04 نوفمبر, 2016 - 12:10:00 سنت بلجيكا مجموعة كبيرة من القوانين المثيرة للجدل لمكافحة الإرهاب، ونفذت سلطاتها الأمنية عمليات قاسية على امتداد العام الماضي (2015/2016)، وذلك في حق عدد من المتورطين في الهجمات المروعة التي عاشتها باريس وبروكسل، التي وصفت ب"الأكثر دموية في تاريخ البلدين منذ عقود"، بحسب تقرير أصدرته يوم أمس الخميس 3 نونبر الجاري المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش"، التي أكدت أن أغلب هؤلاء "الضحايا" من أصول مغربية ويحملون الجنسية المزدوجة "مغربية - بلجيكية". ويتناول تقرير "تدابير تثير القلق : مكافحة الإرهاب في بلجيكا بعد هجمات باريس وبروكسل"، الصادر في 56 صفحة، الإجراءات التي تتسبب في حبس المحتجزين بتهم الإرهاب انفراديا لمدة مطولة، وتسمح للحكومة بتعليق جوازات السفر ومراجعة سجلات الهاتف والبريد الإلكتروني الخاصة بالمشتبه فيهم بالإرهاب دون موافقة قضائية، مشيراً إلى بعض القوانين الأخرى التي تسمح بسحب الجنسية البلجيكية وتجرم تعليقات لا ترقى إلى "التحريض المباشر على الإرهاب"، إذ يستعرض التقرير أيضا تصرفات مسيئة ترتكبها الشرطة أثناء تنفيذ مداهمات واعتقالات في إطار مكافحة الإرهاب. في نفس السياق، قالت "ليتا تايلور"، الباحثة في قضايا الإرهاب في "هيومن رايتس ووتش"، "عملت بلجيكا بجد السنة الماضية لمنع حصول هجمات جديدة، ولكن القوانين والسياسات التي اعتمدتها كانت فضفاضة وأحيانا مسيئة، ما جعلها محدودة الجدوى"، وزادت موضحة ، "رغم أننا نشارك بلجيكا وفرنسا غضبهما وحزنهما، ونريد أن نرى المتورطين أمام العدالة، إلا أن مداهمات الشرطة العنيفة قد تتسبب فقط في عزل المجتمعات المحلية التي يمكن أن تساعد على معالجة هذا التهديد". وأوضحت المنظمة الحقوقية أنها قبل إنجازها لهذا التحقيق، التقت خلاله بعشرات الأشخاص المعنيين بهذا الموضوع، توصلت إلى كون عدد من المغاربة المشتبه في علاقتهم ب"الإرهاب" تعرضوا للعزل لمدد طويلة من الزمن، حتى أن واحدة من الحالات التي التقت بها "هيومن رايتس ووتش " حاولت الانتحار بسبب عزلها لما يفوق عن عشرة أشهر، وهو ما وصفته ب"تعامل غير إنساني يمكن اعتباره تعذيباً". كما رصدت "هيومن رايتس ووتش" إقدام السلطات البلجيكية على انتزاع جوازات السفر من المشتبه فيهم في تورطهم في "قضايا الإرهاب"، بالإضافة إلى استخدام القانون القاضي بإسقاط الجنسية البلجيكية عن هذه الفئة من المواطنين. ووثقت ذات المنظمة ما لا يقل عن 26 حالة تم نعثها خلال جلسات التحقيق بأوصاف من قبيل "العربي النجس" و"الإرهابي النجس"، وعشر حالات أخرى تم التعامل معها من طرف المحققين باستعمال القوة التي وصلت حتى الضرب في بعض الأحيان، مضيفة أن عددا من الأشخاص الذين التقت بهم فقدوا شغلهم بسبب ملاحقات الشرطة والحكومة البلجيكية لهم، والتي صارت تعتبرهم "أعداء" لها. ويوجد حاليا 35 سجينا على الأقل رهن الحبس الانفرادي، في حين نقل 18 آخرون ممن كانوا في الحبس الانفرادي إلى نظام سجني آخر خاص يُعرف ب "دي – راداكس" خاص بالسجناء المتهمين أو المدانين بالإرهاب، ويسمح بهامش صغير من التواصل بين نزلائه المعزولين. وتعترف "هيومن رايتس ووتش" بأنه قد تكون هناك ضرورة لإجراءات خاصة لمنع التطرف العنيف في السجون، ولكن يجب أن تكون متناسبة وخاضعة لمراقبة فعالة، بحيث اعتبرت الحبس الانفرادي المطول معاملة قاسية وغير إنسانية ومهينة، قد ترقى إلى التعذيب. ومن جهتها، قالت الحكومة الفدرالية البلجيكية في رسالة مكتوبة وجهتها إلى "هيومن رايتس ووتش"، إنها "عازمة على حماية حقوق الإنسان" أثناء عمليات مكافحة الإرهاب، وإنها تحقق في "عدد من الحوادث" المتعلقة "بعنف لفظي أو جسدي" مزعوم من قبل الشرطة بعد الهجمات، ولكن "تبقى هذه حوادث معزولة وليست نتيجة لسياسة متعمدة". هذا، وأكدت "ليتا تايلور" على أن "الحكومات مسؤولة عن حماية الناس من الهجمات ومحاسبة المتورطين"، موضحة أن "الردود غير المتناسبة تتسبب فقط في إضعاف سيادة القانون، وتزيد انعدام ثقة المجتمعات المسلمة في السلطات، وتقسم المجتمع في وقت يحتاج فيه إلى الوحدة ضد جماعات مثل داعش".