01 سبتمبر, 2016 - 11:06:00 أرقام صادمة ومؤشرات مقلقة، خلاصة ما كشفته وثيقة رسمية لوزارة التربية الوطنية استندت عليه الوزارة المعنية في ميزانيتها برسم السنة المالية الجارية 2016 وترافعت بشأنه مع وزارة الاقتصاد والمالية لضخ ما يربو عن 45 مليار و787 مليون درهم في ميزانيتها، منها 38 مليار و868 مليون درهم حصة نفقات الموظفين و 3 ملايير و858 مليون درهم للمعدات والنفقات المختلفة و 2 مليار و507 مليون درهم للاستثمار، إضافة ل 778 مليون درهم إعانة تمنحها الوزارة لفائدة مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين وغير ذلك من النفقات. موقع "لكم"، أعد قراءة في وثيقة "نجاعة الأداء" الواقعة في 92 صفحة، والتي ضمت أرقاما ناطقة تعكس تردي واقع منظومة التربية والتكوين، بمناسبة التحاق الأطقم الادارية والتربوية بالمؤسسات التعليمية خلال الدخول المدرسي الجديد 2016/2017 التي يجتر مشاكل قديمة لاستقبال أكثر من 6 ملايين و 800 ألف تلميذ(ة). هدر مدرسي في تزايد ومعدل تأطير مرتفع بينت وثيقة مؤشرات نجاعة الأداء، التي حصل عليها موقع "لكم"، أن مؤشرات الهدر المدرسي ما تزال تنخر منظومة التربية الوطنية رغم كل الملايير التي تم ضخها في ميزانية الأكاديميات بين سنوات 2009 و 2012 زمن البرنامج الاستعجالي، على الرغم من توسيع العرض التربوي إلا أنه لم توازيه نتائج ميدانية على مستوى مؤشرات التمدرس ومعدلات التأطير والاكتظاظ، مما انعكس سلبا على جودة التعلمات التي تستهدف خلال الدخول المدرسي 2016/2017 ما يفوق 6 ملايين و 650 ألف تلميذا(ة). وتبرز الوثيقة أن انقطاع التلاميذ في التعليم الاعدادي يرتفع سنة بعد أخرى، إذ انتقل من 2.5 في المائة سنة 2014 إلى 2.8 في المائة سنة 2016، وهو ما يوازي أكثر من 200 ألف (إحصائيات سنة 2016 تشير إلى أن عدد التلاميذ في الابتدائي 4 ملايين و18 ألف)، ليتعمق هذا النزيف من جديد في الاعدادي الذي ارتفعت مؤشرات الهدر (عدم الالتحاق) من 10.6 في المائة سنة 2014 إلى 12 في المائة سنة 2016، أي ما يوازي 20 ألف تلميذ(ة) منقطع(ة)، وهي النسبة التي ستظل مستقرة إلى حدود عام 2018 وفق وثيقة مؤشرات نجاعة الأداء لدى وزارة بلمختار. أما نسبة الانقطاع في التعليم الثانوي فترتفع كل عام، إذ انتقلت من 11.9 في المائة عام 2014 إلى 14.4 عام 2016 لتبلغ ما يقارب 16 في المائة مع حلول سنة 2018، فيما ستظل نسبة النجاح في امتحانات الباكلوريا بدورتيها لا تتجاوز وفق نفس الاسقاطات 67 في المائة بعد ثلاث سنوات. هذا النزيف، توازيه مؤشرات مقلقة بخصوص نسبة حصول التلاميذ على شهادة الدروس الابتدائية (السنة السادسة ابتدائي) التي بلغت 79.94 في المائة سنة 2014، لتتراجع إلى 76.52 في المائة سنة 2015، فيما لا يتجاوز النصف في الاعدادي إذ تبلغ خلال نفس المرحلة 49.51 في المائة و58 في المائة. ولا تحيد مؤشرات نسبة استكمال الدراسة بالأسلاك الثلاثة عن ذلك، إذ أن التلاميذ الذين ينتقلون بدون تكرار في تراجع من 10.1 في المائة سنة 2014 إلى 8.7 في المائة سنتي 2016 و 2017، أما الذين ينتقلون بتكرار فتفوق نسبتهم 30 في المائة، وهو مؤشر سيبقى تابثا حتى عام 2018، بحسب نفس الوثيقة