انتهت أخيرا فصول حكاية مثيرة شدت إليها أنظار الكل وترجل الزاكي تاركا وراءه كل شيء نعم كل الشيء تاركا الجمل بما حمل كما يقولون مفضلا التواري عن الأنظار كعادته ليس حبا في الانهزامية أو تعودا على التهرب من المسؤولية لكن لضيق حيلة اليد وإدراك الرجل بأن زمام الأمور بدأت تفلت من يديه وتخرج عن قدرة استطاعته وفوق طاقتك لا تلام . عاش الزاكي معارك خفية طيلة مسيرته التدريبية ولم يشفع له إرثه الكبير و نجاحاته عند البعض ولم يكسبه هذا مناعة أنتي فيروسية تقيه من بطش المشككين وطعنات الغادرين ، لعب بادو الزاكي دور البطل في تراجيديا عفوا إليادة يكون فيها الخاسر الأكبر دائما فكان بحق المثال الأصدق والأكثر إيحاءا للبطل الغير متوج طيلة مشواره التدريبي ، صحيح أنني لست من المؤمنين بنظرية المؤامرة لكنك تستطيع أن تشتم رائحة اشياء تحاك في الخفاء ومكائد تنصب للرجل كلما اقترب من تحقيق استحقاق مهم . صحيح أن للكثير بعض التحفظات على شخصية الرجل الجدلية والتي دائما ما تخلق حولها الكثير من البوليميكية التي تسببها بعض أفكاره وتصريحاته التي كثيرا ما جنت عليه وجعلته العدو رقم واحد لعديد الأطراف وقد تساور الكثيرين شكوك حول الاختيارات الفنية والتكتيكية للرجل لكن لاشيء يمكنه الطعن في مرجعية الرجل واحترافيته . هكذا ومرة أخرى فضل الرجل أن ينأى بنفسه بعيدا عن الحسابات الضيقة للعبة حقيرة لم يتقن قواعدها يوما وظل وفيا لقناعاته عنيدا متشبتا بمبادئه الأصيلة التي كانت سببا في كل ما قاساه من ضغط رهيب لاحقه أينما حل وارتحل وهو الذي اتهموه ظلما بمحاولة الركوب على إنجاز كأس إفريقيا 2004 ولم تكن الرحلة الأخيرة رفقة الوداد بآمنة فكانت رحلة شاقة اختار فيها المعشوق الأول للجماهير مغادرة الرحلة قبل محطة الوصول الأخيرة بعد طريق كانت كلها مطبات وأشواك ، قدم الزاكي يوم الخميس استقالته ومضى في طريقه دون أن يلتفت إلى الخلف مستغنيا عن كل الإغراءات وحتى لقب البطولة الذي ليس ببعيد عن الحمر لم يعد مطمحا للرجل مادام لم يلمس ذلك التجاوب الكبير من المحيطين به من مسؤولين ولاعبين في آخر حصة تدريبية وكأنه بات غير مرغوب فيه ممن بات همهم الوحيد هوالإفلات من مقصلة انتقاد الجماهير وتوجيه مؤشر الاحتجاج صوب كبش الفداء الأرخص لذلك لم يكن مستغربا على الإطلاق أن يقبل الرئيس أكرم استقالة الزاكي في هذا الظرف الحساس بعد مباراة الديربي ومع بقاء أربع مباريات فقط وهو الذي لطالما تمسك بالزاكي معطيات تكشف بعمق أن هناك أشياءا غير مفهومة في المحيط الذي كان يعمل فيه الرجل الذي ظل يردد كثيرا ما لم يفهمه العديد كيف أنه كان يتعين عليه محاربة الطفيليات التي كانت تقتات على المشاكل داخل رحم الوداد قبل مجابهة المنافسين في المباريات مما يعني أنه كان يعيش حربا نفسية شعواء لا يستطيع استشعار حرارتها سوى من ذاق من حنظلها . رحل في صمت تاركا وراءه كل شيء مريحا كل من تصيدوه ونصبوا له المشانق وعملوا على وضع العصا في عجلته لمنعها من الدوران لكن الرجل كابر وتحامل على نفسه كثيرا قبل أن تفيض كأس الصبر وينفذ رحيق الانتظار ممن ظنهم رفاقا ، لست ممن يبني مجدا للزاكي فوحدها ثقة الجمهور المغربي العمياء فيه والتي تقتل وتجنن بعض الحاقدين ممن يتخذون من الاصطياد في المياه العكرة هواية لهم وحدها أوضح جواب وأبلغ رد لم آت به من عندي وشئنا أم أبينا فقد خلق الرجل الإجماع الوطني كما لم يفعل أحد من قبل ووحده التاريخ من سينصفه . كثيرة هي الإشاعات المغرضة التي أسمعها تتناسل هنا وهناك كفطر خبيث وآخر المسرحيات المخرجة بإتقان تلك البروبغندا السخيفة التي تتهم الزاكي بتلقي عمولات لإشراك اللاعبين الذين تم استقدامهم عن طريق وساطة منير الحسوني باعتباره صديقا للزاكي وكأن هذا الأخير في حاجة إلى أرباح مادية أو ليس هذا ضربا من الجنون وافتراسا من وحي تخيلات نفسيات مريضة هم أصحابها الوحيد الهدم ، صحيح أن الزاكي كثيرا ما كان يخرج عن النص ويقدم على تصريحات متسرعة قد تخونه فيها قدرته على تقدير العواقب والنتائج لكنه الضغط النفسي الرهيب فعل ما فعل بالرجل وجعله قي موقف يضطره للهجوم دفاعا عن النفس في وقت كل المدافع الرشاشة التي كانت موجهة إليه . لكل تحليله الخاص والزاوية التي ينظر منها للأمور فإن كان هناك من يرى أن كل شيء توفر للرجل وكل الإمكانيات رصدت له لإحراز اللقب ولا عذر أمامه فإنه في نفس الوقت نسجل أن المناخ الصحي للعمل لم يتوفر له ولم يمنح " الكارت بلانش " للتصرف في كل شيء ولم يسلم من التدخلات والإملاءات التي تمس عمله التي كانت تأتي من مسؤولين همهم الوحيد النتائج وأنا أقول ذلك عن منتهى قناعة لأنني تعمدت الجلوس إلى جانب بعض أعضاء مكتب الفريق الأحمر الذين اقتحموا منصة الصحافة في زيارة الفريق لأكادير قبل أسابيع ووقفت عن قرب عما يواجهه الرجل من أهوال من اشباه مسيرين كانوا يسبون ويلعنون ويتلفظون بألفاظ سوقية لا لشيء سوى لأن لاعبهم المفضل لم يكن في التشكيلة الاساسية أو لأن المدرب كانت له وجهة نظر مغايرة . هكذا إذن انتهت القصة ذات الفصول الغريبة المتشابكة لبطل لم يكتب له التاريخ التتويج يوما خانه الحظ وعانده القدر وهو الذي لم يسلم من ظلم ذوي القربى وكان دائما وأبدا شماعة تعلق عليها أخطاء الآخرين وحمل الزاكي الذي حقائبه باحثا عن مغامرة جديدة من يدري هل تنصفه هاته المرة أم سيظل تربص لعنة أعداء النجاح لصيقا به .