دعت نقابة «الإذاعة التونسية» الصحافيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية إلى مساندتها في التحرّك الاحتجاجي الذي تنظمّه اليوم أمام مقرّ المؤسسة في ضاحية لافيات وسط العاصمة تونس، لتوعية الرأي العام حول خطورة الأوضاع داخل المؤسسة منذ أن تولّاها محمد المؤدب. المدير العام للإذاعة الذي عيّنته حركة «النهضة» قبل عامين، أجرى تغييرات فيها على أساس الولاء ل«النهضة» والترويكا، ما أثر سلباً على المناخ العام داخل أعرق مؤسسة إعلامية. مرّة أخرى، يضطر صحافيو وتقنيو وإداريو «الإذاعة التونسية» إلى تحرّك احتجاجي من أجل إقالة المؤدب الذي كان من أنصار النظام السابق إلى آخر يوم من مغادرة زين الدين بن علي البلاد. وكان المدير العام قد قطع الكهرباء على المعتصمين داخل مبنى الإذاعة أول من أمس، فاستعانوا بالشموع لقضاء ليلتهم وواصلوا اعتصامهم. المؤدب الذي ارتقى بسرعة عجيبة من تقني عادي إلى مدير عام، بات يتحكّم بمصير آلاف الموظّفين في تسع إذاعات. منذ يومه الأول في المؤسسة، عمل على التحكّم بالخطّ التحريري بما يتلاءم مع اختيارات الحكومة. وفي سياق هذا التوجّه، جرى تجميد عدد من الكفاءات، ومنح أخرى فرصاً أكبر مقابل خدمات إعلامية، بل وصل به الأمر إلى حدّ طرد أحد الجامعيين في برنامج إذاعي مباشر، لأنّه أدلى بآراء ضد الترويكا الحاكمة. أسرة «الإذاعة التونسية» ضاقت ذرعاً بممارسات المدير العام، فاختارت التصعيد. هكذا، دخل العاملون في اعتصام بدأ الخميس الماضي، حملَ مطلباً أساسياً هو رحيل المدير العام. وفي تصريح إلى «الأخبار»، قال عز الدين بن محمود أحد منظّمي الاعتصام، وممن جرى توقيفهم عن العمل منذ أشهر إنّ «الاعتصام لن يتوقّف قبل إقالة المدير العام الذي خرّب المؤسسة». وتتّهم نقابة الإذاعة المؤدب بإتلاف أرشيف الإذاعة لمحو تاريخ تونس بما يتلاءم مع رغبة الحكّام الجدد، وتهميش العاملين في المؤسسة ممن رفضوا مساندته في الطريقة التي يدير بها أعرق مؤسسة. ويعتبر المعتصمون أنهم لا يدافعون عن مصالح خاصة بقدر ما يدافعون عن سلامة مؤسسة رسمية عريقة تشهد على المحطات الأساسية في تاريخ البلاد، منذ أن كانت مجرّد قسم عربي في الإذاعة التي أسستها فرنسا زمن الاستعمار، إلى أن صارت «إذاعة الجمهورية التونسية» بعد استقلال البلاد قبل 58 عاماً. ويعود إصرار أبناء الإذاعة على الاعتصام إلى عدم استجابة الحكومة لمطلب الموظفين ونقابات الصحافيين بإقالة المؤدب في إطار مراجعة التعيينات، وهو أحد بنود خريطة الطريق التي التزم رئيس الحكومة مهدي جمعة بتنفيذها في إطار التوافق الذي أنهى الأزمة السياسية في البلاد. وكانت «الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري» فتحت باب الترشحات لمنصبي الرئيس المدير العام ل«مؤسسة التلفزة التونسية» والرئيس المدير العام للإذاعة، وكان شرط الكفاءة والاستقلالية من أبرز الشروط التي يجب أن تتوافر في المدير العام الجديد. ومثّلت فترة إدارة المؤدب تراجعاً كبيراً للإذاعة بعدما حقّقت قفزة جعلتها تتصدّر نسب الاستماع والمتابعة في العام الأول من الثورة. بدا التراجع منذ أن تحوّل المدير العام إلى رقيب غير معلن على برامج الإذاعة كما تتهمه نقابات المؤسسة، ورغم صمت الحكومة على اعتصام أبناء الإذاعة، إلا أنّ المرجّح هو إقالة المدير العام. من جهتها، أعلنت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين» وغيرها من المؤسسات المعنية بالإعلام في تونس مساندتها لمطالب الإذاعيين والدفاع عن المؤسسة كمرفق عام.