يعود الجدل مع حلول شهر رمضان حول شرعية إفطار اللاعبين المسلمين المتعاقدين مع أندية أوروبية. وبين رأي يحرم تماما الإفطار في رمضان للاعب كرة القدم، هناك أراء أكثر واقعية كرأي الفقيه المغربي عبد الباري الزمزمي ، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل (أي القضايا المستجدة)، الذي يرد على القول بتحريم الإفطار للاعب خلال رمضان: "علي القائلين بهذا الرأي بلعب كرة القدم في ظروف مماثلة وسنرى..." و يعود الجدل إلى الدوري الهولندي بسبب تواجد عدد كبير من اللاعبين المسلمين يصرون على الصوم خلال رمضان. الرأي الفقهي تتعدد الفتاوى وتختلف الآراء الفقهية حول موضوع صيام اللاعبين المحترفين. فقد أصدر المجلس المركزي الإسلامي في ألمانيا فتوى تبيح للاعبي كرة القدم المسلمين المحترفين في ألمانيا الإفطار في رمضان. وذلك على خلفية الحادث الذي حصل العام الماضي عندما وجه نادي أف أس في فرانكفورت (درجة ثانية) إنذارا إلى 3 لاعبين في صفوفه قاموا بصيام شهر رمضان دون إخبار النادي. و قد اعتمدت هذه الفتوى على قرار جامع الأزهر في القاهرة والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، أن اللاعبين المحترفين غير مطالبين بالصيام. وبحسب قرار للهيئات العليا في الأزهر فأن "عقد العمل الذي يربط اللاعب والنادي يفرض على الأول الحفاظ على مستوى معين من الأداء، وحيث أن عمله الذي يحكمه العقد ويشكل المصدر الوحيد لدخله، يضطره إلى اللعب خلال شهر رمضان، فأنه يملك الحق في الامتناع عن الصيام". و يقول الشيخ عبد الباري الزمزمي: " اللاعب المحترف منخرط في مؤسسة يحكمها عقد. و إذا كان الصيام سيسبب جهدا للاعب ويؤثر على عطائه فمن حقه أن يفطر". وتبقى الكلمة الأخيرة للاعب نفسه . فان كان الصيام لن يؤثر على حالته الصحية فله حرية الاختيار بين الصوم أو الإفطار. الدوري الهولندي يتميز الدوري الهولندي عن باقي الدوريات الأوروبية بالتعاطي الايجابي مع ظاهرة صيام اللاعبين المسلمين. و يلعب بالدوري الهولندي أربعون لاعبا مسلما أغلبهم من الأصول المغربية وجل الفرق، إن لم نقل جميعها لا تمنع لاعبيها من الصيام خلال رمضان. بل تذهب إلى الأكثر من ذلك بتنظيم ندوات توعية في الموضوع. و كان فريق ايندهوفن الهولندي قد عقد ندوة عام 2007 حول موضوع رمضان واحتراف الرياضة. حيث عرفت الندوة مشاركة أئمة وأطباء مختصين، وقدمت الندوة مجموعة من التصورات الفقهية والعلمية و تركت حرية الاختيار للاعبين. ويضم نادي ايندهوفن أكبر عدد من اللاعبين المسلمين الممارسين للشعائر في الدوري الهولندي من بينهم إبراهيم أفلاي، عثمان البقال ونورالدين أمرابط. الثلاثي المسلم قرر الصوم في شهر رمضان، لهذا يضع النادي نظاما غذائيا خاصا لهم من اجل مساعدتهم في التدريبات والتركيز على السوائل والعصائر من اجل تعويض ما يفقده اللاعبون جراء الصوم خلال الفترة المقبلة. نفس التوجه يسير عليه كل من منير الحمداوي وإسماعيل العيساتي لاعبا فريق أياكس أمستردام. فحسب المتتبعين الرياضيين فلا يلاحظ نقص في مستوى اللاعبين رغم الصوم. واستطاع في الدورات الماضية كل من أفلاي و أمرابط والحمداوي تسجيل أهداف حاسمة لفرقهم. يرجع الجدل حول شرعية الصيام أو الإفطار إلى تداخل بين الخطاب الديني الفقهي والمصالح الرياضية الاحترافية. وإن كان الفقهاء في السابق مجمعين على تحريم الإفطار في شهر رمضان في سبيل رياضة كرة القدم فإن ضغط الأندية الأوروبية على اللاعبين المسلمين قد أفرز مواقف فقهية تبدو أكثر ليونة.