انطلقت اليوم الخميس بالدار البيضاء، أشغال اجتماع المجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، بمشاركة الاتحادات النقابية العربية والاتحادات المهنية ومنظمات العمل العربية والدولية والوحدة النقابية الإفريقية. ويناقش المجلس، خلال هذه الدورة، تقرير نشاط الأمانة العامة للاتحاد العربي خلال سنة 2010، واستراتيجية عملها المستقبلي، والتقارير المتعلقة بالأوضاع العامة للطبقة العاملة العربية، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مؤامرات تستهدف وجوده، وما يكابده الشعب العراقي، وما يحاك ضد الأقطار العربية من محاولات التقسيم. واستعرض السيد جمال أغماني وزير التشغيل والتكوين المهني وإنعاش الشغل، في كلمة تليت بالنيابة بمناسبة افتتاح أشغال هذا الاجتماع الذي يمتد على مدى يومين، التجربة المغربية في مجال العمل النقابي التي تستمد مرجعيتها من الاختيارات الكبرى التي أرسى قواعدها جلالة الملك محمد السادس والمتمثلة في توجه المغرب نحو تعزيز البناء الديمقراطي وإعمال مفهوم حقوق الإنسان وضمان حرية التعبير والتجمع والتنظيم بالنسبة للعمل النقابي. وأوضح أن هذه الاختيارات جسدتها مدونة الشغل من خلال إقرارها لعدة آليات ومؤسسات وطنية ثلاثية التركيب للحوار والتشاور حول قضايا التشغيل بالنسبة للقطاع الخاص إلى جانب أن القوانين المنظمة لمجموعة من المؤسسات العمومية ذات العلاقة بقضايا التكوين المهني والتغطية الاجتماعية والصحية تقر بمبدأ التركيبة الثلاثية لمجالسها الإدارية، مضيفا أنه في إطار توسيع آليات المشاركة، تضمن القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي تم إقراره مؤخرا كمؤسسة دستورية، ضمن تركيبته، تمثيلية وازنة للمنظمات النقابية ب24 عضوا. وأشار إلى أن مختلف هذه الآليات تجسد توجه المملكة في اتجاه ترسيخ الحوار الاجتماعي كقناعة ثابتة وإعطاء مفهوم المشاركة والتشاور معنى حقيقيا خاصة في مجالات وضع المخططات والاستراتجيات واتخاذ القرارات الكبرى ذات الآثار الاجتماعية والاقتصادية. وقال إن التغيرات الاقتصادية، التي تميز عالم اليوم، وما تنطوي عليه من تحديات وآثار، باتت تفرض على الوطن العربي الاندماج الذكي في هذه السيرورة بما تحمله في طياتها لاقتصاديات هذه الأقطار من إكراهات وصعوبات سيكون لمنهجية التعامل معها الكلمة الحسم في تحديد موقع ومكانة بلدان المنطقة ضمن الخريطة الاقتصادية العالمية التي قيد التشكل. وأضاف أنه رغم توفر العالم العربي على موارد طبيعية وبشرية وعلى العديد من القدرات وآليات العمل العربي المشترك لا تزال مؤشرات النمو ضئيلة ومعدلات البطالة مرتفعة وبرامج التعليم غير ملائمة لمتطلبات سوق الشغل التي أخذت تعرف تحولات عميقة، مشيرا إلى أن السوق العربية المشتركة لا تزال حلما، وأن التعاون العربي لم يرق إلى المستوى المطلوب سواء تعلق برؤوس الأموال والتجارة البينية أو على صعيد تنقل الأيدي العاملة. وذكر، في هذا الصدد، بالتوصيات المؤتمر الإقليمي الأول حول الحوار الاجتماعي بالبلدان العربية، الذي احتضنته الرباط في دجنبر الماضي، والتي دعت على الخصوص إلى توفير مناخ عام يساعد على قيام حوار اجتماعي فعال وجدي، ووضع إطار تشريعي ومؤسساتي وتدعيم وتعزيز الحوار الاجتماعي مع توسيع صلاحياته. ومن جانبه، عزا رئيس المجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب السيد محمد شعبان، المشاكل التي تعاني منها المنطقة العربية منها إلى ارتفاع نسبة البطالة وتدني مستوى التعليم، وتهميش الشباب، إلى السياسات المتبعة داخل بلدان المنطقة. ودعا، في هذا الصدد، إلى اعتماد توصيات منظمة العمل العربية بهدف الحد من الاختلالات التي تشهدها المنقطة في ظل الآثار التداعيات العولمة والأزمة الاقتصادية الدولية على العالم والبلدان العربية، مؤكدا على ضرورة تكثيف العمل النقابي العربي من خلال الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب. من جهة أخرى، أكد مدير منظمة العمل العربية السيد أحمد لقمان، على أهمية هذا الاجتماع، الذي يأتي في ظل ما تشهده بعض البلدان العربية من أحداث، مشيرا إلى أن هذه الأحداث جاءت نتيجة الآثار السليبة للعولمة والأزمة الاقتصادية العالية. وفي هذا الصدد، شدد على أهمية التوحيد جهود عمل النقابات العربية على العديد من الأصعدة. ودعا الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب السيد رجب معتوق، إلى مواصلة الجهود للدعم العمل النقابي في النهوض بأوضاع الطبقة الشغيلة، مؤكدا دعم الاتحاد القضايا العادلة للوطن العربي منها فلسطين ولبنان والعراق والسودان والصومال. من جهته أكد الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل السيد الميلودي المخاريق، على ضرورة تكثيف العمل والنضال في إطار الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، من أجل بناء مستقبل عربي جديد يجعل حدا لأسباب الانقسام والتبعية، ويؤسس لمجتمعات ديمقراطية حقيقية تصان فيها الحريات العامة والفردية وتحترم فيها حقوق الإنسان وفي مقدمتها الحريات النقابية. وأضاف أن الاتحاد الدولي قطع أشواط مهمة في طريق الحفاظ على كيانه، وعلى وحدة العمال العرب، وعلى أشكال التضامن العمالي والعمل النقابي المشترك، مشيرا إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب تقوية وتطوير هذه العلاقات في اتجاه المزيد من التوسع والفعالية. وقال إن الجميع مطالب بإعادة بناء العلاقات النقابية العربية وغير العربية، والدفاع عن وحدتها ومواجهة كل المؤامرات التي تحاك ضدها وتستهدف تفتيت الجسم العمالي تحت ادعاءات زائفة. ويأتي اجتماع اليوم، الذي يستضيفه الاتحاد المغربي للشغل على مدى يومين، في ظل ما تعرفه الأوضاع السياسية والاقتصادية العربية وفي ظل أزمة اقتصادية عالمية وانعكاساتها السلبية على الشعوب العربية، والأوضاع المتردية للطبقة العاملة العربية وما تعرفه من تراجع في حقوقها المادية والمعنوية وكذا على مستوى الحريات النقابية ومكتسباتها. ويعتبر الاتحاد الدولي للنقابات العمال العرب الدولي، الذي يوجد مقره بدمشق، التنظيم النقابي التاريخي للطبقة العاملة العربية الذي يمثل العمال العرب في مختلف المحافل الدولية والجهوية كما يقوم بأنشطة نقابية لفائدة الأطر النقابية بهذه الأقطار.