طرحت ندوة سياسية دعى إليها داعمو حركة 20 فبراير من الحساسيات والشخصيات السياسية المستقلة ثلاث تصورات كأفق للإجابة عن سؤال نضال الحركة الذي مازال مستمرا. وتم تلخيص هذه التصورات في ثلاث سيناريهات لكل واحد منهم تكلفته ورهاناته التي يحسم فيها المشاركون في الندوة. الندوة دعا إليها "الائتلاف من أجل ملكية برلمانية الآن"، وعقدت بمدينة الرباط يوم الاربعاء27 يوليوز تحت عنوان"20 فبراير ، فاتح يوليوز... أية آفاق للنضال الديمقراطي؟ " ووجهت الدعوة للمشاركة فيها إلى جميع الاتجاهات القريبة من حركة 20 فبراير، بهدف فتح جسر تواصلي للنقاش مع جميع الفاعلين المتمسكين بمطلب تغير ديمقراطي حقيقي في المغرب. تدخل خلال اللقاء عدد من المشاركين الذين عبروا عن أرائهم التمثيلية للطيف السياسي المحيط بحركة 20 فبراير، ومن اعتقاد راسخ بأن العمل من أجل الديمقراطية لا يمكن أن يتم إلا من خلال العمل في إطار إستراتيجية واضحة أو إستراتيجيات متلاقية من أجل تركيز الجهود ونقاش نقاط التكامل وأوجه الاختلاف على حد سواء لفتح حوار حقيقي حول إستراتيجية المدى القصير والمتوسط لتحقيق الديمقراطية في المغرب. ثلاث سيناريوهات الندوة طرحت سؤالا محوريا على المشاركين حول : "ما هو عرضكم الاستراتيجي؟ ". وذلك الانطلاق من فرضية للعمل مفادها أن بالإمكان تقسيم الاستراتيجيات الممكنة من أجل التغيير إلى ثلاثة فئات رئيسية: أولا: هناك إستراتيجية إرساء الديمقراطية على مراحل، تعتمدها التيارات التي تعتقد أن الديمقراطية لا يمكن أن تتم إلا وفق القناعة والوتيرة التي يختارهما الملك. وتفترض هذه الإستراتيجية، التي يكمن هدفها الرئيسي في تجنب المواجهة مع الحكم، أن ينخرط أصحابها مع الدستور الجديد في مرحلة وسيطة، والتركيز على تأمين مواقع قوية للأحزاب "التاريخية" في البرلمان والحكومة القادمين. حيث يكون التحول إلى نظام ملكي برلماني نتيجة لعدة ولايات تشريعية من "التعايش". ثانيا، استراتيجية المواجهة داخل وخارج المؤسسات. تعتمد هذه الإستراتيجية على قدرة الحركة الاجتماعية الحالية على التحول من حركة احتجاجية إلى حركة لهيكلة الفضاء العمومي، بما في ذلك انتزاع مواقع إستراتيجية في البرلمان (بما في ذلك استغلال مآزق وتناقضات سلطوية النظام الملكي من خلال تشجيع مواجهة رئاسة الحكومة للسلطة الملكية في إطار حالة أزمة ممكنة) قبل نهاية الولاية التشريعية المقبلة. وتستلزم هذه الإستراتيجية تحقيق وحدة دائمة للقوى السياسية التي تدعم حركة 20 فبراير. كما يكمن الشرط الذي لا غنى عنه لنجاح هذه الإستراتيجية في جاذبية مشروع مشترك لشباب الحركة، والجمهور الذي يقاطع الانتخابات والنخب الجديدة ذات المصداقية الذي أصبح ظهورها ضروريا. ثالثا: إستراتيجية المواجهة خارج المؤسسات، والتي تعول على قدرة الحركة الحالية على الاستمرار والتجدر إلى حد تتمكن معه من إسقاط الاستبداد، بموجب قرار ملكي أو من خلال تفاقم التناقضات داخل الحكم. وتعول هذه الإستراتيجية على فشل كل الوسائل التي يلجأ إليها الحكم للتخفيف من حدة الأزمة، وإظهار أن استمراريته تشكل وضعية تثير قلقا أقل مقارنة مع ما يثيره التغيير الجذري. يوسف بلال: مسؤولية الملك من بين المتدخلين يوسف بلال عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية. حيث تدخل بصفته الشخصية كمثقف ومناضل. وقد لخص ملاحظاته حول أفاق النقاش الديمقراطي بعد فاتح يوليوز فيما يلي: جعل إستراتيجيات القوى الديمقراطية تشكل إستراتيجية مضادة للحكم، مع استغلال تناقضات السلطة. فبالنسبة ليوسف بلال لا يمكن الانتقال إلى الديمقراطية دون طرح مسؤولية الملك، مع ضرورة قيام القوات الحية برفض سياسة التحالفات و التقسيمات التي تنهجها الدولة أما الاصطفاف الثاني الذي يجب تجاوزه فيتعلق بالخلافات الإيديولوجية بين اليسار والحركة الإسلامية. إذ أن تجاوز هذين النوعين من الاصطفاف اللذين تسعى الدولة إلى استغلالهما ممكن من أجل بناء تحالف سياسي لوضع حد للاستبداد. وأول هذه الخطوات هي فهم إستراتيجية الحكم من أجل صياغة إستراتيجية مضادة. علي بوعبيد: نهاية الإستراحة من جهة ثانية تدخل علي بوعبيد عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بصفته مناضلا ومثقفاً. والتي جاءت في مجملها تصب في اتجاه تشكل واقع سياسي جديد. فالربيع العربي من خلال امتداداته في حركة 20 فبراير بدأ يرسم توجها مزدوجاً. أولهما أصبح النشاط المواطن ينفصل أكثر فأكثر عن اللحظة الانتخابية، فالمواطنون الحقيقيون ليسوا بالضرورة ناخبين. إذ أضحت الانتخابات هنا أكثر من أي مكان آخر محط ارتياب بشكل واسع. ولم تعد تشكل المجال الوحيد لشرعي الحياة العامة. الاتجاه الثاني: بعيدا عن اللامبالاة تجاه القضايا السياسية، أصبح النشاط المواطن يميل نحو الاهتمام بهذه القضايا بشكل مباشر وصريح وعلني، من خلال عمليات وأشكال جديدة للتعبئة. فلم يشهد موضوع الإصلاح الدستوري أبدا مثل الحماس والاهتمام الذي شهده الإصلاح الأخير، وذلك من خلال المساهمة السياسية للمجتمع المدني على حساب مساهمة الأحزاب السياسية غير المقنعة كثيرا و/ أو المتأخرة. وأكد كذلك أنه لا يمكن للانتخابات المبكرة الوفاء بالوعود المتكررة المتعلقة بالشفافية. فالنظام يسعى إلى التعجيل بإنهاء الدورة الدستورية من خلال الإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة تعلن عن "نهاية الاستراحة". وخلص إلى أنه لا يمكن لأحزاب منزوعة الشرعية أن تقود انتخابات مبكرة أن تجسد حلا تأسيسيا في ضل الظروف الراهنة للعبة السياسية. بحيث يفرض على الحركة الديمقراطية إعادة التموقع وفق الوضعية الجديدة --- مفتاح الصورة: تظاهرات حركة 20 فبراير ...إلى أين؟