لا يمكني التبجح بمعرفة حقيقة ثورة الأرز التي دعا لها حلفاء تيار المستقبل اللبناني , لكني اعرف أن هؤلاء هم آخر من يريد القيام بثورة في كل الظروف وأنهم آخر من يشعل فتيل الطائفية أو القتال ,لسبب بسيط أنهم اكتو بنارها لسنوات طويلة من التشرذم والاقتتال , لكن حقيقة الوضع الحالي في لبنان لا ينذر بالخير , وخاصة مع استعلاء كيان إيران داخل الجسد اللبناني المتمثل في حزب الله , وحتى لا نكون طائفيين أو متحاملين , دعونا نتوهم قصدا أن سلاح حزب الله هو ضد إسرائيل كلا وكما ,ودعونا نطرح خمس أسئلة محورية على المقاومة الإسلامية في لبنان كما تسمي نفسها وهنا نحن لا نعادي تيارا ولا نناصر آخر إنما نريد الحقيقة الفعلية والكاملة لسر وجود كيان دولة معادية للعرب في قلب دولة عضو في جامعة الدول العربية . السؤال الأول : هل زوال إسرائيل من الوجود يعني زوال المقاومة الإسلامية في لبنان (على حد زعمها) ويؤدي في المحصلة إلى نزع سلاحها والرضوخ إلى هيمنة جيش الدولة اللبنانية ؟ الجواب طبعا سيكون لا من خطاب السيد حسن نصر الله الذي قال فيه (إننا موجودون ومؤمنون بولاية الفقيه ونحن هنا في خدمة مشروع رباني يبدأ من حرب أعدائنا إسرائيل وحلفائها وينتهي بنصرة المهدي صاحب الزمان عجل الله فرجه ) هنا أستسمح العقلاء فضلا منهم أن يركزوا على أمور منها أولا إيمان الحزب عبر تصريح أمينه العام بكونه حزب يؤمن بولاية الفقيه وليس بالجمهورية ولا حتى الخلافة الإسلامية أو ما شابهها من أنظمة الحكم الإسلامية بل بولاية الفقيه القائمة في إيران , الأمر الثاني سبب وجودهم وهو خدمة أو حماية أو الدفاع عن مشروع رباني (مع ما تحمله الكلمة من هالة القداسة والنصر الإلهي ) جعل بدايته متصلة بحرب إسرائيل وحلفائها (وهنا يمكن وضع أي احتمال مثلا :حلفائها من خصومنا السياسيين أو حلفائها من أهل السنة كون بعض زعماء دول سنية مثل مصر أو السعودية أو الأردن تحاربنا فهي بهذا ضد المشروع الرباني أو ضد مشروع ولاية الفقيه إذن هي حليفة لإسرائيل علينا ,والاحتمالات عديد..)ونهايته بكون الحزب أو المقاومة أو سلاحهما مستعد لنصرة المهدي (صاحب السرداب في المخيال الشيعي ) والحرب تحت رايته . والمستخلص من الكلام السابق أن الحرب مفتوحة على إسرائيل بذريعة سياسية أو دينية أو عرقية لا يهمنا هذا بقدر أنها ذريعة قوية للوجود والتواجد والنماء والاستمرارية مع جعل المعارضين سواء حلفاء لها أو غير ذلك في قائمة المتحزبين مع إسرائيل بالإضافة إلى أن هذا المشروع الذي يحارب إسرائيل وأعوانها (المزعومين)له هدف آخر حتى لو زالت إسرائيل وزال كيانها وزال كل أعوانها وحلفائها وهو نصرة إمام زمانهم ومهدي سردابهم وهذا ما يجعل هذا التواجد سرمدي كون السياسة لا تتماشى مع الأسطورة مما يدخل لبنان في ما لا تحمد عقباه .
