انعقدت يوم الجمعة 15 يونيو 2012 بالرباط، أشغال الدورة السابعة عشرة للجنة الكبرى المشتركة المغربية التونسية، برئاسة عبد الإله ابن كيران، رئيس حكومة المملكة المغربية، وحمادي الجبالي، رئيس حكومة الجمهورية التونسية، وبمشاركة أعضاء وفدي البلدين. ويأتي هذا الاجتماع في إطار تجسيد الروابط الأخوية التي تجمع شعبي وقيادتي المملكة المغربية والجمهورية التونسية، وتنمية علاقات التعاون الشامل والمثمر بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات. وفي هذا أجرى عبد الإله ابن كيران بالمناسبة، مباحثات مع حمادي الجبالي، نوه خلالها رئيس الحكومة التونسية بالإصلاحات العميقة التي أقدم عليها المغرب، نحو تعزيز المسار الديمقراطي وتكريس مبادئ وقيم حقوق الإنسان والحريات، وفتح أوراش اقتصادية كبرى، من شأنها أن تحقق التقدم الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي للشعب المغربي. ومن جهته، أكد عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، إشادته بالمسار الجديد التي انتهجته تونس بعد ثورتها المباركة والنجاحات التي حققتها، استجابة لتطلعات الشعب التونسي في الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية. وفيما يخص قضايا التعاون الثنائي وسبل تعزيزه، أعرب السيدان رئيسا حكومتي البلدين عن عزمهما الراسخ وإرادتهما الأكيدة في الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستويات تستجيب لتطلعات الشعبين إلى مزيد من التعاون والتكامل بما يخدم مصلحة البلدين. كما أكدا معا على ضرورة متابعة تنفيذ الاتفاقيات والالتزامات وإعطائها مضمونا فعليا، ودلك من خلال آلية يتم وضعها تحت إشراف رئيسي الحكومتين. كما تناولت المباحثات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث سجل الجانبان بارتياح تطابق وجهات نظر كليهما بشأنها، وجددا عزم حكومتي البلدين الوطيد على تذليل المصاعب التي يواجهها اتحاد المغرب العربي، هذا الصرح الذي يعتبر مكسبا حضاريا وتجمعا اندماجيا لا بديل عنه من أجل تحقيق التنمية المشتركة وترسيخ الأمن والاستقرار الإقليميين، والتعاون المثمر في محيطه العربي والإفريقي والأورومتوسطي. وفي هذا السياق، جدد الجانب التونسي تأكيده أن قضية الصحراء تستلزم تسوية سياسية تفاوضية ونهائية في إطار قرارات الأممالمتحدة، مشيدا بالجهود التي يبذلها المجتمع الدولي في إطار الأممالمتحدة لإيجاد حل سياسي ونهائي لهذه القضية، بما يكفل تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة المغاربية. وفيما يخص أشغال اللجنة وبعد ما اطلعت على حصيلة ما تم تنفيذه من قرارات وتوصيات لدورتها 16 المنعقدة بتونس يومي 6 و 7 ماي 2010، وما توصلت إليه لجنة المتابعة والتنسيق في دورتها الثالثة عشرة المنعقدة بالرباط يوم 21 سبتمبر2011، تم الاتفاق على الخصوص على ما يلي : فيما يخص التعاون في المجال التجاري والاقتصادي، دعت اللجنة إلى مواصلة الجهود من أجل العمل على الرفع من مستوى حجم المبادلات ليصل إلى الهدف المنشود والمقدر ب 500 مليون دولار سنويا مناصفة، وإلى توسيع قاعدة المبادلات التجارية مع التركيز على القطاعات التي تدعم التكامل والشراكة والاستفادة من الامتيازات المنصوص عليها في "اتفاقية أكادير"، وكذا تعزيز التعاون بين المركز المغربي لتنمية الصادرات (المغرب تصدير) ومركز النهوض بالصادرات بتونس، بالإضافة إلى تذليل الصعوبات الجمركية من أجل الرفع من حجم المبادلات التجارية. كما دعت اللجنة إلى تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات الاستثمارية والمالية والمصرفية من خلال تشجيع حرية تنقل رؤوس الأموال وتقديم كافة التسهيلات الممكنة لرجال الأعمال المغاربة والتونسيين لإنجاز المشاريع الاستثمارية، وتعريفهم بفرص الشراكة والاستثمار المتاحة بالبلدين، وكذا تعزيز العلاقات المشتركة في مجال الاستثمار بين البلدين عبر التوقيع على مذكرة تفاهم بين الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين بورصتي القيم بالدارالبيضاءوتونس. كما دعت