أمهل رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، وزراء الفريق الحكومي لأحمد أويحيى فترة شهر واحد لتحريك قطاعاتهم وتنفيذ ما طلب منهم في اجتماع مجلس الوزراء، قبل شروعه في عملية ''زبر'' الأغصان الذابلة داخل الجهاز التنفيذي، في سياق ما يسميه عبد العزيز بلخادم بأن ''التغيير الحكومي'' من صلاحيات الرئيس. ترددت مهلة الشهر التي أطلقها رئيس الجمهورية، في أكثر من ملف عرض للدراسة من قبل مجلس الوزراء، سواء تعلق بالتشغيل، توزيع السكن تخفيف الأعباء البيروقراطية على المواطنين ورفع التجريم عن التسيير، وفي ذلك رسالة لوزراء الطاقم الحكومي بأنه قد ''أعذر من أنذر''. ويأتي هذا التحذير لرئيس الجمهورية للفريق الحكومي، كورقة إضافية في يد عبد العزيز بوتفليقة، لإخراجها واستعمالها في الوقت ''المطلوب''، لامتصاص من جهة غضب الشارع، خصوصا من فئة الشباب، ومن جهة أخرى لإرضاء الأحزاب التي ترفض تشخيص الأزمة في بعدها الاجتماعي وتطالب بالانفتاح والإصلاح السياسي. ويلاحظ أيضا أن رئيس الجمهورية فضل استدعاء مجلس للوزراء مباشرة عقب اختتام الدورة الخريفية للبرلمان، وأعلن عن برمجة مجلس للوزراء ثاني قبل نهاية شهر فيفري الجاري، أي قبل استئناف البرلمان لدورته الربيعية، وفي ذلك إشارة على أن الرئيس في عجلة من أمره لمعالجة التداعيات التي ولدتها أحداث الشارع. ويؤشر هذا الأمر أيضا أن رئيس الجمهورية يريد إصدار القرارات التي أعلن عنها في مجلس الوزراء عن طريق ''أوامر'' ما بين دورتي البرلمان، مثلما يخوّله ذلك الدستور، وعدم انتظار دور بقية المؤسسات، مما يفهم منه أن الرئيس يريد إنقاذ فترة حكمه من الضربة العنيفة التي تلقاها في احتجاجات الشارع الأخيرة. وعكس تقليل بعض الأحزاب على غرار الأفالان والأرندي وكذا وزراء الطاقم الحكومي من تداعيات أحداث الشارع، فإن الإجراءات التي بادر بها رئيس الجمهورية، رغم محدوديتها ميدانيا، فإنها تظهر أن عبد العزيز بوتفليقة لم يغمض عينه مما جرى ويجري في تونس ومصر. إذ في أقل من 24 ساعة فقط من إعلان نائب الوزير الأول عن رفض إلغاء حالة الطوارئ، خرج رئيس الجمهورية بقرار يعاكس توجه زرهوني تماما، وفي ذلك أكثر من رسالة، بغض النظر من كون هذه المبادرة تهدف في المقام الأول إلى سحب البساط من تحت أرجل المعارضة التي دعت إلى مسيرة في 12 فيفري من أجل المطالبة برفع حالة الطوارئ. وعندما يجد يزيد زرهوني نفسه، وهو المحسوب من أشد المقربين إلى الرئيس، يغرد خارج السرب على غرار بلخادم الذي نزع عن أحداث الشارع كل صبغة سياسية، فإن ذلك لا يترك مجالا للشك في أن ما بادر به رئيس الجمهورية من إجراءات ليس ''تكتيكا'' سياسيا، بقدر اقتناعه بحجم الاحتقان السياسي الموجود في البلاد. والسؤال المطروح الآن، هل بإمكان هذه الإجراءات إزاحة سحابة الاحتجاجات التي انطلقت من تونس ومرت من مصر وهي بصدد البحث عن بلد آخر تنزل به؟