السؤال الثاني : ما مدى فعالية سلاح حزب الله ضد إسرائيل وما مدى تأثيره في قراراتها ومسارها ؟
الجواب هنا سيكون صعبا جدا كون الاختلاف كبير بين المنطق والخيال الذي يؤمن به العديد من الناس , حيث إن التظليل الإعلامي سواء الحزبي (حزب الله) أو البهتان السياسي الإسرائيلي (الذي يكرس الخوف والهلع من الآخر مهما كان) بالإضافة إلى المستقلين من الإعلاميين المفتونين حينها بما حصل مع شح ونذرت المعلومات جعلت أسطورة التحرير تكرس بشكل كبير رغم أنها محض زيف و خرافة , والحقيقة المغيبة أن يهود باراك وعد منتخبيه إذا ما نجح كرئيس للوزراء أن يسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان كون أولا هذا مطلب للشارع الإسرائيلي الذي أصبح يرى في لبنان محض مجازفة قام بها وزير الدفاع ارييل شارون ومن سانده أيامها وكون إسرائيل كانت تتجه في خطط جديدة وأكثر إفادة لمشروعها فطبقت في شبه عجالة القرار 449 القاضي بسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان , وإلا لما احتفظ بمزارع شبعا التي تدعي إسرائيل أنها يوم احتلتها كانت أرضا تابعة لسوريا مع إصرار الحزب المذكور على أنها أرض لبنانية (إما بحسن نية كونها فعلا ارض لبنانية أو ليبقي على سبب وجوده الحالي وهو تحرير الأرض من الاحتلال),فلو كانت تلك الأرض جزءا من الجنوب اللبناني الذي غادرته إسرائيل (فرضا) خوفا وأنينا من نيران الحزب المقاوم لكانت أفلتت المزارع وإلا لما تتحمل ترك الجزء الكبير والاحتفاظ بالجزء الصغير مع نفس التحملات في فاتورة الخسائر التي يدعي الحزب انه كبدها إياها .الأمر الأهم من هذا الكلام كله هو حرب تموز التي أعاد فيها الجيش الإسرائيلي عدوانه على لبنان بسبب مغامرة أخرى غير محسوبة للحزب وجر لبنان بقوة مزعومة وغير موجودة إلى حرب دامت أسابيع طويلة قبل أن ينجلي غبارها على كذبة أخرى وهي انتصار الحزب وهزيمة إسرائيل مع أن إسرائيل لم يكن مشروعها هنا احتلال لبنان بل فقط ضرب البنية التحتية اللبنانية و إضعاف الحزب ومعرفة قدرة سلاحه المشكلة هنا أن الحزب الذي ادعى الانتصار فعلا انتصر بشيء واحد وهو بقاؤه حيا ليس لأنه قاوم أو امتلك قوة الردع بل لأنه لم يتحمل الضربة لوحدة بل تحملتها معه الدولة بأكملها ولم ينتصر الحزب حقيقة في شيء ولم تتراجع إسرائيل قيد أنملة من مكانها والذي يجعل من الأول منتصرا ومن الأخر منهزما هو لائحة الخسائر المهولة طبعا فمع كل نيران وصواريخ وقذائف وتهديدات الحزب لم يجعل إسرائيل تخسر عشر ما خسرته لبنان في هذه الحرب من بنية تحتية ودمار أو في الأرواح, و سموه نصرا , إسرائيل أعجبتها الكذبة من ناحية ابتزاز الولاياتالمتحدة لكنها مارست الصمت في نظير بعض التصريحات النارية للامين العام للحزب وخاصة حين ادعى أن بارجة حربية تم تدميرها على شواطئ بيروت إنها بالفعل محض خرافات الحزب السياسية والعسكرية .
من هنا نستنتج أن الحزب المقاوم لا يمتلك قوة الردع التي يدعيها ولا يمتلك قوة تؤثر في قرارات أو مسار دولة الكيان العبراني الصهيوني إسرائيل.
السؤال الثالث:ما هو موقف سلاح الحزب من طوائف لبنان ومن المتحكم فيه ؟
الجواب سيكون هنا أيضا معضلة مع الكثير من المثقفين المأجور منهم والمخدوع , فسلاح الحزب طائفي مائة بالمائة ,فمصدره الرئيسي هو إيران الدولة الدينية الشيعية ذات الطموح الكبير في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي وذات التاريخ الدموي مع كثير من الدول العربية سواء بالحرب (كما كان حالها مع العراق) أو بالاحتلال (كما هو حالها مع الجزر الإماراتية) أو بالمؤامرات التي تعددت الدول العربية المستهدفة من خلالها , وهنا اطرح السؤال ما هو أصل حزب الله اللبناني ولأكون منصفا علي القول انه الجزء الديني المتطرف من العملة الشيعية ذات الوجهان التي احدها حزب الله والآخر حركة أمل السياسية الأقرب للعلمانية , وقد أسس حزب الله من قلب حركة أمل مؤمنا بولاية الفقيه في آخر زمن الحرب الأهلية اللبنانية وشارك في آخر العمليات الأرشفة في السجلات والوثائق وكان أمينه العام السيد صبحي الطفيلي الذي سيجيب عن السؤال في شهادة له في مؤلفاته وعلى الفضائيات في مقابلات تلفزيونية حين قال (إن الحزب جهاز إيراني محض في دولة لبنان يعتبر حارسا غربيا لإيران وصفوف متقدمة لقواتها وليس همه المقاومة ولا الدفاع عن الأرض وان همه الأول هو حراسة إيران فقط) وحين سئل عن سبب عزله أو تنحيه عن قيادة حزب الله قال (إما أن تطيع إيران وتطبق مخططاتها التوسعية والاستعمارية والانقلابية وإما إن ......فقررت أن اترك الحزب ليجعلوا أمينه العام على مقاس رغبات دولة ولاية الفقيه) ,من هذا يظهر الحزب بحقيقة أخرى واضحة وجلية ودون ألوان انه حزب طائفي محض تأسس إبان حرب أهلية في ظل انعدام القانون وسيادة البطش فرض نفسه بسبب أو بدون سبب وعلى الجميع قبوله و الرضا به .
