منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، لم تفتأ أسعار المواد الغذائية الأساسية وكذا المحروقات في الارتفاع بشكل صاروخي، وهو ما حول الأسمدة إلى أزمة وجودية بالنسبة للأمن الغذائي العالمي، وفرض عملاقا تصدير الأسمدة في العالم « روسيا والصين » قيودا على صادرات هذه الأسمدة، حيث يسيطران على 28.4 في المائة من مجموع السوق العالمية. وجعلت هذه القيود أوروبا تلجأ إلى المغرب، للتخلص من التبعية للدب الروسي في مجال الأسمدة، وذلك لتأمين حاجياتها الغذائية. وأشار تقرير لمعهد الشرق الأوسط أن أوروبا تواجه حرب استنزاف « جيوقتصادية » على جبهتين مع روسيا، بعد أن أجبرتها أزمة الهجرة القادمة من شمال إفريقيا والتي تسببت فيها المجاعة بالقارة السمراء، وجدت أوروبا ضالتها في المشروع المغربي القاري للزيادة في إنتاج الأسمدة بحوالي 70 في المائة، وهو ما ما سيغير بكل تأكيد المعادلة الاستراتيجية من خلال تخفيف الضغط الروسي ومحاولة إخضاع العلاقة ما بين الغذاء والطاقة لمنطق الحرب. وبهذا يكون المغرب قد برهن مرة أخرى، يضيف تقرير معهد الشرق الأوسط، عن أهميته المتصاعدة ودوره كشريك جيوسياسي لأوربا ولأمريكا في إفريقيا جنوب الصحراء. وأكد التقرير المذكور، أن الهجرة الناتجة عن المجاعة بإفريقيا كانت ستكون أكثر مما قد يستطيع الاتحاد الأوربي استعابه وتدبيره. وقال التقرير نفسه، إن المغرب هو رابع مصدر للأسمدة في العالم بعد روسيا والصين وكندا، وهو ما يطمئن نوعا ما الأوربيين. وكان المكتب الشريف للفوسفاط قد أعلن في 17 ماي الماضي عن زيادة في إنتاجه للأسمدة برسم سنة 2022، بنسبة 10 في المائة. وهو ما سيمكنه من ضخ 1.2 مليون طن إضافية بالسوق العالمية إلى غاية نهاية السنة الجارية. ويعكس هذا الرقم، قدرة المكتب الشريف للفوسفاط، على إطلاق خط إنتاج بقدرة إنتاجية تبلغ مليون طن خلال ستة أشهر. وهو ما أكده المدير المالي للمكتب عندما صرح بأن المجموعة تتوقع زيادة قدرتها الإنتاجية ما بين 2023 و2026 بحوالي 7 مليون طن إضافية، أي ما يعادل 58 في المائة بالمقارنة مع مستوى الإنتاج الحالي. واعتبر تقرير معهد الشرق الأوسط أن زيادة مستويات انتاج المكتب الشريف للفوسفاط، من شأنه أن يضعف قدرة روسيا على تحويل الأسمدة إلى أسلحة، مشيرا إلى أن المغرب يمكنه أن يصبح البنك المركزي للسوق العالمية في مجال الأسمدة وحارسا لتأمين الغذاء في العالم. وختم التقرير بالقول، إن المغرب استثمر ما مجموعه 6.3 مليار دولار لتشييد مصنع للأسمدة في إفريقيا جنوب الصحراء، مؤكدا بذلك تموقعه الاستراتيجي للمساعدة في صد الخطر الروسي الهادف إلى رهن العلاقة « غذاء + طاقة » بالحرب الجارية في اوكرانيا