"فريدة طفلة في السادسة والنصف من عمرها ترفض الذهاب الى المدرسة .....تشتكي من التعامل السيء للأقران لها ولا تذهب إلا مكرهة بعد أن يعنفها أبوها ...." هذه هي القصة التي تألم لها أغلب المترشحين الذين إجتازوا مباريات السيد الوفا في مادة الانسانيات والمهرات التربوية. يشكل ذهاب الطفل الى المدرسة حدثا غاية في الأهمية .فلأول مرة يخرج الطفل كما حصل لفريدة من ذلك العالم المحدود للأسرة والمحكوم بقيم ومرجيعة خاصة تتحكم فيها العلاقات الوالدية والعلاقات الأولية الى عالم المدرسة الذي يشكل بدايات الدخول في العضوية المجتمعية ،ومرجعية الأستاذ وقانون المدرسة ،في علاقات دينامية فيما بينها من الغنى والإثراء. خروج الطفل من عالم الأسرة الى عالم المدرسة هي بداية الفطام النفسي والشروع في بناء الإستقلال الذاتي لكيانه ،وهنا يطرح السؤال الرئيسي :الى أي مدى تمكنت الأسرة من التهييء النفسي لهذا الدور الخاص بالطفل؟ فالطفل لايذهب الى المدرسة صفحة بيضاء كما يتوقع البعض لكن في بداية المرحلة الاولى من التعليم الإبتدائي يكون قد أصبح له تاريخ خاص غني بالأحداث يحدد فيما بعد مسارحياته الدراسية وتفاعلاته وسلوكاته وعلاقاته مع الأقران.فقد يكون هذا التاريخ متوافقا مع متطلبات الحياة المدرسية مما يؤسس فرص النجاح وتوافق لهذا الطفل .وعلى العكس قد يعرف بعض التعثرات وسوء التوافق في حالة القصور عن تلبية متطلبات الحياة المدرسية. في الوسط الغني ثقافيا يتاح للطفل منذ البداية نظام نشط من التواصل والتفاعل يساعده على تنمية القدرات المعرفية لديه والأبوين يلعبان دورا بارزا في هذه العملية المعقدة شارحين له الظواهر والوقائع وإستيعاب الأحداث .فالوسط الأسري الذي يتمتع بالمستوى الثقافي الجيد يشكل بالنسبة للطفل نموذجا ودافعية للتحصيل ،ويتمثل هو بدوره هذا النموذج في حياته : كتبه ،دفاتره،وعدته المدرسية مما يعزز دافعية الإقبال على عالم المدرسة والنجاح فيه دون خوف . لكن الصورة تختلف تماما لدى الطفل الذي ينشأ في وسط أسري هش مغبون ثقافيل وماديا وعاطفيا وعلائقيا ، أي طفل غريب عن عالم الحياة المدرسية .فالأسرة المغربية التي تتميز بكثرة الأبناء وسوء الحالة المادية،وغبن ثقافي .هنا يتشكل سلوك الطفل قبل المدرسة في إتجاهات تجعله غير مهيئا للنجاح الدراسي .وفي غياب لبرامج خاصة بالصحة النفسية والتكيف الإجتماعي للطفل يجعل الأمر أكثر تعقيدا وفي هدا المجال نجد برنامج " هادستارت للصحة النفسية"Mental Health In Head Start الذي صممته جامعة جورج تاون لحساب دائرة الطفولة والشباب والأسرة ،حيث يهدف الى إدماج الصحة النفسية وعمل الأخصائيين الإجتماعيين في كل مجالات وأبعاد البرنامج الدراسي ،والمغرب للأسف لازال بينه وبين هدا البرنامج بعد السماء والأرض. يرتكز هذا البرنامج على : الأبعاد الإنفعالية : القدرة على الحب،القدرة على التعامل مع الشدائد،القدرة على ضبط الانفعالات السلبية ، القدرة على حل المشكلات الإنفعالية. الأبعاد الإجتماعية: تنمية مهارات التواصل والتفاعل ،إكتساب الأصدقاء،تكوين علاقات إجتماعية ذات معنى. الأبعاد المعرفية - الأبعاد المهنية ثم الأبعاد الروحية.