السؤال الرابع :ما هي الأدلة حول كون حزب الله طائفي رغم كل دعواته العربية والقومية والإسلامية وادعاء المقاومة؟
الجواب سيكون أولا بالأقوال من الخطاب السابق لأمينه العام حسن نصر الله والعملي سيكون واضحا من خلال الأرشيف بيد أن الحزب دأب على منع أي تطوع أو تدخل سواء من خارج لبنان أو من داخلها في الجنوب فالمساعدات مرفوضة والدعم مردود , ما لم تكن إحدى قنواته وروافده مقبولة لدى إيران ,منع الحزب لأي قوة لبنانية مقاومة بالتواجد في الجنوب لجانبه أو للمساعدة أو القيام بعمليات ضد إسرائيل تكرس هذا عبر خطاب أمين الحزب في سنة 2006 حين قال (كانوا قبل التحرير يأتون طالبين إن يساعدونا في حربنا ضد إسرائيل يعرضون السلاح ويعرضون الأموال ونحن كنا نقول لهم نشكركم نريد فقط منكم الوقوف على الحياد لا (تساعدونا ولا تساعدوا غيرنا علينا) هناك دول عربية عرضت المساعدة فعلا لكننا قلنا لهم عندنا ما يكفينا ويزيد ) في سنة 2003 قام حزب الله بإلقاء القبض على 5 أشخاص يقومون بالتسلل لإسرائيل لتنفيذ عملية نوعية في شمال إسرائيل , حينها قيل أنهم أطراف مجهولة متسللة لكنها لم تكن كذلك بل كانت مواطنين لبنانيين من أهل السنة وبالضبط من الجماعة الإسلامية التي تنشط في مربع مخيم عين الحلوة , هذا طبعا كونهم من أهل السنة وغير محسوبين على الحزب يرفض تواجدهم في الجنوب ويرفض استهداف إسرائيل من قبلهم , ذكرني هذا بالوصف الذي أطلقه احد المثقفين حين قال (إن حزب الله شرطي حدود شمال إسرائيل ) .
السؤال الأخير والمهم في نظري هو التالي : ما نوع العلاقة بين حزب الله وإسرائيل ؟
في اعتقادي ومن مجمل ما سبق وإذا ما أخدنا بأن السياسة كيان متحول ومتغير وليس هو ما يظهر على الحقيقة لنا في الواضح بل حقيقته هي ما لا يظهر منه أبدا ويبقى مستترا أقول متيقنا إن إسرائيل وحزب الله يكملان بعضهما بشكل لافت للنظر فكلاهما كيان خارج الشرعية , كلاهما أوجدته منظومة من الفوضى يرتكز احدهما في وجوده النسبي على تواجد الأخر كتهديد دائم له فحزب الله ما يتلبث يذكر بوجود إسرائيل ومطامعها في لبنان ويبتز في شبه استخلاص الأجور بشهدائه وتضحياته ,وبالمقابل إسرائيل لا تترك فرصة تذكر بحزب الله وتهديده لشمالها و والتخوف من امتلاكه ما قد يهدد وسطها و وجوده على حدودها ودعم إيران له , ففي حال انعدام وجود حزب الله أو انعدام وجود حزب الله سيضني الأخر كثير ا في البحث عن سبب لوجوده مقنع كما هو السبب الحالي , فكلما تعنتت إسرائيل تقوى حزب الله وكلما تقوى حزب الله ازدادت إسرائيل تعنتا هذا يدل على أنها منظومة يضخ احدها في الأخر مع استحالة انقطاعها في خط مبين .
