إذا كنت في المغرب فلا تستغرب؟ كلمة قالها ابن خلدون رحمه الله عند زيارته للمغرب .لأن كل شيء في المغرب يدعو للغرابة والدهشة ثم الصدمة ، في بلد يؤخذ من الفقير المحروم الذي لايجد قوت يومه وَيُعطى للغني الذي يعيش الترف والبذخ... من غرائب مغربنا الحبيب ، وجود العديد من المهرجانات التي تنظم في جميع المدن المغربية ، حتى أصبحنا من أكثر الدول تنظيما للمهرجانات ومن اكترها هدراً للمال دون مردودية تستجيب لتطلعات واحتياجات المواطن العادي ، كان أخرها إمبراطورية موازين الذي ابتلع أموالا طائلة أخذت من دافعي الضرائب لتوزع بسخاء على مجموعة مُترفة ، كأن المغاربة يعيشون في بحبوحة من العيش لا ينقصهم سوى مشاهدة ماريا كاري وبتبول... انه الظلم بعينه .
انتهى مهرجان موازين وجاء وقت دفع الفاتورة . من الزيادة الصاروخية في أسعار استهلاك مواد البنزين والغازوال والفيول الصناعي مما يعني ارتفاع المواد الأساسية وفي جميع القطاعات التي لها ارتباط بهذه المواد، وبالتالي الاستمرار في سحق المواطن البسيط الذي يحلم بالكرامة والعدالة الاجتماعية والحكامة والحكم الرشيد... انه الظلم المؤذن بخراب العمران كما قال ابن خلدون .
كنا ننتظر أن يتم التخفيف من عبء صندوق المقاصة من خلال محاربة الفساد و اقتصاد الريع واسترجاع الأموال المنهوبة والحد من التهرب الضريبي وخفض رواتب الوزراء والبرلمانيين والموظفين السامين ومحاربة الموظفين الأشباح... واستثمار هذه الأموال في النهوض بالحالة المزرية التي يعيشها المواطن المغربي، من تشغيل للشباب وتوفير التطبيب وبناء المدارس في القرى والأحياء الهامشية والرفع من القدرة الشرائية للمواطنين وتخفيض الأسعار.... ولاكن "الصدمة كانت قوية".
فالحكومة التي انتظرنا منها أن تلتفت إلى المواطن المسحوق الذي يكتوي يوميا بنار الغلاء ، قد أَََرْكَبَتنا جواد الخيال على أرض الحقيقة، - حقيقة أن لا شيء تغير في هذا البلد- وأصبحت سوط الفساد والاستبداد الذي يجلد ظهر المواطنين بجبي ونهب أموالهم بغير حق كما قال ابن خلدون في المقدمة : "جباة الأموال بغير حقها ظلمة و المعتدون عليها ظلمة و المنتهبون لها ظلمة و المانعون لحقوق الناس ظلمة و خصاب الأملاك على العموم ظلمة و وبال ذلك كله عائد على الدولة بخراب العمران الذي هو مادتها لإذهابه الآمال من أهله و اعلم أن هذه هي الحكمة المقصودة للشارع في تحريم الظلم وهو ما ينشا عنه من فساد العمران و خرابه و ذلك مؤذن بانقطاع النوع البشري وهي الحكمة العامة المراعية للشرع في جميع مقاصده الضرورية الخمسة من حفظ الدين و النفس و العقل و النسل و المال...".