كثيرا ما يلقى سياسيون كبار حتفهم السياسي بأيديهم ... من كثرة "شطارتهم "و"اقفوزيتهم " يقدمون على ارتكاب هفوات قاتلة تعجل بنهايتهم بطريقة غريبة ، ولعلنا لن نجد مثالا أفضل من خارج الحدود من قصة رئيس البنك الدولي الذي أدت به قضية تافهة جدا إلى الإجهاز على مشوار سياسي كان مرجحا جدا أن يقوده إلى عرش الإليزي. في بلادنا ظهر سياسيون بارزون ما فتئوا يتفضلون علينا بدروس في الأخلاق والقيم في خطبة ولا أروع في العنصرية والشوفينية استهدفت مشاعر الشعب المغربي قاطبة ،أحد هؤلاء ليس سوى عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية .أبان بن كيران في خرجته الإعلامية التاريخية عن حقد دفين واحتقار شديد للثقافة الأمازيغية، تحدث الرجل بعفوية وتلقائية مجبرا الجمهور الحاضر ترديد أجزاء من عباراته الإحتقارية في مشهد تشمئز له القلوب وتحير معه العقول .عدت مرات ومرات إلى اليوتوب لمشاهدة الفيديو لقراءة كلام " السياسي المحنك" من زوايا متعددة علني أجد ما قد يبرئ الرجل من تهمة العنصرية ، و ما قد يجعلنا نتريث في إصدار أحكام قد تكون غير منصفة ،لكني وجدت الكلام لا يحتاج إلى تفسير ولا يختلف في فهمه شخصان . أسقط الخطاب القناع عن قناع بنكيران ، وكشفت حقيقته،رغم عودته في خطاب اخر غرضه فيما يبدو محاولة التقاط القناع مرة أخرى إلا أن المغاربة ليسوا بتلك السذاجة التي يرسمها عنهم في مخيلته . من سوء اعتقاد بن كيران أن انتماءه الأمازيغي قد يمنحه كل الصلاحية لإحتقار بني جلدته و صب جام غضبه على الأصوات المنادية بحق الأمازيغية في الوجود،ناسيا أن ظلم ذوي القربى أشد وأعظم ،وأن أبشع أنواع العنصرية هي التي لا تأتي من الاخرين ثم إن الأمازيغية ليست ملكا لأمازيغ المغرب فقط بل هي ملك للمغاربة جميعا .وإذا كانت الأمازيغية بتلك الحقارة والدناءة والرجعية فلماذا استحدث من أجلها معهدا ملكيا؟ولماذا أصبحت لغة دستورية ؟أليس كلامك يا بن كيران ضدا على إرادة شعبية وملكية؟ بنكيران يجهل أنه لايحق له أبدا الحديث عن لغة يجهلها ويجهل تاريخها وتراثها،ويمنع عليه منعا كليا إصدار حكم قيمة بشأنها فبالأحرى سبها والإستخفاف بها . خليط الكلمات التي تلفظ بها بنكيران والتي كان يريد بها إظهار عجز هذه اللغة عن مسايرة التقدم ونقل الأفكار دون اضطرارها للإستنجاد بلغات أخرى ،كان على الرجل أن يعتبره دليلا على عمق الجرح الذي تسبب فيه تهميش وإقصاء هذه اللغة وأنه سبب وجيه لإعادة الإعتبار لها والرفع من شأنها وليس إبادتها والقضاء عليها،ونسى شيخنا من جهة أخرى أن الألفاظ التي نطق بها هي لهجة وليست اللغة الأمازيغية الممعيرة التي ينشدها عموم المغاربة.ثم من يكون هذا الشخص حتى يستكثر على الأمازيغ مطالبتهم بحق مشروع تكفله المعاهدات والمواثيق الدولية؟ الزعيم الاخر والذي أصبحت روائح فضائحه تشتم في كل مكان كان اخرها في تازة حيث أشنف الحاضرين بقاموس ينهل من تحت الحزام ... هو محمد زيان الأمين العام للحزب الليبرالي المغربي..كانت عبارة زيان أكثر دقة وتركيزا وتلخيصا لموقفه من القضية الأمازيغية.حيث أجاب حينما سئل عن رأيه في المطالب المنادية بدسترة الأمازيغية :هل تريدون أن تسبقنا القردة؟في إشارة إلى الصورة البدائية التي يرسمها هذا السياسي الغريب الأطوار عن الأمازيغ ولغتهم . إذا كان يا زيان ما يهمك فعلا أن تكسب بلادك سباق التحضر والتقدم فهل يمكن تحقيق ذلك باللغة العربية(مع كامل احترامي لها) التي تحاول جعلها خصم اللغة الأمازيغية وعدوتها؟أليست اللغة الإنجليزية الأكثر قدرة على جعلنا نبقى في حلبة السباق؟ وهل مطالب الأمازيغ هي دعوة لإقصاء اللغات الأخرى؟ اليس الأمازيغ أكثر استعمالا للغة العربية منكم أنتم الذين تظهرون أنفسكم كمدافعين عنها؟في سويسرا تتعايش أربع لغات رسمية هي الفرنسية والألمانية والإيطالية والرومانشية في ود ووئام، رغم صغر مساحة هذا البلد وتباين نسب المتحدثين بكل لغة .وهل مسألة التقدم والتخلف لها كل هذا الإرتباط بالإختيارات اللغوية ؟ألم تحيي إسرائيل لغتها وهي رميم،و استطاعت جعلها لغة تدرس في أرقى الجامعات العالمية ،كما استطاعت جعلها متعايشة مع اللغة الإنجليزية ولم ينتج عن ذلك صراعا لغويا. بنكيران وزيان عصركم إنقضى .ولى عصر الديناصورات حيث الرؤوس لا تقنع والبطون لا تشبع والاذان لا تسمع...مطالب الأمازيغ ليست في حاجة إلى اذانكم ومواقفكم ،لأن عصرنا عصرحقوق الإنسان ، عصر التعايش والتثاقف والإختلاف ... رشيد أوخطو