كما لا نغفل بأي شكل من الأشكال ايدولوجيا الحزب الذي له مدارسه ومناهجه العلمية و كتبه المدرسية ورواياته للتاريخ كما انه يعتمد في التعليم على تدريس اللغة الإيرانية كلغة ثانية مع استحالة وجود أي علاقة للبنان عامة مع إيران أو كون هذه اللغة لغة حية مثلا , والغالب على الواقع أن مناطق نفوذ حزب (الله) هو دولة إيرانية محضة تصول فيها مخابراتها كما تشاء ضدا عن سيادة لبنان وحكومة لبنان إذ أن ما يقوم به الحزب من تحدي سافر للدولة ومؤسساتها يدل على انه في حالة مهادنة وليس ذا طبيعة كونه احد مكوناتها أو الفاعلين في بنائها كما هو الحال في جميع الدول التي تعرف تعدد عرقي أو طائفي أو اثني أو ديني بل يتصرف الحزب كما لو كان كيانا مستقلا له كامل المعنوية والمادية البعيدة عن الدولة وهذا المثال لا نراه إلا في الدول المستعمرة أو التي لا يسود فيها القانون وحتى لا نمضي بعيدا ففي فلسطين اتبعت حركة المقاومة (حماس) نفس المنهجية بعد أن اندمجت في اللعبة السياسية فقامت بانقلاب على الشرعية وعلى الدستور بطريقة مماثلة لما قام به حزب إيران في لبنان , غير أن المثال الفلسطيني ممكن أن يهضم بشيء من القبول كون الدولة في حالة استعمار وحرب مفتوحة مع إسرائيل ومقسمة إلى جزئيين (غزة-الضفة الغربية) لكن مثال لبنان هو دولة كاملة السيادة ولها مؤسسات .
الغالب الآن على المشهد اللبناني هو المعركة الدائرة بين تيار المستقبل وحلفائه وبين حزب (الله) وحلفائه والمعركة هي معركة الحقيقة حول اغتيال رئيس الوزراء السابق (دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري) المتهم الأول باغتياله هم سوريا (أجهزتها الأمنية إبان تواجدها في لبنان ) وحزب (الله) باعتباره حليفا لسوريا واعتبار الحرير حليف السعودية وأمريكا وغيرها من الدول المعادية للحزب وحلفائه هذا ,المشكل جعل أقدام الجميع تغوص في وحل الأخذ والرد بالاتهامات , فتيار المستقبل ومواليه يؤيدون المحكمة الدولية التي ترى في حزب (الله) وسوريا المسئولان الأولان في اغتيال دولة الرئيس وبالمقابل ترى سوريا والحزب المحكمة كيانا معاديا للبنان يريد خدمة إسرائيل ومصلحة أمريكا وهو ضد المقاومة وضد استرجاع الأرض وضد استهداف إسرائيل .وهذا الخلط ليس جددا على حزب الله الذي كلما تعرض لضغط الحقيقة من أي جهة لوح بورقة إسرائيل أو لجئ للمظلومية الطائفية , الآن على الساحة لم يبقى كثير من الوقت أمام الحزب ولا أمام تيار المستقبل , قربيا جدا تعلن الملخصات النهائية للتحقيقات التي أجرتها المحكمة حول اغتيال دولة الرئيس والحزب كما تنقل جميع الأخبار مستعد مرة أخرى لاحتلال بيروت وللانقلاب على الشرعية النيابة والترامي على سيادة الدولة عبر سياسته المعروفة بالقمصان السود فهو يعتقد دائما انه اشد شرعية من الدولة بحكم المقاومة و الشهداء , لبنان الآن تجر إلى حرب طائفية ستتزكى كثيرا عبر الفوضى التي تعم الدول العربية الآن وقريبا جدا سنشهد حربا طاحنة في لبنان استعد لها الحزب جيدا وحشد لها بذريعة إسرائيل المال والعتاد الذي سيوجه كعادته إلى الداخل بأسم إسرائيل وعملائها والادعاءات المزعومة نفسها كما في الماضي , ما لم تفرض الدولة سيطرتها وتخرج من زمن دولة السلاح والميلشيات إلى دولة الجيش والمؤسسات.