قبل قدوم الرئيس الأمريكى باراك أوباما لزيارة المملكة العربية السعودية ترسل المملكة أقوى رسالتين غير مسبوقتين لم يتلقاهما رئيس أمريكى من قبل. الرسالة الاولى تتعلق بسحب السفير السعودى من قطر والرسالة الثانية هى حظر جماعة الاخوان وذيولها المتمثلة فى الجماعات الجهادية المختلفة من داعش والنصرة وخلافه وإدراجها ضمن الجماعات الإرهابية. ببساطة ضربت المملكة اثنين من اهم أدوات الولاياتالمتحدة للعب بقدرات المنطقة العربية التى تمر بمرحلة سيولة واضطراب على كل الأصعدة. ولا يتبقى بعد ذلك لأمريكا سوى الأداة التقليدية القديمة وهى اسرائيل والتى تعامل معها العرب ويفهمون سلوكها كعدو خارجى معروف ومحدد الملامح والقدرات . قرار المملكة المزدوج الذى يحاصر جماعة الأخوان ويعزل قطر خليجيا وعربيا هو ضربة للعدو الذى ينخر فى النظام العربى من الداخل ويعمل على تقويض ما تبقى من البناء العربى وهدمه. لفت نظرى وانا اقلب فى صفحة الخارجية الأمريكية وفى الوثائق وأنا أعد لكتابة هذا المقال لمعرفة المعلومات الحقيقية حول العلاقات الأمريكيةالقطرية وتحديدا ما يصطلح عليه اتفاقية السوفا SOFA والتى تعنى status of forces agreement أو الوضع القانونى للقوات الأمريكية خارج الاراضى الأمريكية، وهى اتفاقات تنظم اين يحاكم الجندى الأمريكى مثلا اذا ما ارتكب جريمة خارج القاعدة الأمريكية وحسب اى قانون: القانون الأمريكى ام قانون الدولة المضيفة؟ لفتت نظرى جملة فى تصريحات الخارجية الأمريكية التى تقول بتوسيع الشراكة القطريةالأمريكية مكافأة لقطر على الدور الذى تلعبه فى تغيير المنطقة العربية فى مرحلة الاضطراب التى تمر بها المنطقة. دور قطر فى تغيير المنطقة العربية؟ يا لها من جملة عجيبة. قطر ببساطة وباعتراف أمريكى مكتوب تلعب دورها كأداة أمريكية فى تغيير المنطقة. ان التعنت القطرى والإصرار على لعب هذا الدور التخريبى هو الذى دفع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لاتخاذ هذا القرار غير المسبوق فى تاريخ العلاقات الخليجية الخليجية. والملك عبدالله والمملكة العربية السعودية تاريخيا يمثلان «طولة البال» والصبر الشديدين فى التعامل مع الأذى خصوصا اذا جاء من ذوى القربي. إذن عندما ينفد صبر المملكة وملكها فهذا يعنى انها قد بلغت الحلقوم. بكلمة واحدة الملك عبدالله والمملكة وفى اللحظات الفارقة فى تاريخ الأمة دائماً ؛ حاسمة. اللعبة الإقليمية اليوم لتهديد ما تبقى من الكيان العربى هو ضرب الاستقرار من خلال الإرهاب الذى له دولة محلية راعية له وبكفيل عالمى يضمن له الإفلات من العقاب الإقليمى . هذه الدولة هى الصغيرة قطر. الدولة السعودية استطاعت كما فعلت فى حرب تحرير الكويت بناء تحالف عربى خليجى حول قراراتها إذ انضمت الى المملكة دولة الامارات العربية المتحدة لما لها من ثقل خليجى ودولى داعمة لهذا القرار. والامارات كانت سباقة فى موقفها الصارم الذى لا يتزحزح تجاه جماعة الاخوان وذيولها وكل من خرج من رحمها. وتتميز القيادة الإماراتية فى مجابهة الاخوان ومجابهة التطرف بالحسم الشديد غير الموارب أبدا . وانضمت مملكة البحرين لهذا القرار وستنضم الكويت لاحقاً التى تحاول إنجاح القمة العربية خلال الأسبوعين القادمين. عندما تضرب الجماعات الإرهابية التى تتسربل بالإسلام من بلد الحرمين الشريفين وبلد الازهر الشريف فى وقت واحد يكون الغطاء قد نزع عنها تماماً فلا ادعاء بالإسلام بعد الحرمين الشريفين وبعد الازهر. رسالة الملك عبدالله للرئيس الأمريكى باراك اوباما هى اهلًا بك شريكا فى الاستقرار ولكننا نعلم ما تفعله اذنابكم فى المنطقة وسنتعامل معه بطريقتنا ولك الاختيار: اما ان تقبل شراكة بندية وفوق الطاولة أو اننا سنتصرف وفق ما تمليه علينا مصالحنا ومصالح شعوبنا حتى لو أدى ذلك الى احراجكم. بالفعل التحديات اليوم بالنسبة للقرار الاستراتيجى العربى خطيرة فقط احاطنا الغرب بجوار غير عربى معاد متمثل فى إسرائيل وتركيا وإيران وزرع بيننا عدوا داخليا من خلال الجماعات الإرهابية وراع مالى لها ومركز إيواء لها متمثلا فى قطر. لاتوجد خطة اكثر خطورة لتقويض النظام العربى اكثر من هذا: عدو خارجى قوى وعدو داخلى اشد خطورة. الملك عبدالله يمتاز بالقيادة والجرأة والوضوح الذى لا لبس فيه. عندما رأى ان استقرار مصر مثلا فى خطر وخير بين ان ينحاز الى امريكا أو مصر: اختار مصر وكذلك كانت قيادة الامارات. على اوباما وقبل قدومه الى المملكة ان يفهم الرسالتين. وتبقى المملكة ومعها مصر والامارات مثلثا استراتيجيا عربيا يحمى مصالح العرب حتى لو لزم الأمر قطع العلاقات مع دول عربية مارقة. "الأهرام"