( من مبعوث الوكالة نورالدين الزويني ) كان موضوع الرحلات الاستكشافية و"الاستكشاف" بصفة عامة كسفر أسطوري ظل منذ الأزل يدفع بالإنسان إلى ما وراء الأفق، وما وراء البحار والجبال، موضوع اللقاء الخامس والأخير الذي نظم اليوم الأربعاء ضمن " لقاءات فاس " المقامة في إطار مهرجان الموسيقى العالمية العريقة تحث شعار " الرحلة المسارية ..من السر إلى الكشف". وأجمع المشاركون في هذا اللقاء أن الرحلات الاستكشافية، من رحلة أوليس إلى رحلة الإيطالي كريستوف كولومبوس، مرورا برحلة ابن بطوطة، بما تضمنته من جوانب أسطورية وما تقود إليه من عوالم مدهشة وخيالية جسدت حركة الحياة وما تنطوي عليه من فرح وحزن ولقاءات وآلام واستكشاف. وأكد المتدخلون أن هذه الأسفار الاستكشافية عملت أيضا على تغذية البعد الروحي وثمنت الجوانب الجمالية في اختلاف العالم. وقد افتتح هذا اللقاء بمداخلة للفرنسية باربارا كاسين، الفيلسوفة والباحثة الفرنسية الخبيرة في الفلسفة الإغريقية، تناولت فيها موضوع الأسطورة ومفهومها وتجدرها في الفكر الإنساني من خلال ملحمة "الأوديسة " لهوميروس، تلاها عرض لعلي بنمخلوف، أستاذ الفلسفة في جامع نيس الفرنسية، تناول فيه موضوع الاستكشاف بصفة عامة من خلال الرحلات الاستكشافية إلى إفريقيا وآسيا لحسن الوزان (ليون الإفريقي) وابن عربي والفارابي والبيروني. من جهته، تحدث الفرنسي أوليفيي جيرمان توماس في مداخلة له عن بعض الألغاز المرتبطة برحلة استكشافية قام بها الرحالة الإيطالي ماركو بولو إلى الصين، والمرتبطة باختلاف ديانته المسيحية عن الديانة البوذية، والتأثير الذي كان له على بعض المغامرين والرحالة الآخرين مثل كريستوف كولومبوس. وتحدث السيد عبد الهادي التازي عضو أكاديمية المملكة المغربية عن رحلة ابن بطوطة المسماة " تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار "، والتي دامت 30 سنة ، وهي الرحلة التي تتضمن فهرسا لأكثر من 800 اسم بلد وأسماء أكثر من 1000 شخص تعرف عليهم. وأشار السيد عبد الهادي التازي في هذا السياق إلى أن ابن بطوطة كان الرحالة الوحيد الذي اهتم بالأوضاع الاجتماعية للمرأة في المشرق وإفريقيا وتحدث فيها عن المرأة العالمة والمرأة الممارسة للعمل السياسي، مؤكدا أن "فضاء الرحالة البندقي ماركو بولو كان أصغر بكثير من الفضاء الذي عرفه الرحالة الطنجي ابن بطوطة " الذي نعت في عصره بأنه "مسافر العرب والعجم " ونعت في العصر الحالي بأنه " أكبر رحالة في تاريخ البشرية جمعاء". من جهته أدلى الخبير الموسيقي الإيراني المقيم في كندا ، كيا تاباسيان، بشهادة حول تجربة الهجرة والعيش في بلاد المهجر في ضوء حياته كابن أسرة مشرقية انتقلت للعيش في الغرب وطريقته الخاصة في البحث عن وسيلة للربط بين ثقافتين وفلسفتين مغايرتين من خلال الموسيقى . وكان المشاركون في هذه اللقاءات قد بحثوا أمس موضوع المنفى باعتباره سفرا اضطراريا يكون في الغالب بدون عودة، ويترك على إثره الإنسان أماكن تظل خالدة في الذاكرة، ويظل الحنين إليها متقدا، والأثر بالغا ينتقل من جيل إلى جيل. كما بحثوا كيف يكون المنفى كذلك عنصر إغناء متبادل ينتج عنه ميلاد العديد من الكتب والأعمال الفنية التي تنبع من تلاقح ثقافات مختلفة تسفر عن ميلاد ثقافات أخرى مركبة ومتجددة باستمرار. وقد خصصت "لقاءات فاس" التي انطلقت يوم السبت الماضي لبحث موضوع "سفر الروح .. من السر إلى الكشف"، باعتباره نوعا من البحث عن الذات والآخر والأشكال المتعددة والاستثناءات في الطبيعة وحياة الناس، وعلاقات هؤلاء بالأرض والسماء وبالفضاء والزمن.،وذلك من خلال خمسة مواضيع رئيسية هي "السفر الداخلي"، و"السفر عبر الكتب المقدسة"، و"الحج"، و"الهجرة"، و"الاستكشاف ".