قال رئيس البرلمان الجزائري إن «الربيع العربي سرعان ما تحوّل في بعض الدول إلى عواصف تنذر بأن الوضع الراهن ليس أفضل من السابق، إن لم يكن أسوأ»، وانتقد أطرافا في الداخل والخارج، دون أن يسميها، كانت تتوقع أن تصل موجة تغيير الأنظمة العربية إلى الجزائر. وهاجم العربي ولد خليفة، رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، أمس من سماهم «المتكهنين بعدوى ما سمي بالربيع العربي»، مشيرا إلى أن الأحداث الأخيرة في المنطقة بينت نضج الشعب الجزائري وقدرته على التمييز «بين المعدن النفيس، الذي اختاره بحرية، وهو الوطنية الجزائرية المتجددة المدركة لرهانات العصر، والمعدن البراق ولكن من دون رصيد». ولم يوضح ولد خليفة ما يقصد ب«الوطنية المتجددة»، لكن حديثه يشير إلى «الإصلاحات السياسية العميقة» التي تعهد بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة العام الماضي، وأخذت شكل مراجعة قوانين متصلة بالديمقراطية والحريات، التي كانت محل انتقاد قطاع من الطبقة السياسية والإعلام على أساس أن مضمونها لا يعكس تطلع غالبية الجزائريين إلى هوامش حرية أوسع. وكان ولد خليفة يتحدث بمناسبة مؤتمر ناقش موضوع الديمقراطية والحريات. ومن بين ما قال إن الإصلاحات «كان من ثمارها نجاح الانتخابات البرلمانية» التي جرت في العاشر من مايو (أيار) الماضي. وعلى عكس رأي ولد خليفة الذي ينتمي لحزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، ترى المعارضة أن الانتخابات «خاطها النظام على مقاس الأحزاب الموالية له». وتتهم الأحزاب المهزومة في الانتخابات السلطة بالتزوير، لكن لا تملك أي دليل على ذلك. وأعربت القوى الغربية التي تجمعها شراكة اقتصادية وفي مجال محاربة الإرهاب الدولية مع الجزائر عن رضاها على نتائج الانتخابات. وكان ذلك كافيا لتعزيز قناعة المسؤولين في الدولة بخصوص «صحة» نظرتهم ل«الربيع العربي». فهم يرون أن الوضع في الجزائر لا يشبه الوضع في تونس ولا في ليبيا، وبالتالي لا حاجة، بحسبهم، لتغيير النظام. ويرى مراقبون أن تحكم السلطة بالجزائر في ريوع النفط، أمكنها من شراء «السلم الاجتماعي»، عن طريق رفع أجور الملايين من العمال والموظفين في كل القطاعات، تفاديا لثورة كانت مقبلة مطلع 2011. ويقول المسؤولون في الدولة إن الجزائر لم تكن مستعدة للدخول في اضطراب، إن ساير دعاة التغيير فيها ما جرى في تونس وليبيا، بحجة أن الجزائريين ذاقوا الحرمان من نعمة الاستقرار أثناء فترة الإرهاب المدمّر الذي حصد 200 ألف من الأرواح. وأشاد ولد خليفة بما سماه «دلائل الحرية الواسعة التي تتمتع بها وسائط الإعلام، خاصة المكتوبة إلى درجة لم تصل إليها في محيطنا القريب والبعيد». وهنا أيضا لا يشاطره أغلب الإعلاميين الرأي، فهم يرون أن قانون الإعلام الجديد الذي جاء في سياق الإصلاحات، يفرط في الحديث عن العقوبات. وعلى عكس النشطاء في المجتمع المدني، خاصة في مجال حقوق الإنسان، يقول ولد خليفة إن الجمعيات والمنظمات تتمتع بهامش حرية «إلى درجة أنها تحرّض ضد الدولة». وفيما ينتقد الإعلام والمعارضة «تغول» السلطة التنفيذية وسيطرتها على بقية السلطات خاصة القضائية والتشريعية، تعهد ولد خليفة بأن ينظم التعديل الدستوري المرتقب العام المقبل، العلاقة بين السلطات الثلاث. وقال إن «تلك إرادة رئيس الجمهورية».