ما الفرق بين مواقف ورؤى أولئك الذين يغيرون العالم ويحدثون ثورات فيه وبين الذين يرغبون في شدّه إلى حقبة زمنية ثابتة من التاريخ! ما الفرق بين أولئك الذين ينظرون إلى المستقبل بكل تفاؤل والذين يريدون الرجوع بنا إلى مرحلة مظلمة من العصر القروسطوي! لقد فاجأنا موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لمؤسسه مارك زوكربيرغ، بإدراج الأمازيغية، اللغة الأصلية بشمال إفريقيا، وأبجديتها تيفيناغ، ضمن اللغات العالمية المستعملة والمعتمدة على ذات الموقع وإضافتها لأزيد من 144 لغة معتمدة استجابة لنداءات وحملات فيسبوكية ومراسلات طالبت بذات الأمر. وفي المغرب، حيث تم الاعتراف الدستوري بالأمازيغية كلغة رسمية، أفرجت الحكومة، التي يرأسها الإسلامي عبد الإله بنكيران، وهي على مشارف نهاية ولايتها عن مشروع قانون تنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يهدف بكل وضوح إلى عرقلة انتشارها ونصب عراقيل قانونية عديدة أمام إدماجها في الإدارة والمنظومة التربوية والإعلام...، عِوض تعزيز مكانتها على الصعيد الوطني. ومن خلال هذا المشروع، حددت الحكومة بعد خمس سنوات مضت من عمرها، مدة 15 سنة كأجل أقصى لإدماج الأمازيغية وجعلها لغة رسمية للبلاد فعليا، أي على امتداد عمر أربع حكومات، وهي مدة كافية لتعريب وإدماج غالبية الأطفال الأمازيغوفونيين!!! إنه وقت كاف لانجاز مهمتهم الخبيثة المتمثلة في مواصلة سياسة الإبادة للثقافة واللغة والهوية الأمازيغية، بعد أكثر من عشرة آلاف سنة من الوجود في شمال أفريقيا! هكذا إذن، يريد القوميون العرب والإسلاميون كبح كل الانجازات العظيمة التي حققتها الأمازيغية في ظرف وجيز، ومنها على سبيل المثال، نشر الأبجدية الأمازيغية، التي تم كبحها قبل عشرين قرنا من طرف الرومان، حيث اعتُمدت من طرف المعهد الملكي للثقافة الامازيغية سنة 2003، وصدر قرار الاعتراف الرسمي بها في الجريدة الرسمية وأدمجت بالتعليم الابتدائي في نفس السنة. وفي شهر يوليوز من سنة 2004، تم الاعتراف الرسمي بحرف تيفيناغ وتبنيه من طرف منظمة "إيزو" للمعيرة (ISO)، التي يوجد مقرها بكندا. كما عملت شركة اتصالات المغرب، بتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، على إدماج تيفيناغ في الهواتف المحمولة من نوع " Sony Ericsson J110i"، وبتعاون مع شركة "إديسيون أمازيغ" (الناشرة للجريدة الشهرية "العالم اللأمازيغي" والموقع الالكتروني "www.amadalpresse.com") تم إدماجها بالهواتف " LG-T300". وفي سنة 2008، أدمج "Windows " تيفيناغ ضمن لوحات مفاتيحه. واليوم، انطلاقا من شهر يوليوز 2016، اقتحم حرف تيفيناغ العالم الأزرق ظافرا، بفضل مجهودات مناضلين أمازيغيين. وتعد الأمازيغية بكل جدارة إحدى اللغات القليلة في العالم التي استطاعت الانتقال مباشرة من العصر الحجري إلى عصر الحاسوب!