إن صورة جهة مراكش أسفي في مجال البنيات التحتية تختلف من إقليم إلى آخر، وتتراوح مابين الإيجابي والسلبي، فتطور شبكة النقل الجوي، خاصة الداخلي منه المرتبط بجهات أخرى بالمملكة لايزال محدودا، رغم أنه سيشكل في المستقبل أحد القطاعات المهمة في سياسة إعداد التراب الوطني، وخاصة فيما يتعلق بربط مراكش كمدينة عالمية ذات إشعاع دولي، بالعواصم الأخرى لجهات الوطن، إذ لاشك أن إقامة الخطوط الجوية بين مراكش وفاس وطنجة ووجدة والداخلة والدار البيضاء وأكادير سيساهم بالتأكيد في تحقيق إندماج وطني فعال، وفي رفع وثيرة الرحلات الداخلية وإرتفاع نسبة إستقبال الطائرات بمختلف أنواعها على مدرجات مطار مراكش المنارة. متى يخرج مطار مراكش المنارة الدولي من الأحياء السكنية ؟ مراكش بريس. عدسة: سليمة الجوري . وإذ كان مطار المنارة الدولي يشكل المتنفس الجوي الوحيد والمميز في جهة مراكش تانسيفت، فإن موقعه الحالي،وسط المركبات السكانية والتجزئات العمرانية التي زحفت عليه، بات يساءل أولويات المجال الترابي بحدة، ويطرح الكثير من الآفاق التحديثية التي ترتبط بالبنيات التحتية، كالمواصلات والإتصالات السلكية واللاسلكية والطاقة والماء. وكانت الزميلة “أصداء مراكش” سباقة لإثارة الموضوع على صفحاتها الورقية خلال العدد الفارط ، حيث قدمت تحقيقا مفصلا تضمن الأسباب والنتائج المتعلقة بآفاق تحويل مطار المنارة،بمراكش وفق ما أصبح يلتصق به من مقومات إعداد التراب وتهيئة المجالات التنموية، وعليه فقد بات إنشاء مطار دولي جديد خارج المدار الحضري لمراكش، بعيدا عن المناطق السكنية أمرا ضروريا ،وملحا ، في ضوء المستجدات الحداثية التي يعرفها مضمار إعداد التراب. ولم تخف مصادر مطلعة ومختصة من الميدان، في حديثها مع الجريدة المذكورة أن مطار المنارة بمراكش بوضعه الحالي بات يعتبر متخلفا جدا مقارنة بمطارات المدن المعروفة العالم ، وكأنه مطار إحدى الدول الفقيرة وليس مطار في واحدة من أبرز مدن العالم شهرة وحضارة وتمدنا. من جهة أخرى أثبتت دراسة حديثة أن مساحة الأرض التي يحتلها أي مطار دولي من عيار مطار مراكش المنارة تكفي لبناء 40 ألف وحدة سكنية، وهو الأمر الذي يجب التسطير عليه بالخط العريض، استحضارا للدينامية الديمغرافية التي تعرفها مراكش، ولإتساع النسيج العمراني ، وتسارع مظاهر التمدين. في حين أكدت مصادر مقربة من المكتب الوطني للمطارات أن موقع المطار الحالي لم يعد صالحا ، مؤكدة على أفضلية إقامة مطار جديد على أحدث التصاميم، في منطقة أڭفاي أيت إيمور كما كان شائعا، أو بمدينة “بن ڭرير”على تراب إقليم الرحامنة، مما سيخلق رواجا كبيرا بهذه المدينةالشابة، وسيعوضها عن ما خسرته بسبب إنزياح الطريق السيار عنها، الرابط بين مراكش والدار البيضاء ، بدلا من هدر الأموال الطائلة على هذا المطار المحاصر بالتطورات العمرانية، في أحياء المحاميد وأزلي الجنوبي، والمسيرة، وبوعكاز وعلى مستوى شارع العيون بذات المنطقة، وحيث لم تستبعد ذات المصادر بأن يصبح مطار مراكش المنارة في المستقبل القريب وسط المناطق السكنية الجديدة، كأي سوق ممتاز، مما يشكل خطورة فعلية على السكان إضافة للضجيج الذي ينبعث من الطائرات وما ينتج عنه من تلوث الأجواء.