يقر المغرب، من الآن فصاعدا، بضرورة إدماج البعد المناخي في استراتيجياته للتنمية السوسيو-اقتصادية ومواصلة الجهود للتخفيف من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ويندرج الحفاظ على البيئة والتدبير المندمج للتهديد المناخي والتنمية الخضراء ضمن الأولويات الوطنية للمملكة، خاصة عبر إرساء استراتيجيات وطنية مندمجة ومخططات قطاعية، فضلا عن برامج كبرى. وتنخرط المملكة، في هذا الإطار، في مضاعفة الأعمال والاستراتجيات الرامية لفهم أفضل لظاهرة التغيرات المناخية ووقعها. ففي مجال الاستراتيجيات، اعتمد المغرب مخططا وطنيا لمكافحة الاحتباس الحراري سنة 2009، تم تدعيم تنفيذه عبر مسلسل متواصل يشرك جميع القطاعات المعنية. ويركز هذا المخطط على التقليص من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، من خلال تطوير وتنويع مصادر الطاقة النظيفة، وإرساء تدابير للتكيف ترتكز، أساسا، على استراتيجية المياه التي انطلقت سنة 2009 و"مخطط المغرب الأخضر" في مجال الفلاحة (2009). كما تم إدراج قضية المناخ في بعض القطاعات الأساسية (النقل والإسكان) وإعداد العديد من مشاريع القوانين. ولضمان تحقيق هذا الإدماج، يعتمد المغرب على آليات فعالة ومتطورة للتوقعات والبحوث في مجال الأرصاد الجوية. ويعمل، في هذا الإطار، بتوافق مع مؤسسات دولية متخصصة، من بينها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، والمنظمة الأوروبية لاستغلال الأقمار الصناعية للأرصاد الجوية، والمركز الأوروبي لتوقعات الأحوال الجوية على المدى المتوسط. من جهة أخرى، أضحت متابعة استراتيجيات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية جزء من برنامج تقييم المسلسل على المستوى الوطني. وأبرز تقرير للجنة الاقتصادية لإفريقيا أن "المغرب أطلق مسلسلا تشاركيا لإعداد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، الذي جعل من الرغبة في التدبير البيئي والتنمية المستدامة أولوية سياسية على جميع المستويات". وصرح السيد عبد الغني بوشام، وهو إطار في قطاع البيئة بوزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "التواصل الوطني حول التغيرات المناخية يعبر بوضوح عن عزم المغرب على المساهمة في الجهود الدولية لمحاربة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، ويشكل فرصة لتحسيس المانحين حول المشاريع التي تم الشروع فيها في مجال التخفيف والتكيف مع الوقع المحتمل للتغيرات المناخية". ويوجد المغرب، حسب اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، ضمن الدول الإفريقية الأولى التي انخرطت لصالح "اقتصاد أخضر" غني وفعال على المستوى الطاقي. وفي مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية، تعززت التزامات المغرب لصالح الانتقال ل`"اقتصاد أخضر" يرتقب أن يفتح آفاقا جديدة، لاسيما في ما يخص النمو المستدام والتشغيل وتطوير الكفاءات، حسب وثيقة وزعت على هامش أشغال المنتدى الإفريقي السابع للتنمية المنعقد حاليا في أديس أبابا. وأوضح المصدر ذاته أن هذا النموذج الجديد للنمو الأخضر، الذي يستجيب للاستعجالية المناخية، يعد أيضا فرصة للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية، مشيرا إلى أن الاقتصاد الأخضر، الذي يتبناه المغرب، يمثل نظاما اقتصاديا يستوعب تكلفة تدهور المنظومات البيئية التي تشكل قاعدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. من جهة أخرى، لا يقتصر النقاش العالمي حول التغيرات المناخية على قضية بييئة، وإنما يندرج من الآن فصاعدا ضمن رؤية أوسع تربط بشكل وثيق بين الأهداف البيئية وأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.