القيادي الحركي أكد وجود توجه نحو إقصاء أحزاب لفائدة حزب مهيمن أكد محمد فضيلي، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، أنه من المجحف أن نقارن المغرب ببلدان عربية أخرى، على اعتبار أنه بادر إلى الإصلاحات منذ عقود. وأضاف القيادي الحركي في حوار مع "الصباح" أن الواجب يقتضي أن نعزز المكتسبات التي تحققت وليس نسفها. وأوضح أن الخطاب الملكي ل 9 مارس، شكل محطة بارزة في تاريخ المغرب، إذ أعلن عن إصلاح دستوري كانت كل مكونات المجتمع المغربي تنتظره. وأبرز أن الإصلاح الدستوري ضروري لمواكبة التحولات التي عرفها المغرب، خاصة خلال العشرية الأخيرة، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى مواكبة مضامين الخطاب الملكي بمبادرات وتدابير عملية، حرصا على التنزيل السليم لها. من جهة أخرى، قال فضيلي إن الإشكالية الأساسية التي تعانيها الأحزاب، تتجلى في ضعف وسائل العمل، مما يحول دون إمكانية قيامها بوظائفها على الوجه الأكمل. وشدد فضيلي على أن من التدابير المستعجلة التي ينبغي على الحكومة اتخاذها، في الوقت الراهن، إيجاد حل لمعضلة البطالة، وإنشاء صندوق للتعويض على البطالة، إلى جانب تدبير الهجرة القادمة من بلدان جنوب الصحراء. شهدت بعض الأقطار العربية موجة من الاحتجاجات، والثورات، أطاحت ببعض الزعماء، كما هو الشأن في تونس ومصر، والآن نعيش على إيقاع المد الثوري في اليمن، وليبيا، وحتى سوريا...كيف تقرؤون هذه الأحداث؟ في الواقع، لا يمكن القول إن الأحداث المتواترة في المحيط العربي، شكلت مفاجأة، رغم أن لا أحد كان ينتظرها، على الأقل في المدى القصير، لكن هذه الأحداث، في العمق، لم تفاجئنا، بالنظر إلى الاحتقان الذي يطبع المجتمعات العربية التواقة إلى التحرر، وكسر قيود السلطوية المفرطة، والقطع مع منطق الحزب الوحيد الذي يتحكم في العديد من البلدان العربية. لقد سئم المواطن العربي الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الخانق الذي ظل يعيش فيه لمدة عقود، وقرر النزول إلى الشارع ليعبر عن ثورته وتمرده ضد هذا الوضع، وهو أمر مفهوم. العالم العربي يزخر بالطاقات والمؤهلات القادرة على العطاء والإسهام في تنميته والنهوض به في شتى المجالات، لكن مع الأسف تم إهدار هذه الطاقات والكفاءات، ولم توظف بما يعود بالنفع على المجتمعات العربية، ما أدى إلى تعطيل التنمية. في خضم هذه الأحداث المتواترة في العالم العربي، ساد الحديث عن الاستثناء المغربي، ما رأيكم في الموضوع، هل يشكل المغرب استثناء؟ ينبغي أن نستحضر أن ما يقع في البلدان العربية، عرفه المغرب مباشرة بعد حصوله على الاستقلال، تحديدا خلال سنة 1958، في إبان مناهضة المحاولات المتكررة التي كانت ترمي إلى فرض الحزب الوحيد، وهو ما أدى إلى التمرد في عدد من المناطق، واستتبع ذلك موجة من الاعتقالات السياسية، طالت بعض الرموز مثل الخطيب وأحرضان. آنذاك، طالب المجتمع بإطلاق سراحهما قبل مباشرة أي مفاوضات بشأن استصدار ظهير الحريات العامة. وفعلا أطلق سراح الخطيب وأحرضان، وانخرط المغرب