مع إطلالة نسائم الربيع الأولى، فتحت الحديقة الأندلسية الكبرى، التي توسطت المدخل الرئيسي للمدينة عبر شارع محمد الخامس، أبوابها للعموم مع نهاية الأسبوع الفارط، حيث شرعت في وقت مبكر من صباح السبت الماضي في استقبال أفواج تلو أفواج من ساكنة قلعة السراغنة أملا في قضاء لحظات ربيعية ممتعة بطعم أندلسي يموج سحرا وجاذبية. إنها حديقة أندلسية بالفعل، إذ حظيت بإعجاب الزوار بجمالها واتساع فضاءاتها التي اعتبروها معلمة حضارية يحق لهم الاعتزاز بها، بعد أن كانوا قبل سنة يتساءلون من وراء أسوار ورشتها المغلقة، بانشغال كبير، عما كان يجري بداخلها من أشغال حفر وردم وبناء، إلى أن بوغثوا اليوم بميلاد "هذا المنتزه الجميل". وتتوفر الحديقة على جناع للترفيه للأطفال ورواق للفنون يشكل متحفا لذاكرة المدينة، فضلا عن إمكانية احتضانه لمعارض الفنون التشكيلية والندوات واللقاءات الثقافية، إلى جانب ما تزخر به من أشجار متنوعة باسقة ووافرة الظلال، وباحات فسيحة وأحواض مائية ومغروسات تجمع بين مختلف أصناف الورود والزهور ونافورات تنساب مياهها بألوان بديعة على إيقاعات موسيقية خافتة تنهل من الطرب المغربي الأصيل وتصل إلى مسامع الزوار من كل جانب. لقد غيرت هذه المعلمة، المشيدة على مساحة تفوق هكتار، وجه المدينة وبدت معالم الانشراح مرسومة على وجوه روادها، وهم يستمتعون بجمالية الفضاء الذي تفوح نسائم الربيع عبر كل جنباته. فالأطفال فرحون يركضون، والكبار جالسون يتآنسون، والشباب مترافقون مبتهجون. ويندرج إنجاز هذه الحديقة في نطاق مشروع ضخم يشمل في شقه الأول التأهيل الحضري لمدينة قلعة السراغنة، وتضمن إعادة ترصيف واصلاح وتوسيع شارع محمد الخامس وخلق فضاءات ترفيهية وحدائق ونافورات رصد لها من ميزانية الدولة ما يزيد عن 80 مليون و55 ألف درهم، بينما شمل في شقه الثاني إعادة هيكلة وتأهيل مجموعة من الأحياء المدارية للمدينة، وتطلب ما مجموعه 58 مليون و50 ألف درهم.