يستأنف، ابتداء من اليوم، آلاف التلاميذ رحلة الشقاء حيث يضطرون إلى السير عشرات الكيلومترات للالتحاق بمؤسساتهم التربوية، بسبب غياب النقل المدرسي الذي كان من المفروض أن يكونوا أولى المستفيدين منه باعتبارهم يقطنون في مناطق نائية ومعزولة. يجد الأولياء في الكثير من مدن الجزائر وقراها أنفسهم أمام مشكل غياب النقل المدرسي، الذي يدفعهم أبناءهم إلى الاعتماد على الأحمرة وتوقيف السيارات والشاحنات للالتحاق بمقاعد الدراسة أو تحمل مشقة السير على الأقدام. وفي الشرق، كما في الغرب والجنوب والوسط، يتكرر نفس المشهد لتلاميذ يسيرون على حافة الطرقات صيفا وشتاء، وظهورهم مثقلة بالمحفظات ليشقوا عشرات الكيلومترات نحو مقاعد الدراسة، حيث يستيقظون عند السادسة مساء للالتحاق بمقاعد الدراسة. ولا يزال العديد من تلاميذ قرى ولاية تيزي وزو يعانون من مشكل النقل المدرسي، حيث ترتسم طوابير الأطفال المضطرين لقطع عشرات الكيلومترات يوميا للالتحاق بمؤسساتهم التربوية، كما هو الحال بالنسبة لقرية بترونة التي تبعد بحوالي 5 كلم عن مدينة تيزي وزو، وقرى بلدية ذراع الميزان، وقرية اقني قغران بواضية وكذا قريتي عطوش وتزرارت التابعتين لبلدية ماكودة، وغيرها من المناطق والقرى التابعة لبلدية تيزي غنيف، حيث لا حديث للأولياء سوى عن النقل وكيفية الوصول إلى المناطق الأخرى والتحاق التلاميذ بمدارسهم. وفي البويرة، بلغ عدد المحتاجين إلى خدمات النقل المدرسي 45 ألف تلميذ، أي ربع عدد المتمدرسين، فيما لا تتوفر الولاية حاليا سوى على 187 حافلة لنقل ما يقارب 27 ألف تلميذ إلى مواقع تمدرسهم، أي بمعدل حافلة لكل 150 تلميذ. وتبقى حاجة قطاع التربية بالبويرة لضمان أدنى حد لخدمات نقل تلاميذ المناطق الريفية، إلى 50 حافلة، بعيدة المنال مع تقدم الموسم الدراسي الجاري، وبذلك يبقى أيضا تمدرس 19 ألف تلميذ على كف عفريت، أي بمعدل يصل إلى حافلة واحدة لكل 400 تلميذ، مما يجعل هذه الحاجة المعبّر عنها من قبل مديرية القطاع غير قريبة التحقيق، خاصة بقرى تعاني عطلا تنمويا، وتضاريس ومسالك ريفية لا تسمح للسائقين بالتردد عليها لضمان بلوغ التلاميذ مقاعد دراستهم في الوقت المحدد. تتجدد مع بداية كل موسم دراسي، معاناة الآلاف من التلاميذ في المناطق النائية بولايات الشرق، مع أزمة النقل المدرسي التي تجبرهم على قطع العديد من الكيلومترات مشيا على الأقدام من أجل الالتحاق بأقسام الدراسة. يعاني تلاميذ المشاتي الواقعة ببلديات اراس وباينان وتسالة والشيقارة فرجيوة وأولاد خلوف وتسدان وغيرها من البلديات المعزولة في ميلة، من انعدام حافلات مخصصة لنقل التلاميذ إلى مدارسهم، وهي الأزمة التي تمس جميع الأطوار. ورغم تخصيص بعض البلديات لحافلات، إلا أنها غير كافية، ما يجبر الكثيرين على المشي في تضاريس صعبة وقطع طرق خطيرة من أجل الوصول إلى المدارس. كما عبّر الأولياء عن عجزهم عن تغطية مصاريف تنقل أبنائهم عن طريق حافلات أو سيارات الخواص، وطالبوا السلطات بإيجاد حل نهائي لهذه الأزمة. وفي ولاية سكيكدة، يعاني التلاميذ القاطنون بالقرى والمشاتي النائية بدائرة تمالوس من مشكل غياب النقل المدرسي، على غرار قرى بوياغيل عين الشرايع اغبال وغيرهما، والتي يتم فيها نقل المتمدرسين محشورين في الشاحنات، في الوقت الذي تعتزم فيه السلطات المحلية مع بداية هذا الموسم تعميم مجانية النقل بالتعاقد مع الخواص لسد العجز المسجل في حافلات البلديات. كما يعاني تلاميذ عديد القرى بڤالمة، كالتي تتبع إقليم بلدية مجاز عمار وحمام النبائل وعين صندل وهواري بومدين، من أزمة حادة في النقل، حيث يجدون أنفسهم مجبرين على التنقل مشيا على الأقدام مسافات تقدر بالكيلومترات، وفي تضاريس وعرة للغاية، وفي حالات يتنقلون بواسطة "الدواب"، كما هو الحال في بلدية عين صندل، وبواسطة شاحنات "مازدا". ومن جهتهم، طالب أولياء تلاميذ القرى التابعة لبلدية مجاز عمار، ومنها "البطومة" و"سرفاني صالح"، السلطات التدخل لإيجاد حل لمشكلة النقل، غير أن هذه الأخيرة تذرعت بتوفر النقل ما بين البلديات، رغم أن المركبات العاملة على هذه الخطوط لا تتوقف إلا نادرا، ما يحتم عليهم قضاء ساعات في الانتظار. وفي سطيف، يواجه تلاميذ المناطق النائية مشاكل كبيرة مع النقل المدرسي، حيث يضطر الكثير منهم شمالا وجنوبا إلى قطع مسافات متفاوتة على الأقدام، حيث يعاني سكان قرى قنيفة وبوجليخ وأم عمر والدار البيضاء ببوطالب، مثلا، من انعدام متوسطة قريبة من مقر سكناهم، مما يجعلهم يقطعون يوميا من 06 كم إلى 12 كم ذهابا ومثلها إيابا، مما جعل أهالي هذه القرى يوقفون بناتهم عن الدراسة في مراحل متقدمة، رغم التحصيل الجيد والنتائج الممتازة، وهو مشهد يتكرر بالعديد من البلديات، خاصة الفقيرة منها، والتي تتحمّل أعباء التعاقد مع الخواص، ورغم ذلك مشاكل التلاميذ مع النقل تتواصل.