وبالتالي سوف تساهم هذه الأرض الشاسعة في حل جزء كبير من مشكلة ندرة الأراضي الصالحة للسكن، ولإنشاء المرافق الإدارية والتجهيزية والخدماتية. من جهة أخرى يتساءل موظف رفيع المستوى حول الكيفية التي غابت فيها هذه الفكرة عن الذين وضعوا الخطط التنموية لمطار المنارة مراكش المذكور، قبل عشرات السنين ، مشيرا إلى أنه في جميع دول العالم تقع المطارات في المناطق البعيدة نسبيا عن المناطق السكنية بل أن جميع المطارات تبعد حوالي ساعة كاملة عن أقرب منطقة سكنية ما عدا مطار المنارة مراكش الحالي الذي لايبعد سوى دقائق معدودة عن المناطق المحيطة به إلى درجة أن الطائرات تهبط لارتفاعات منخفضة جدا فوق سطوح المنازل عندما تريد الهبوط في المطار مما يشكل خطورة ليس على الناس فحسب بل حتى على الطائرات نفسه. على صعيد آخر، يبقى الحلم بمبنى لمطار جديد، وعلى أحدث طراز يضاهي مطارات دول العالم المتطور، من أبرز التطلعات لدى الفاعلين الاقتصاديين ورجال المال والأعمال والدوائر السياحية والخبراء في قضايا إعداد التراب، بعيدا عن أساليب و وليس بعمليات ترقيع وترميم لمبنى متهالك وقديم لم يعد صالحا لاستخدام أكثر من مليون مسافر سنويا، لايجدون دورات مياه نظيفة ولا أماكن للراحة والجلوس، أو مداومة للخدمات والتسوق، ويعانون أشد المعاناة في انتظار الأمتعة بسبب حجم صالة الوصول الذي لايتعدى حجم أي قاعة أفراح في مراكش على حد تعبيره. وشددت ذات المصادر “أننا بحاجة لقرار جريء وحاسم بهدم المطار الحالي من جذوره والبحث عن موقع لمطار دولي جديد يستحق أن يحمل اسم مراكش، وإشعاع المملكة على المستوى الإقليمي والدولي”. ومعلوم أنه في الحيزات السكنية المجانبة للمطارات يزداد أيضا تعرض السكان للإشعاع الكهرومغناطيسي المنبعثة من ترددات آليات الإتصال السلكية واللاسلكية المرتفعة التقنية، وتشير الدراسات الحالية إلى أن تعرّض السكان للمجالات الكهرومغناطيسية من هوائيات محطات المطار، يفوق حدة الهواتف المحمولة حيث يتراوح ما بين 0.002%-2% من مستويات حدود التعرض المسموح بها دوليا، ويعتمد ذلك على عوامل مختلفة مثل بعد الشخص عن هوائي المحطة وكذلك على طبيعة البيئة المحيطة. مما ينجم عنه الكثير من العواقب الصحية المحتملة من التعرض لمجالات التردد اللاسلكي الناجم عن استخدام تقنيات التواصل المخصصة للمطار. في نفس السياق، أشارت مصادر مراقبة ل “مراكش بريس” أن المناطق المجاورة لمطار مراكش المنارة، باتت تعرف بعض ساكنتها تغييرات ذات صلة على نمط النوم ووظائف القلب والأوعية الدموية، في حين تحدث بعض الأشخاص ممن إلتقتهم “مراكش بريس” في المحيط السكني المجاور للمطار المعني عن شعورهم بأعراض غير محددة عقب تعرضهم لمجالات التردد الصوتي اليومي للطائرات مما يؤكد زعم النشرات الحديثة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والمتعلقة بالحساسية الزائدة للمجالات الكهرومغناطيسية، والمجالات الصوتية المرتفعة، التي يتولد عن إستدامتها تكسير وتشقق الواجهات الزجاجية أحيانا . وعلمت “مراكش بريس” أن القلق السائد بشأن هوائيات محطات مطار مراكش المنارة الدولي وشبكات اتصالاته اللاسلكية العالية الجودة والتقنية سببه اعتقاد الكثير من جمعيات المجتمع المدني بجهة مراكشآسفي المدافعة عن حماية البيئة والمجالات الحيوية ، ومناهضة التلوث وأسبابه، يكمن في إمكانية تعرض كامل الجسم للإشارات اللاسلكية التي تنبعث منها يمكن أن يؤدي إلى آثار صحية على المدى البعيد. وحتى الآن فان الأثر الصحي الوحيد الذي تم التعرف عليه عن طريق الأبحاث العلمية يعود إلى الارتفاع في درجة الحرارة ، أكبر من درجة مئوية واحدة نتيجة التعرض لكثافة إشعاعية عالية والتي تتواجد فقط في بعض المؤسسات الكهربائية والكيماوية الصناعية مثل المسخنات التي تعمل بأشعة التردد اللاسلكي. ورغم تسييج مجالات أشعة التردد الراديوي بمطار مراكش المنارة ، وإبعادها عن مجالات تحركات الساكنة، وإعتباره ممنوعا رغم أن مصادر مختصة أكدت أن مستوى الإشعاع لايمكن أن يتجاوز الحدود الدولية المسموح بها. وتشير القياسات والدراسات الحالية إلى أن مستويات التعرض لإشعاع التردد الراديوي المنبعث من محطات الإتصال داخل مطار مراكش المنارة، وبمحيطه وتقنيات الاتصال اللاسلكي الأخرى المعتمدة به تبقى دائما ذات تأثير خصوصا في الأماكن التي تعرف حضورا مكثفا للساكنة على غرار المدارس والأسواق والمنازل والمراكز الصحية. على ذات الواجهة ، تقدمت اللجنة الدولية للوقاية من الإشعاعات غير المؤينة (ICNIRP,1998) ومعهد المهندسين الكهربائيين والالكترونيين العالميين (IEEE,2005) بتطوير إرشادات دولية قصد توفير الوقاية من الآثار المثبتة للمجالات الكهرومغناطيسية...........