اللجنة إلى تطوير التعاون بين البلدين في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، خاصة من خلال إقامة شراكة بين القطب التكنولوجي "تكنوبارك الدارالبيضاء" وقطب "الغزالة لتكنولوجيات الاتصال" بتونس، والعمل على إبرام اتفاقية تعاون وشراكة بين المؤسستين، وتبادل الخبرة والتجارب في مجال خدمات الإدارة الإلكترونية وتكثيف التعاون في مجال استخدام وتطوير البرمجيات مفتوحة المصدر، وإحداث صندوق مشترك للإبداع التكنولوجي يتم تمويله بمبلغ مليون أورو عن كل جانب. وقد رحبت اللجنة بالتوقيع، خلال هذه الدورة، على البرنامج التنفيذي لاتفاق التعاون في ميداني التحكم في الطاقة والطاقات المتجددة بين البلدين لسنوات 2012 و2013 و2014، ودعت إلى تنفيذ مقتضياته. وفي مجال النقل الجوي، حثت اللجنة الناقلتين الوطنيتين على دراسة سبل تعزيز التعاون التجاري والعمل على إبرام اتفاقيات تتعلق بتقاسم الرموز والتأجير والترتيبات التشغيلية والتسويقية والتأمين والصيانة والتكوين وغيرها من جوانب التعاون التجاري. كما أوصت اللجنة بضرورة تفعيل توصيات الدورة الأولى للجنة المشتركة في مجال نقل الأشخاص والبضائع والعبور، المنعقدة بتونس في فبراير 2009، ووضع برنامج عمل لتبادل الخبرات في ميدان السلامة الطرقية. وأكدت اللجنة أهمية الرفع من مستوى التعاون والتنسيق والتشاور والاستفادة المتبادلة من الإمكانيات المتاحة بالبلدين لاسيما في مجالات الإرشاد والاستشارة والتكوين والبحث العلمي الفلاحي والمنظومات الفلاحية والهيئات المهنية والوقاية من الأمراض والآفات النباتية والحيوانية والصيد البحري، وتعزيز المبادلات التجارية البينية للمنتجات الفلاحية ومنتجات الصيد البحري وتقنيات التفاوض، ودعت إلى عقد الدورة الثالثة للجنة الفنية المشتركة المغربية-التونسية للفلاحة والصيد البحري خلال شهر يونيو 2013. وفي مجال السياحة، دعت اللجنة إلى تعزيز التعاون في مجال التكوين السياحي وإلى مواصلة التشاور من أجل إرساء شراكات بين مراكز التكوين في البلدين، وأوصت بتفعيل بنود اتفاقية التعاون في المجال السياحي، الموقعة بتاريخ 7 أبريل 2009، وذلك من خلال إعداد برنامج تنفيذي لهذه الاتفاقية. كما دعا الجانبان إلى وضع آليات وتحفيزات لتشجيع السياحة بين البلدين. كما رحبت اللجنة بالتوقيع، خلال هذه الدورة، على اتفاق التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وكذا البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي لسنوات 2012 و2013 و2014، وأبدت ارتياحها لمستوى علاقات التعاون الثقافي بين البلدين. ورحبت كذلك بالتوقيع على البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الشباب والرياضة لسنتي 2012 و2013، والبرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الشؤون الاجتماعية لسنوات 2012 و2013 و2014. كما أكدت اللجنة ضرورة إيلاء التعاون اللامركزي بين الجماعات المحلية بالبلدين، وسجلت اللجنة رغبة الجانب التونسي في الاستفادة من التجربة المغربية في مجال التنظيم الإداري واللامركزية، وذلك بتبادل الزيارات الدراسية والدورات التكوينية. وسجلت اللجنة بارتياح قرار الجانبين تسهيل حركة تنقل وإقامة مواطني البلدين على تراب الطرف الآخر ورحبت باتفاق الجانبين على منح الإقامة لمواطني البلدين المقيمين لأقل من ثلاث سنوات بمعدل ألف مواطن سنويا. وفيما يخص شؤون جاليتي البلدين، دعت اللجنة إلى تفعيل مذكرة التفاهم في مجال الإحاطة بالجالية المقيمة بالخارج الموقعة بين البلدين بتاريخ 25 ماي 2009. وفي هذا الصدد، تم الاتفاق على تسوية وضعية ثمانية آلاف مواطن مغربي مقيم بتونس وذلك بالتطبيق الفوري لهذا العملية على أن تنتهي قبل متم هده السنة. وقد اتفق الجانبان على عقد الدورة الثامنة عشرة للجنة الكبرى المشتركة في تونس سنة 2013، في موعد يتم تحديده باتفاق الطرفين عبر القناة الدبلوماسية. كما تم الاتفاق على عقد الاجتماع الرابع عشر للجنة المتابعة والتنسيق بتونس قبل موعد انعقاد الدورة الثامنة عشرة للجنة الكبرى المشتركة.