في مفاوضات مع مكونات المجتمع السياسي والمدني، خلصت إلى صدور ظهير الحريات العامة. ومنذ تلك الفترة، والمغرب يخوض معركة ترسيخ المبادئ والقيم المؤسسة للديمقراطية، والحريات، وحقوق الإنسان، وفق ما تسمح به الظروف الوطنية والدولية. المخاضات العسيرة التي عاشها المغرب تعكس الإكراهات والصعوبات الكثيرة التي واجهها، في سبيل تثبيت التعددية الحزبية، في الوقت الذي بدأت الموجات الجارفة للمد الشيوعي والاشتراكي، وهيمنة الحزب الوحيد، تحكم قبضتها في بعض الأقطار. في هذا الوقت، شق المغرب طريقه، بتعثر تارة، وبنسبة معينة من النجاح، تارة أخرى، في سبيل ترسيخ التعددية الحزبية ونبذ فكرة الحزب الوحيد أو المهيمن. وخطا المغرب خطوات إيجابية، في هذا المجال، إذ قام بالتغيير تجاوبا مع كل مرحلة من مراحل تاريخه، فكان دستور 1962، ودستور 1972، ثم دستور 1992، و1996، وانتهاء بمشروع الإصلاح الدستوري المعروض، حاليا، للنقاش. وطيلة هذه المراحل التي قطعتها التحولات في المغرب، لم تخلد الأحزاب السياسية الوطنية إلى الصمت، بل بادرت إلى رفع مذكرات بشأن الإصلاح الدستوري والسياسي إلى الدوائر العليا، كما أن البرلمان شهد تدخلات لافتة في هذا المجال، وهو ما يُثبت أن الأحزاب السياسية كانت دائما تسعى وتطمح إلى الأفضل، وعلى الباحثين العودة إلى أدبيات ومؤتمرات الأحزاب، ليتأكدوا من ذلك. عرف المغرب تطورا ملحوظا، ولو بخطى بطيئة، في اتجاه بناء دولة المؤسسات، والإنسان المغربي، الذي عبر عن إدراكه لأهمية بناء دولة حديثة بشكل توافقي، غير ما مرة. إن كل هذه التحولات التي عرفتها البلاد، وربما كان المغرب النموذج الوحيد في محيطه العربي والإسلامي، الذي أسهم فيها، لابد أن يدفعنا إلى عدم التفريط في المكتسبات التي تحققت، وفي البناء الذي باشره المغرب طيلة العقود الماضية، بل المطلوب هو الحفاظ على ما بُني طيلة هذه العقود وتعميق التراكمات في هذا المجال، فالمغرب له خصوصياته، ومن المجحف أن نضعه في السلة نفسها التي نضع فيها بلدان أخرى. حينما تأسست حركة 20 فبراير، وقررت الخروج إلى الشارع للتظاهر السلمي من أجل التعبير عن مطالبها، أبدت جل الأحزاب، ومنها الحركة الشعبية موقفا متحفظا، بل سارعت إلى الإعلان عن رفضها لمسايرة الشباب في الخروج، ما هي أسباب هذا الموقف بنظركم؟ أعتقد أنه كانت لدى الأحزاب تخوفات من أن تركب الأطراف المعادية للمغرب، موجة الحركة الاحتجاجية وتأتي على الأخضر واليابس، والخوف ما يزال قائما، كما أن بعض الأحزاب كانت تتخوف من أن تركب بعض الجماعات والجهات المتطرفة موجة الاحتجاج، كما أن الأحزاب كانت متخوفة من ضبابية الحركة، وعدم معرفة من يقف وراءها. كان هناك غموض حول الحركة، في البداية، فرض على الأحزاب واجب التحفظ. بالنسبة إلي شخصيا، أعتبر أن الاحتجاج السلمي حق مشروع، خاصة لمن يعتبر نفسه أنه لم ينل حقوقه المشروعة، في العمل، والعيش الكريم، لكن شرط أن يتم التعبير عن هذه المطالب بشكل حضاري. وبالمناسبة، فإنني، اعتبر، شخصيا، أنه من بين التدابير المستعجلة التي ينبغي