يتحقق النجاح للمبادرات والبرامج الاجتماعية الكبرى عندما تصل كامل معطياتها، ويتحقق الوعي بأهميتها، وأيضا عندما ينخرط المعنيون بها في مختلف مسلسلات التنفيذ والانجاز، ومن هنا تبرز أهمية الإجراءات التواصلية والتحسيسية المواكبة، وأيضا الحرص على تفادي الأخطاء والنواقص الميدانية. وللتدليل على أهمية ما سبق، نورد هنا نظام المساعدة الطبية (راميد) الذي يستهدف ثمانية ملايين ونصف من فقراء شعبنا، وقد استقبل المواطنون الإعلان عنه بكثير من الارتياح والتفاؤل، ما يفسر الإقبال المكثف لآلاف المغربيات والمغاربة على مقرات الإدارة الترابية لسحب الاستمارات، ولانجاز الوثائق المطلوبة من أجل الحصول على بطاقة المستفيد. نعرف أن التكوين لازال متواصلا بالنسبة للموارد البشرية الموكول لها متابعة مختلف مراحل تنزيل هذه المنظومة الصحية والاجتماعية، ونعرف أيضا أن الوزارة الوصية بصدد الاستعداد لإطلاق حملات تواصلية وتوعوية وسط الساكنة، ونعرف كذلك أن الارتباكات قد تكون من حتمية كل البدايات، لكن مع ذلك، فان ما تتناقله الصحف في الأيام الأخيرة، وما يردده الناس في مجالسهم المختلفة، يستدعي تحركا عاجلا من لدن السلطات الإدارية في العمالات والولايات، وتفعيل تدخلات صارمة حتى لا ينقض السماسرة والمحتالون على هذه المبادرة الوطنية النبيلة. لقد سمعنا في الدارالبيضاء وفي آسفي وفي مناطق أخرى أن الاستمارات تباع للمواطنين الفقراء والمعدمين بخمسة أو عشرة دراهم، رغم أنها يفترض أن تكون رهن إشارتهم في المقاطعات والجماعات بالمجان، وسمعنا أن بعض أعوان الإدارة يوجهون الناس إلى مكتبات معينة، أو إلى محلات تيليبوتيك أو محلات التصوير والفوتوكوبي من أجل الحصول على هذه الاستمارات مقابل دفع مبالغ مالية، وهذا ما حول العملية إلى تجارة تدر مدخولا مهما على أصحابها، وعلى حساب معوزين وعجزة ومسنين وفقراء. المشكلة أن مثل هذه الممارسات، وبالإضافة إلى طابعها الاحتيالي، فهي ترسخ لدى الناس الاعتقاد بأن الرشوة والتحايل أكبر من أية إرادة حكومية في الإصلاح، وتجعلهم يقتنعون أن كل البرامج الإصلاحية مهما كان نبلها لا يمكن أن تصل إلى المعنيين بها من دون رشوة أو محسوبية، وهنا العبرة ليس بحجم المبالغ المسلوبة من أناس فقراء ومعدمين ظلما واحتيالا، وإنما بالرمزيات وبالمبدأ، كما أن استشراء الظاهرة والتعود عليها يصيب الناس بالإحباط والخيبة، ويحد من تعبئة الفئة المستهدفة بهذا المشروع الوطني الكبير. إن إنجاح (راميد) على أرض الواقع، يعتبر مسؤولية مشتركة بين كل القطاعات الحكومية والمهنية، بالإضافة إلى دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام في المراقبة والتنبيه والرصد والترافع، ولهذا، فان عدم التصدي للمفسدين والمحتالين وتركهم ينصبون على فقراء شعبنا يمثل تحفيزا لهم، وتقوية لجيوب مقاومة الإصلاح. اليقظة شرط لنجاح مثل هذه المشاريع الأساسية، وهي يجب أن تتوفر لدى الجميع ومن البداية، وتجاه أي اختلال مهما كان في نظر البعض صغيرا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته