منذ بدايات ظهور اول حالات الاصابات بوباء كورونا المستجد كوفيد 19 في الصين، وبالضبط بمدينة وهان الصينية،كان لزاما على الخبراء والباحثين مهما تعددت تخصصاتهم المعرفية و العلمية والسياسية و الاقتصادية ان يقدموا تفسيرات و تأويلات حول اسباب انتشار وباء السارس في حلة جديدة، وان يعملوا على تسخير كل ما يملكون من الادوات و الميكانيزمات لوضع فرضيات أولية للبحث في اصله و تجلياته،كل حسب موقعه في السبق المعرفي و العلمي و الاعلامي المرتبط بتقدم هذا الوباء،بعدما لم يستثنى احد من بقاع دول المعمور. وكان من بين هذه الادعاءات الكاذبة أن الفيروس جزء من "برنامج صيني سري للأسلحة البيولوجية"، ومزاعم لا أساس لها بأن فريق تجسس كندي صيني أرسل فيروس كورونا إلى ووهان. وقد دفعت العديد من جماعات نظرية المؤامرة بالمزاعم القائلة إن الفيروس من صنع الإنسان في فيسبوك، وقد حجبت حسابات في تويتر، بل ووجدت هذه النظريات طريقها إلى التلفزيون الروسي الرسمي في ذروة أوقات بثه. وبعد أشهر من تفشي الوباء، مازالت هذه النظريات مستمرة، بل وتم الترويج لمزاعم جديدة لم يتم التحقق منها من قِبَل المسؤولين الحكوميين وكبار الساسة ووسائل الإعلام في الصينوالولاياتالمتحدة. لكن في واقع الحال، ان تفشي الوباء لم يعد مجال للنقاش العلمي الطبي و الوباءي،بل اصبح يدخل في إعادة الاعتبار للاقتصاد العالمي الجديد، الذي لم تعد فيه السيطرة لقطب أحادي يفرض هيمنته على الاخرين،وان نظرية المؤامرة التي يتحدث عنها معظم المهتمين بموضوع كورونا المستجد قد تظهر خيوطها مع مرور الزمن التي بدأت انعكاساتها تترتب على اقتصاديات الدول،ولاسبيل الى ذلك سوى أن تجد بعض الدول العظمى وتجتهد اكثر للتوصل الى لقاح جديد للفيروس. ولا زالت الأبحاث العلمية جارية على قدم وساق لإعلان كل طرف من الدول و الأطراف المعنية المتسارعة في مختبراتها ( الصين،الولاياتالمتحدةالأمريكية،روسيا...،) في جعل وصفة لقاحها الأنسب، و ذو مصداقية طبية للحد من هذا الوباء العالمي الكارثي،او كما نفضل ان نسميها في المجتمع المغربي "بجائحة كورونا"،التي لم تسلم هي الاخرى من اعتبارها مؤامرة تستهدف تفقير فئات المجتمع واحداث خلخلة في قيم المواطنة و فرض سلوك نمطي موحد في اتجاهات ومواقفهم الأفراد وجعلهم يتقبلون كل قرار مهما كانت طبيعته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية و السياسية من خلال التجاوب المبدئي و الالتزام بشروط الطوارئ الصحية التي فرضتها المنظمة العالمية للصحة والاخذ بنصائحها الوقائية. فالى متي سنتأكد من هذه الفرضية من نظرية المؤامرة التي تجعل الكل منشغلا باجراءاته الصحية التي فرضتها كوفيد كورونا والتى لم تعد تمثل سوى ماهو اقتصادي باهداف يصعب علينا أن نثق في مستقبل افضل للبشرية؟وكيف نقاوم تبعاتها الخطيرة،؟ اذا لم نعمل على حماية المجتمع من انفلاتات صحية ونفسية و امنية،خاصة ان الوضع الاجتماعي ينذرنا بمؤشرات الاحتقان و الميولات نحو الاحتجاج على ماهو غير مألوف من سلوكات و انماط عيش؟ ثم اخيرا، هل لهذه الفرضية واقعا جديدا في الدول النامية؟،ام انها اشعار مبهم حول صراعات الزعامة لإعادة ترتيب اقتصاد عالمي يعيد توازنات القوى السياسية بين الدول العظمى؟