تتوالى ليالي مهرجان موازين - إيقاعات العالم وكل واحدة منها تشكل أسفارا رائعة وراقية إلى رقع موسيقية من موسيقى العالم، وأمس سافر الجمهور مع ملك البلوز وشيخ القيثارة بي بي كينغ إلى عوالم البلوز والجاز بأسلوبه الوتري المتميز. وعلى مدى نحو ساعة من الزمن، عانق أسطورة البلوز الذي يعده النقاد "أحد أعظم عازفي القيثارة الأحياء" في هذا اللون الفني، آلته ومن خلالها عانق جمهور منصة السويسي بالرباط إيقاعات موسيقى الجاز والبلوز، التي أداها، رغما من سنواته ال 85، بأسلوبه المعهود، الملتهب في العزف، وحضوره المتقد على الخشبة. غنى بي بي كينغ فأمتع، وعزف فأسمع وأطرب عشاقه، الذين حجوا بالآلاف، ببعض من روائعه ك "آي نيد يو" (أحتاج إليك) و"إفري داي آي هاف د بلوز" (في كل يوم يغمرني البلوز) و"كي تو د هايواي" (المفتاح إلى الطريق السيار) و"دارلين يو نون آي لوف يو" (حبيبتي تعرفين أنني أحبك) و"د ترول إز كان" (التشويق قد رحل) و"وين د سانتز غو مارشين" (عندما يخرج القديس للمشي). يشار إلى أن كينغ، الذي يصنف ضمن أفضل ثلاثة عازفي القيثارة في العالم، بدأ حياته الفنية في العام 1947 وأحيى خلال خمسينيات القرن الماضي حوالي 275 حفلا في السنة الواحدة، فيما أحيا 342 حفلا خلال العام 1956، و فاز ب 14 جائزة "غرامي"، ويشتهر هذا الفنان الشيخ بأدائه الرائع للبلوز وموسيقى "آر أند بي" التي تمزج بين الجاز والروك والديسكو والسول ميوزيك. أضحى كينغ، العصامي، مرجعا لا يستغنى عنه في البلوز، وهو الذي لم يتتلمذ عن أستاذ، وإنما تعلم العزف، كما قال في ندوة صحفية بالرباط، بوسائل تقليدية في ملك العائلة ك`"الفونوغراف"، كما أنه يعتبر اليوم الأب الروحي لعدد لا يحصى من الموسيقيين، الذين سعوا إلى تقليد أسلوبه المتفرد. وبدأ عشق كينغ، الذي ولد سنة 1925 بإيتا بينا في ولاية مسيسيبي، للموسيقى، منذ حداثة سنه، إذ كان ينشد ألحان (الغوسبل) في الكنيسة ويستمع إلى أسطوانات عمته، مصغيا إلى موسيقى البلوز من قيثارات عازفين كبلايند ليمون جفرسون ولوني جونسون، من فرقة مسيسيبي دلتا، وكان لموسيقى البلوز، كما قال في سيرته الذاتية، "تأثير قوي" عليه. واقتنى أول قيثارة في حياته، حين كان في الخامسة عشرة من العمر، وبحلول أواسط الأربعينيات من القرن الماضي، انتقل إلى ممفيس، ليتدرب على يد ابن عمه "بوكا وايت" عازف القيثارة في موسيقى البلوز ، وسرعان ما ابتدع كينغ، أسلوبه الخاص في العزف، مبتكرا نغما متهدجا لم يسبقه إليه أحد، شد إليه السامعين. ولقب كينغ، في بداياته، بصبي البلوز في شارع بيل. وهو اللقب الذي اختصر ليصبح "بي بي"، وهو اسم التحبب، الذي انبثق منه حرفا بي. بي. الشهيران في اسمه اليوم، ثم ملك البلوز سنة 1969، عندما غنى قصيدة كتبها "ريك دارنل"، بالمشاركة مع روي هاوكينز، التي ستدخله عالم الشهرة بعد تحقيقها المليون نسخة. وكل من شاهد أمس بي بي كينغ بمعية رفيقه الدائم قيثاره من نوع "غبسون"، الذي صنع حسب مواصفات خاصة به، والذي يطلق عليه اسم "لوسيل" تحببا، على خشبة السويسي بالرباط، سيتأكد أنه ينبوع لا ينضب ، وشخصية تلقي بظلها على موسيقى البلوز وتهيمن عليها، وأنه ، وهو على مشارف التسعين من عمره، لا يعتزم التقاعد قريبا.