بعد أن كانت زهرة تتوجه كل صباح إلى معمل للنسيج بمدينة سلا قرب العاصمة المغربية الرباط لكسب قوت يومها اضطرت إلى الإقامة بداخله بعد أن أغلق أبوابه منذ نحو ستة أشهر نتيجة الأزمة الاقتصادية وتراجع الأرباح . وتقول زهرة بوفرة (40 عاما) وهي تفترش أريكة قديمة داخل المعمل "أغلق المعمل أبوابه ولم أجد ما أسدد به الكراء (الإيجار) ففضلت أن أتخذ من المعمل مكانا للسكن بدلا من أن أبقى في الشارع " . وتضيف زهرة التي أنهكها مرض الحساسية "أغلق المعمل في شتنبر وأصبح أكثر من 1500 عامل وعاملة عاطلين فقررت أن أسكن في المعمل وأتسول على بابه لآكل " . وسرحت أربعة معامل تابعة لمجموعة " مورناتكس " البريطانية بمدينة سلا 1500 عامل وعاملة في أواخر شتنبر الماضي وعزت ذلك لتأثير الأزمة الاقتصادية على القطاع وتراجع الأرباح . وتقول مصادر بقطاع النسيج المغربي أن القطاع الذي يضم 40 في المائة من القوة العاملة في البلاد بدأ يتعافى من أزمة هزته في نهاية 2008 و2009 بسبب انخفاض الاستهلاك بالأسواق المستوردة . وقال محمد التازي المدير العام للجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة لرويترز " منذ نهاية مارس 2010 بدأ القطاع يتعافى شهرا بعد شهر مقارنة مع 2009 و2008 " . وأضاف " في الشهور الثلاثة الأولى من 2010 سجلنا انخفاضا بنسبة 30 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من 2009 ولكن الفارق تقلص لننهي العام بارتفاع 4 في المائة مقارنة مع 2009 " . وأوضح أن القطاع فقد نحو عشرة ألاف وظيفة في 2009 و2010 . وقال " خلال هذه الفترة تم توفير 40 ألف وظيفة وفقد 50 ألفا " . وأضاف أن معامل مجموعة " مورناتكس " البريطانية بسلا " تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 و2009 كما حدث لباقي الشركات المغربية ". " كما تأثرت بمراجعة بريطانيا لعملتها في أبريل 2008 " . وتقول فاطمة أكوجيل (40 عاما) وقد بح صوتها من الهتاف في اعتصام طويل أمام المعمل المغلق " قرار الإغلاق كان مفاجئا . كنا نصنع أكبر العلامات العالمية مثل مراك اند سبنسر و زارا و نكست وفيكتوريا ... وآخر طلب تلقيناه لشركة إسرائيلية لا أذكر اسمها " . وتضيف " لكنه (مدير المصنع الأسترالي الجنسية) بدأ منذ 2007 يقلص ساعات العمل ويقطع الامتيازات عنا. كان يريدنا أن نيأس ونترك العمل وفي النهاية غادر فجأة دون أن يصرف لنا مستحقاتنا وتركنا عرضة للضياع " . وتقول فاطمة إنها تعمل في المعمل منذ 25 عاما براتب ثلاثة آلاف درهم (365 دولارا) شهريا وتعول أسرتها المكونة من ثلاثة أشقاء وأب شبه عاطل وأم ربة منزل . وتضيف أنها اقترضت 80 ألف درهم لإجراء عملية بالقلب تسددها على أقساط قيمة كل منها 1500 درهم شهريا . ويعتصم العمال أمام المعامل الأربعة المغلقة وبعضهم انتقل مع عائلته للإقامة فيها بعد أن هجرها صاحبها وترك داخلها جميع المعدات والأثواب . كما قام العمال بعدة مسيرات ومظاهرات تطالب المسؤولين المغاربة بإيجاد حل لمشكلتهم . وتقول فاطمة " نطالب الحكومة المغربية بأن تضغط على هذا المستثمر الأجنبي ليعود ويعطينا حقوقنا لأنها هي من فتحت له البلاد ومكنته من الاستثمار فيها واستغلال أبنائها " . وقال جمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني أن الحكومة مع تداعيات الأزمة الاقتصادية " دعمت بعض القطاعات المصدرة خاصة قطاع النسيج والجلد والألبسة " . وأضاف لرويترز " في الآونة الأخيرة نلاحظ أن القطاع استرد عافيته بفضل هذه التدخلات .. لكن هذا لم يحل دون أن تواجه بعض الشركات صعوبات اقتصادية لان الدعم الذي قدمته الدولة كان مشروطا " . وأوضح أن من بين هذه الشروط " أن يكون الموقف الضريبي للشركة سليما وتكون مشتركة في نظام الضمان الاجتماعي " . وتم افتتاح أول معهد عال للموضة والابتكار في المغرب هذا العام بالتعاون بين الحكومة ومهنيين من أجل تخريج كوادر مؤهلة في هذا المجال . وقال أغماني " القطاع استرد عافيته لكن هذا لا يمنع أننا لاحظنا بعض الصعوبات ... وتتدخل الدولة وفق القانون لإيجاد حل لها " .