سجل الإقبال على المطالعة والقراءة بشكل عام خلال السنوات الأخيرة التي عرفت بتطور وسائل الاتصال تراجعا هاما لتحتل هذه الأخيرة الاهتمام الأول في البحث عن المعلومة بأيسر السبل وأسرعها، سواء لدى التلاميذ أوالطلبة أو بالنسبة لعامة الناس. ولم يعد على حد قول الشاعر "خير جليس الكتاب"، مثلما كان الأمر سائدا في سنوات مضت، بل حلت محله وسائل عصرية أخرى مثل الأنترنات والهاتف الجوال وغيرها من وسائل البحث والاتصال الحديثة التي غزت العقول وسيطرت على اهتمام الجميع. ولعل من أبرز ما نتج عن هذا التراجع المسجل في الإقبال على الكتاب، هو تدهور المستوى الثقافي والثراء اللغوي الذي أصبح عليه التلاميذ في مراحل الابتدائي والثانوي وحتى العالي، وعدم قدرتهم على التحرير والتعبير. وهو ما جعل العديد من المراقبين سواء في مجال التعليم أو الثقافة يطلقون صيحة فزع من الفقر اللغوي وتدهور المستوى العام ويوجهون أصبع الاتهام لوسائل الإعلام الحديثة، وطرق توظيفها الخاطئة سواء داخل المؤسسة التربوية أو في الأوساط الاجتماعية. نشاط المكتبات العمومية وروادها أفاد السيد علي المرزوقي مدير إدارة المطالعة بوزارة الثقافة في كشف حول نشاط المكتبات العمومية وروادها والمشاركين فيها أن هناك 381 مكتبة عمومية موزعة على كافة الولايات، وذلك بمعدل يتراوح بين 8 و26 مكتبة بكل ولاية. وبين من ناحية أخرى أن هذه المكتبات توفر 32906 كرسيا لروادها. وتحتوي هذه المكتبات على 6324985 كتابا يستفيد منها 5826425 مواطنا. كما أشار إلى أن عدد الاشتراكات قد بلغ في موفى 2009 أكثر من 142832 ، وبلغ عدد الكتب المطالعة 10653037، وذلك بزيادة تقدر بما يناهز 12 فاصل 74 بالمائة مقارنة بما تحقق سنة 2008. وبيّن أن هذه المكتبات توفّر في معدلها العام مقعدا لكل 317 ساكنا، وأن هذه النسبة تتفاوت حسب مستوى الإقبال على المكتبات في الجهات، حيث تأتي ولاية تونس في مرتبة أولى بمقعد لكل 794 ساكنا، بينما تكون ولاية تطاوين في أدني السلم بمقعد لكل 135ساكنا. أما على مستوى توزيع نسبة الكتب مع نسبة السكان فقد أبرز السيد على المرزوقي أنها تتراوح بين 1543 و606 كتب لكل 1000 ساكن، أي بمعدل كتاب لكل 1 فاصل 65 ساكنا، وهي نسبة تعتبر محدودة مع ما يتوفر من كتب في تونس ومع مطالعيها، حيث لا يتعدى الرقم الوطني في مجال نسبة مطالعة المواطن للكتاب معدل 1 فاصل 02 كتابا. مكتبات الأطفال والكهول وأبرزت مصادر إدارة المطالعة بوزارة الثقافة من ناحية أخرى أنه يتوفر 319 مكتبة خاصة بالأطفال و131 مكتبة خاصة بالكهول، توفر الأولى 14817 مقعدا بينما توفر الثانية 22369 مقعدا لروادها. أما بخصوص المكتبات المتنقلة، فإنها تبقى بين مكتبة واحدة ومكتبتين في كل ولاية، ويبلغ أعلى مستوى في إعارتها للكتب 56262 يولاية توزر، لتسجل أدنى مستوى لنشاطها بولاية قبلي حيث لا تبلغ نقاط إعارة الكتب من قبلها 38 نقطة فقط. المطالعة في الوسط التربوي كشفت مصادر مسؤولة بوزارة التربية أنه ضمن إرساء خطة الزمن المدرسي الجديدة التي تتصل في جانب منها بالبرامج التربوية ومحتواها، سوف يقع الاهتمام بالمطالعة والتركيز عليها في الحصص الدراسية، بعد أن تبين ضعف التلاميذ وتراجع ثرائهم اللغوي في كافة المراحل الدراسية. وبينت أن الخطة الجديدة المزمع اعتمادها تقوم أولا على إعطاء حصة المطالعة حيزا هاما من الوقت في كل أسبوع، مع تطوير أساليب تعاطيها، وتعميق البحث فيها بشكل يجعل التلميذ يقبل على الكتاب. وبيّنت هذه المصادر أنه سيتم بداية من السنة القادمة تعميم حصة المطالعة على كافة المستويات الدراسية، مع خطة مصاحبة المعلم أو الأستاذ للتلاميذ في مجال المطالعة باعتماد تقديم كتاب من قبل مجموعة تلاميذ بعد تكليفهم بمطالعته. كما تقوم الخطة الجديدة في مجال المطالعة على خلق حوار بين التلاميذ حول الكتاب الذي وقعت مطالعته، مع اعتماد أسلوب جديد في تقديم الكتاب يتمثل في تلخيص محتواه وإبراز الفكرة العامة له وتحديد العناصر وما إلى ذلك من الجوانب التي تصل بمغزى القصة وموضوعها. وأشارت هذه المصادر إلى أنه سيتم أيضا اعتماد كراس خاص بالمطاعة يدون عليه التلميذ العمل الأسبوعي في مجال المطالعة، كما يجري التفكير في تطوير نوادي المطالعة والمكتبات المدرسية وذلك من خلال الحث على الإقبال عليها وإعطائها نشاطا أكثر واهتماما أوسع من قبل التلاميذ.