على الحكومة اتخاذها، إيجاد حل لمعضلة البطالة، وإنشاء صندوق للتعويض على البطالة، إلى جانب تدبير الهجرة القادمة من بلدان جنوب الصحراء، إذ أن المغرب تحول في السنوات الأخيرة، إلى بلد مستقبل للهجرة، وإذا لم يتم استصدار قانون يقنن هذه الظاهرة، فإننا سنصبح أمام معضلة معقدة، إذ ستنضاف أعداد من المهاجرين القادمين من بلدان أخرى، إلى العاطلين عن العمل الموجودين حاليا. وبالعودة إلى موقف الحزب من حركة 20 فبراير، فإن التيار الشبيبي داخل الحركة الشعبية، ساند حركة 20 فبراير، وتفاعل مع الحركة الاحتجاجية، أما على مستوى المكتب السياسي، فالقيادة كانت تغلب جانب التريث وعدم الانسياق وراء الحركة الاحتجاجية، وكانت ترى أن الإصلاحات لابد أن تتحقق من خلال أسلوب الحوار والتوافق، ولذلك قررت عدم النزول إلى الشارع. ألا تعتقد أن بعض الأحزاب، ومنها الحركة الشعبية، كانت متناقضة مع نفسها، إذ في الوقت الذي امتنعت عن الخروج في 20 فبراير، أصدرت بلاغات تؤكد فيها مساندتها لحركة 20 فبراير؟ لا أرى تناقضا في الموقف، فجل قيادات الأحزاب كانت تفضل أن يتحقق الإصلاح بدون أي لزوم إلى التظاهر، بمعنى أنها كانت تغلب جانب الحوار وتقديم المطالب بأسلوب حضاري، عوض النزول إلى الشارع... وحينما تبين لها أن شباب 20 فبراير عبروا عن مطالب، هي في مجملها مطالب جل الأحزاب، لم تتردد في التعبير عن مساندتها لهم. شكل الخطاب الملكي ل9 مارس، حدثا بارزا، باعتباره جاء محملا بمضمون قوي، يتمثل في الإعلان عن الإصلاح الدستوري، كيف استقبلتم مضامينه؟ الملكي يتسم بالجرأة والشجاعة في طرح موضوع يحظى بالأولوية لدى المغاربة، والمتمثل في الإصلاح الدستوري، وهو بالتالي خطاب تاريخي، والمطلوب هو أن يتم الاستثمار الجيد لمضامينه، خاصة أن الخطاب خلف صدى واسعا وإيجابيا وطنيا ودوليا. إن ما جاء به الخطاب الملكي بإمكانه أن يُحدث قفزة نوعية ترتقي بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة، ومن شأنه أن ينعكس إيجابا على المجتمع المغربي، في المدى القصير، والمتوسط، والبعيد، على المستوى السياسي. هناك حاجة الآن إلى مواكبة مضامين الخطاب الملكي بمبادرات وتدابير عملية، حرصا على التنزيل السليم لها. هل تعتقدون أن الخطاب الملكي يعتبر كافيا لتحقيق الإصلاحات؟ الخطاب الملكي وضع المرتكزات الأساسية للتعديل الدستوري،إنه بمثابة خارطة طريق، وهو مهم، ويبقى المجال، الآن، مفتوحا أمام حسن تنزيل مضامينه، وتطبيق الخطوط العريضة التي جاء بها. المطلوب، الآن، هو تعميق النقاش حول الإصلاح الدستوري، للوصول إلى خلاصات متفق حولها لتكون لبنة للإصلاح السياسي والدستوري المنشود. هل تعتبرون أن الأحزاب مؤهلة لمواكبة دينامية الإصلاح؟ الإشكالية الأساسية المطروحة أمام الأحزاب، أنها تعاني ضعف وسائل وإمكانيات العمل. لقد خول الدستور للأحزاب مهمة تأطير المواطنين وتمثيلهم، إلا أنها لا تتوفر على الإمكانيات التي تؤهلها للقيام بهذه المهمة على أكمل وجه، كما أن المطلوب، أيضا، هو أن يتم التعاطي مع الأحزاب بإيجابية من طرف الدولة، من خلال مدها بوسائل عمل تؤهلها لمواكبة صيرورة الدمقرطة والتحديث. لكن هناك مشاكل داخلية للأحزاب، من قبيل غياب الديمقراطية الداخلية، وشيخوخة القيادات... أعتقد أن النخب الحزبية تتجدد تلقائيا، ومن واجب الأحزاب أن تنفتح على الشباب، وتفتح لهم المجال لحمل مشعل القيادة في الوقت المناسب. هناك حاجة إلى تفعيل الديمقراطية الداخلية للأحزاب. الأمر لا يختلف بالنسبة إلى الحركة الشعبية، التي ينبغي أن تنفتح على الشباب وتحرص على إعمال الديمقراطية الداخلية. انخرطت الحركة الشعبية في الدعوات المنادية بالإصلاحات السياسية والدستورية، هل يمكن اعتبار التحول في موقف الحزب ناتج عن الأحداث التي يموج بها المحيط العربي، إلى جانب ظهور حركة 20 فبراير، أم أن هناك اعتبارات أخرى؟ هناك قناعة لدى قيادة الحركة الشعبية بضرورة تحقيق إصلاح دستوري بما يواكب التحولات التي عرفها المغرب خلال العشرية الأخيرة. صحيح أن هذا المطلب لم يكن يشكل، ربما أولوية مستعجلة، ولكن الآن، مع التحولات الجارية في بعض البلدان العربية، لم يعد هناك مجال للتعبير عن موقف متردد. الحركة تعتبر أن المغرب دخل منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي، مرحلة اتسمت بتحولات وتطورات طالت شتى المجالات، وبالتالي، فإن دستور 1996، رغم أهميته، لم يعد قادرا على مواكبة التحولات الجارية في البلد. لا يمكن أن ننفي أن الدستور الحالي، يوفر هوامش من أجل النهوض بالبلد في مجالات الديمقراطية، ولكن مقتضياته ليست كافية لبناء دولة المؤسسات، والارتقاء بالقضاء إلى مستوى سلطة مستقلة، وتكريس حقوق الإنسان، إضافة إلى أن دسترة الجهوية، وكذا الأمازيغية، تفرض تعديلا دستوريا. هناك، إذن، ضرورة لوضع دستور جديد يواكب المرحلة. ألا تعتبرون أن الحيز الزمني المحدد لتقديم الأحزاب لتصوراتها حول الإصلاح الدستوري، كان ضيقا، وأن عددا من الأحزاب وجدت نفسها تشتغل تحت إكراه ضغط الزمن؟ لا أعتقد أن الحيز الزمني يطرح إشكالية، خاصة أنه بالنسبة إلى الحركة الشعبية، كانت لدينا تصورات ورؤى حول المسألة، وأعتقد أن المدة المحددة، كافية بالنسبة إلينا. هناك مرتكزات مشتركة لدى جل الأحزاب حول تصوراتها للإصلاح الدستوري، ما هي ميزة تصور الحركة الشعبية بالنسبة إلى هذه المسألة؟ من بين القضايا الأساسية التي تركز عليها الحركة الشعبية بالنسبة إلى الإصلاح الدستوري، ودسترة اللغة الأمازيغية، والجهوية، وأشدد على أن الحزب أولى اهتماما كبيرا لهذين المجالين، حتى قبل أن تتسع دائرة المطالبين بتكريسهما في الدستور، بين الفاعلين السياسيين، والجمعويين، والنقابيين. وهناك مطالب أخرى نتقاسمها مع أحزاب أخرى، مثل توسيع اختصاصات الوزارة الأولى، والمؤسسة التشريعية، والفصل الحقيقي للسلط. تميز المشهد السياسي، قبل تفجر الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي، بنوع من الاحتقان الذي اتسم بصراعات بين حزب "البام"، من جهة، والعدالة والتنمية والاستقلال من جهة أخرى، كيف واكبتم هذه الصراعات، التي كانت تتخذ منعطفات مٌقلقة، في بعض الأحيان؟ طموحنا أن نرى مشهدا سياسيا سليما، يطبعه التنافس الشريف والمتوازن للقوى السياسية. مع الأسف صارت الأمور عكس المبتغى، في الشهور الماضية، إذ عاينا مشهدا سياسيا متوترا، بسبب اندلاع "معارك" لها خلفيات ذاتية، وقد تكون لها خلفيات موضوعية، لكنها، في كل الأحوال، أساءت إلى المشهد السياسي. في خضم هذه المعارك، تعرض حزب "البام" إلى انتقادات، واتهم بالحزب الوحيد أو المهيمن، ما رأيكم؟ أعتقد أنه ليس من مصلحة المغرب أن يكرر التجربة المريرة التي عرفتها بلدان في المنطقة العربية، وهي تجربة الحزب الوحيد، والتي قادت إلى الكارثة. مع الأسف كانت هناك مؤشرات مقلقة تدل على أننا كنا نسير نحو هيمنة حزب معين، رغم أن المغرب كان حاسما منذ حصوله على الاستقلال، في ما يخص تبني التعددية السياسية. لقد كان هناك توجه نحو إقصاء أحزاب لفائدة حزب مهيمن، وهو ما كان من شأنه أن يخلق أزمة ليس للأحزاب، فقط، بل للبلاد ككل، ولحسن الحظ، أن الأحداث المتواترة في العالم العربي، ربما دفعت في اتجاه مراجعة الأمور. هل تعتقدون أن الحركة الشعبية نجحت في توحيد مكوناتها، وأن الاندماج تحقق، فعلا على كل المستويات؟ الحركة الشعبية مطالبة بالانفتاح على كل الحركيين في المغرب العميق، والأخذ بآراء كل مكوناتها وإشراكها في كل ما يحصل داخل الحزب. ومن واجبنا إعادة الاعتبار إلى الحزب، وتأهيله لكي يلعب دوره ويضطلع بمهامه، إلى جانب الأحزاب الوطنية الأخرى الموجودة في الساحة. رفعت الحركة الشعبية تحدي الاندماج، في سياق حرصها على الإسهام في عقلنة المشهد السياسي، وتحقيق القطبية الحزبية، وكانت هناك صعوبات كثيرة، لكن اعتبرتها مكونات الحزب تضحيات من جانبها، لكن مع الأسف لم ينظر إليها(التضحيات) بمنظار إيجابي، بل تولد الانطباع أننا عوقبنا من أجل ذلك. ضرورة تأهيل الجهة على ذكر الجهوية، ما هو تقييمكم للاقتراحات التي قدمتها اللجنة الاستشارية للجهوية؟ الخلاصات النهائية لعمل اللجنة الاستشارية تضمنت عدة مقترحات إيجابية، ومنها التقسيم الجهوي، الذي أصبح يضم 12 جهة عوض 16، ولكن لدي ملاحظات حول هذه القضية، وأعتقد أن العديد من المواطنين يشاطرونني الرأي فيها. باعتقادي أنه كان من المفروض أن نستأنس بالتجارب الناجحة، مثل ألمانيا، وسويسرا، وإسبانيا، أما النموذج الفرنسي فأعتبره، شخصيا، نموذجا فاشلا. من جهة أخرى، لا يمكن إلا أن نوافق اللجنة على اقتراحها تخفيض عدد جهات المملكة إلى 12 عوض 16، كما هو الأمر حاليا، وهو أمر يخضع لاعتبارات موضوعية وعقلانية. إن ما أريد التركيز عليه، بالنسبة إلى الجهوية المتقدمة، هي ضرورة تأهيل الجهة وإعطائها مكانة متميزة، وذلك من خلال تقوية اختصاصات المجالس الجهوية، والاهتمام بالتشريع المحلي، في إطار التركيز على سياسة القرب، ومنح المجالس الجهوية اختصاصات واسعة، واعتماد برلمان وحكومة جهويتين، على أن تهتم السلطة المركزية بالقضايا الكبرى للمملكة. أعتقد أن الجهات تزخر بالكفاءات التي يجب توظيفها للنهوض بها، ورفع الثقل عن السلطة المركزية