنى. ولمن استصغر ما حققه الهلاليون، نقول: عليكم بالاِفتخار بهؤلاء الأبطال، فهم لم يخوضوا غمار منافسات وطنية فحسب، وإنما وقفوا ندا للندّ أمام فرق عتيدة تتحصل على ميزانيات جزافية تفوق ميزانية "هلال الناظور لكرة اليد" بأضعاف مضاعفة، إذ يكفي أن نعرف أن فريقا كبيرا ك"الجيش الملكي" على سبيل العد، ترصد له ميزانية ضخمة، دوناً عن البنيات التحتية التي يتوفر عليها، بحيث يتمتع لاعبوه بخدمات مركز خاص بهم، يتضمن كل ما يحتاجه الرياضي، من مسبح، قاعة لكمال الأجسام، ومركز للعلاج..". ناهيك عن طاقم الفريق الذي يضم أزيد من 35 عنصرا، بينهم أطباء خاصين وأطباء الترويض والدعم النفسي، علاوة على مدربين خاصين، كما يتقاضى كل أفراد الطاقم واللاعبين راتبا شهريا على مدار السنة، فضلا عن التسهيلات التي يتلقاها الفريق خلال تنقلاته وسفرياته، من إقامة مريحة في فنادق الخمس نجوم، وتوفره على حافلة كبيرة. أما عن "فريق أكادير"، فالجهة وحدها ترصد لفائدته 150 مليون سنتيم سنويا، دون احتساب رقم الدعم المالي الذي يتلقاه الفريق من مجموعة شركات كبرى على رأسها "إفريقيا"، إضافة إلى الدعم الذي يخصصه لصالحه المجلسان الجماعي والإقليمي لأكادير، على غرار الدعم ذاته الذي يتلقاه فريقَا "وداد السمارة" و"طلبة تطوان" من ميزانية محترمة، تتيح توفير كافة الشروط التي من شأنها تقديم لعبٍ جيد وأداء كبير في أريحية تامة خلال جميع مقابلات الفريقيْن. بينما هلال الناظور لكرة اليد، الذي تغلب على كل الصعاب وحقق اللقب الوطني، فميزانيته يا سادة لا تتخطى سقف 60 مليون سنتيم، موزعةً بين دعم الجماعة ودعم الجهة؛ وقد حرم من منحة المجلس الإقليمي لأربع سنوات، دون معرفة الأسباب الحقيقة الكامنة وراء هذا الحرمان والإقصاء؛ فالمستشهر الوحيد الذي يحضر اِسمه على قمصان الفريق هو "البنك الشعبي"، الذي بدوره أوقف دعمه للفريق لمدة ثلاث سنوات، رغم أن الأخير حقق نتائج مبهرة، في مقابل تسجيل غياب تام لدعم الشركات الخاصة بالإقليم. ومن أجل هذا كلّه، فإن هذا الانتصار، الذي بصم عليه الهلاليون رغم محدودية الإمكانيات، بفضل لاعبيه الأبطال الذي لم يأخذوا على الإقامات المريحة والفنادق ال5 نجوم ولا الرواتب السمينة، وبفضل حنكة مكتبه المسير الذي آمن بحلم سطوع نجمه في السماء يوما، إنه لَعُمري انتصارٌ ساحق يجب تخليده في سجل تاريخ حاضرة الناظور والاحتفاء به كما يليق به؛ فالبطولة الوطنية محطة رياضية كبيرة ما بعدها محطة داخل الوطن، والتتويج بإحراز لقبها أمام عمالقة الميدان وأسياد الحلبة ليس يقينا بالإنجاز الهيِّن، فمن هنا جاز لنا أن نفرح، ومن هنا بالضبط تستمد الفرحة / فرحتنا، مشروعيتها بالكامل. وللعلم، ف"هلال الناظور لكرة اليد"، ليس هو الوحيد من بصم على إنجاز فذ وباهر هذه السنة، فقد سبقه "إثري الريف لكرة السلة" النسوية، وحققت "الإثريات" الصعود إلى القسم الوطني الأول؛ وكذلك "هلال الناظور لكرة القدم" النسوية؛ و"هلال الناظور لكرة القدم" الذي تمكن من بلوغ عتبة الصعود بعد 12 لسنة من الانتظار؛ وهناك كذلك النادي الإفريقي لألعاب القوى الذي نال عدة ميداليات ثمينة في ملتقيات وطنية؛ وكل هذا بميزانيات ضئيلة وبدعم ضعيف جدا من المجالس المنتخبة وكذلك المؤسسات المعنية. إن الرسالة باتت اليوم واضحة أكثر من ذي قبل، فشباب هذه المدينة مستعد لتحقيق ما يبدو عصيا على التحقيق، فقط ينتظر فرصته لإثبات الذات في سائر الميادين الرياضية، ويكفي به دليلا صارخا ما أنجبته الناظور من أبطال من العيار الثقيل رفعوا راية الوطن خفَّاقة في سماء المحافل الدولية؛ فقط يجب أن يعي المسئولون وكذلك أصحاب رؤوس الأموال، أن الرياضة أصبحت اليوم ركيزة ودعامة أساسية في التنمية، وبإمكانها التسريع من وتيرة تحريك العجلة الاقتصادية، وأن هناك مدناً تحرّك اِقتصادياتها فرقٌ رياضية، وأن مقولة "إراث جاراوم ذا واها" لم تعد بالخطة المجدية أبدا، فالناظور ستتعرف عليه اليوم مدن إفريقية بفضل "هلال كرة اليد" الذي سيسجل حضوره كبطل المغرب في البطولة الإفريقية مُمثلا للبلد. أخيرا وليس آخرا، فعند مشاهدتي للقاء الكتيبة الهلالية وهي تقاتل وسط الحلبة من أجل بلوغ الحلم المُلوّن بكل ألوان الطيف، كنت خائفا من خسارة هذه البطولة، وتملكني خوف كبير مما سيحدث ل"عمر العزوزي وريان أزواغ" لو أخفق أبناء الناظور في تحقيق الهدف، لكن ثمة درس مستوحى من مشاهدة تفاعلات عمر وريان، ملخصه أنه لو كان نصف الناظوريين، النصف فقط، يملكون غيرة وحبّ هذين الشخصين لفريقيهما ولمدينتهما، لكان للناظور فريق ينافس في المنافسات القارية، ولكانت لنا مدينة نحسد عليها.