بمقترح يدعو إلى إبعاد المطارات في المملكة مسافة لا تقل عن 25 كيلو متراً عن المدن، وإقامة عوازل للصوت حول المباني، وإيجاد شبكة لرصد الضوضاء، واختيار طائرات ذات مواصفات قليلة الضوضاء لحماية السكان من التلوث السمعي والبيئي . في نفس الوقت ذكر خبراء باللجنة الدولية المعنية أن تحليق الطائرة يبعث ملوثات على مسافة 12 ميلاً طولاً وعرضاً، وعند الهبوط تكون الملوثات أكثر من 8 إلى 3 كيلومترات طولاً وعرضاً. كما أقر تأكيد الأممالمتحدة على أن الطيران مسؤول عن نصف التلوث المنبعث من وسائل النقل، موضحاً أن الأشخاص الذين يسكنون في محيط أميال من المطارات هم أكثر عرضة للسرطانات بسبب الملوثات من أكاسيد النيتروجين والهيدروكربون والكبريت والبنزين والفور مالدهايد، إضافة إلى تراكم الملوثات داخل المباني، التي تتزايد من 3 إلى 4 أضعاف. في نفس السياق، أوضحت أستاذة الكيمياء بكلية العلوم التابعة لجامعة القاضي عياض الدكتورة لطيفة بلالي ، وعضو مكتب “مركز تنمية جهة تانسيفت” أن الذين يعيشون قرب المطارات يتعرضون لمستويات عالية من التلوث الذي تنفثه عوادم الطائرات”. وأضافت بلالي أن تلوث الهواء يتسبب بأمراض القلب والربو وأوبئة خطيرة أخر نتيجة وجود جزيئات متناهية الصغر حجمها أقل من 1/ 500 من سمك شعرة الإنسان، مشيرة إلى أن “التلوث الضوضائي قد لا يكون الخطر الوحيد على الصحة بالنسبة للساكنة التي تعيش قرب المطارات”. وخلال إستضافة مدينة مراكش لمؤتمر دولي حول السلامة في المطارات الدولية والداخلية الذي نظمه المكتب الوطني للمطارات، وحضره مسؤولو ومديرو بعض المطارات الدولية وخبراء سلامة المطارات الدولية والإقليمية ركزت مداخلات الحضور من المختصين المذكورين على إجراءات وأساليب السلامة داخل المطارات، وعلى آليات الوقاية والطرق العلاجية لمنع وقوع حوادث الطيران والتلوث البيئي بمختلف أشكاله ومسمياته مبينين أن التلوث الناتج عن المطارات ، والذي يصنف بأنه الثالث من بين أنواع التلوث الأكثر خطورة على البيئة وصحة الإنسان، في حين دعت مداخلات أخرى إلى ضرورة الالتزام بقوانين الضوضاء وإيجاد برامج للحد من انبعاث التلوث وإنشاء أقسام لحماية البيئة ورصد مجرياتها داخل فضاء المطارات. وكانت أشغال مؤتمر السلامة في المطارات المنعقد بمراكش، في 31 مارس وفاتح أبريل الفارط من السنة المنصرمة ندوة حول “سلامة المطارات بإفريقيا”، وذلك على هامش الدورة ال 45 للمجلس الاداري للمجلس الدولي للمطارات بمنطقة إفريقيا، قد عرفت اقتراحات من لدن المشاركين إنصبت على أهمية وضع قيود بالنسبة للحد الأقصى للضوضاء الناجمة عن الطائرات بأنواعها والمسموح بها دوليا وفق ماهو متبع متبع في بعض الدول المتقدمة أو المنتقلة ديمقراطيا كالمغرب، و تطبيق نظام منح شهادة ضوضاء للطائرات الجديدة.مع مراعاة إنشاء المطارات الجديدة وخاصة للطائرات الأسرع من الصوت بعيداً عن المدن بمسافة كافية من جهة أخرى كانت “مراكش بريس” قد تعذر عليها الإتصال بمدير مطار مراكش المنارة،لإستجلاء رأي الإدارة حول الوضعية الحالية للمطار، التي يبدو – حسب الكثير من المراقبين- تعرف الكثير من الإختلالات الوظيفية والتجهيزية. مراكش بريس. عدسة: سليمة الجوري .