الحكومية. أما معدل الأساتذة لكل مفتش فيصل إلى 183 أستاذا في الابتدائي و 84 في الثانوي، ومع حلول سنة 2017 سيبلغ 172 في الابتدائي و 80 في الثانوي، وهي مؤشرات مقلقة بالنسبة للمفتشين الذين لا يستطيعون تأطير هاته الأعداد، علما أن بعض المديريات الاقليمية والأكاديميات مشتتة جغرافيا وسط قلة وسائل النقل واهترائها، مما يضعف أداء هاته الفئة ويؤثر على تتبع سير التعلمات والتأطير الموزاي والمستمر لأطر التدريس. هاته الوضعية انعكست على معدل تأطير التلاميذ البيداغوجي داخل الفصول الدراسية، إذ تزايدت نسبة الأقسام المشتركة من 22.7 في المائة عام 2014 إلى 23.9 في المائة عام 2016، مما كان له الأثر الكبير على نسبة التلاميذ المتمكنين من الكفايات الأساسية المتعلقة بالابتدائي والاعدادي حسب برنامج PNEA (البرنامج الوطني لتقويم كفايات التلاميذ) التي بلغت 50 في المائة فقط، وهي نسبة تعكس حالة متدنية لأداء المنظومة في غياب تدابير استعجالية لمعالجتها والرفع من قدرات وكفايات التلاميذ، وحتى المدرسين. ويبلغ معدل التلاميذ للأستاذ الواحد 28.5 برسم 2016 ليترفع العدد إلى أكثر من 30 تلميذا لكل مدرس، وهو نفس الرقم تقريبا الذي يعيشه التعليم الاعدادي. أما نسبة الاكتظاظ، فسترتفع كل سنة بثلاث نقاط أي أن 11 في المائة من الفصول الدراسية العمومية في الابتدائي بالمغرب بها أقسام تضم 41 تلميذا أو أكثر . خصاص كبير في المدرسين يعمق الجراح وأطفال خارج المنظومة الوثيقة الحكومية كشفت أن نسبة تعويض الموظفين المتقاعدين (المحالين على المعاش) برسم سنة 2015 يبلغ 58.83 في المائة، وخلال السنة الجارية 2016 يبلغ 51.68 في المائة. كما أن الموظفين الذين سيحالون على التقاعد الحتمي برسم سنة 2017 سيصل إلى 15 ألف و46 موظف وسيتزايد هذا العدد مع حلول سنة 2018 ما يربو عن ال16 ألف موظف. هذا الخصاص يعمقه تنامي أعداد الموظفين المحالين على التقاعد النسبي (أي الذين قضوا 30 سنة فما فوق في القطاع)، والذين تتزايد أعدادهم سنة بعد أخرى، إذ يتجاوز الرقم في أكاديمية جهة الدارالبيضاءسطات 1000 موظف كل سنة، مما يعمق الخصاص في أطر التدريس وأطر الادارة التربوية والمراقبة التربوية، يربك كل الحسابات وإسقاطات مدبري القطاع. وتؤكد الوثيقة أن عدد الأطفال غير الممدرسين (8/11 سنة) خارج منظومة التعليم بلغ العام الماضي 61 الفا و 177، ليصل إلى 50 ألفا و 220 خلال سنة 2016، فيما سيبلغ عام 2017 33 ألفا و373، لا يتم إدماج سوى 35 في المائة منهم في إطار التربية غير النظامية، لينضاف هؤلاء إلى كل التلميذات والتلاميذ الذين انقطعوا عن الدراسة في الأسلاك التعليمية الثلاث. ويتراوح الخصاص في بعض الأكاديميات، وفق مصادر موقع "لكم"، خلال شتنبر 2016، ما بين 200 إلى 300 مدرس في الأسلاك التعليمية الثلاث، مما يدفع مصالح الوزارة على مستوى المديريات إلى تقليص البنيات التربوية بضم الأقسام وإلغاء التفويج والتدريس بأكثر من مؤسسة تعليمية واستكمال الساعات بمؤسسة تعليمية أخرى والزيادة في الأقسام المشتركة والتكليف بسلك غير السلك الأصلي، ليطرح السؤال: أي جودة تسعى إليها الوزارة في زمن تنزيل الرؤية الاستراتيجية للإصلاح؟