09 غشت, 2016 - 06:00:00 نتقدت منظمتان حقوقيتان مغربيتان، حكماً قضائياً بالسجن غير النافذ، على روائي، بعد متابعته بتهمة "السب والقذف"، على خلفية دعوى رفعها شخصان في حقه، بسبب إصدار رواية. واعتبرت منظمة حريات الإعلام والتعبير، وجمعية "بيت الحكمة" ، في بيانين منفصلين، اليوم الثلاثاء، أن هذا الحكم "تقييد لحرية التعبير والإبداع". وفي 2 غشت الجاري، قضت المحكمة الابتدائية في مدينة ورززات، بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 1000 درهم، وتعويض لفائدة المشتكين قدره 20 ألف درهم، في حق الروائي عزيز بنحدوش، بعد متابعته قضائياً بتهمة السب والقذف، على إثر نشره لرواية عنوانها "جزيرة الذكور" تتحدث عن ظاهرة "الأبناء الأشباح" خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وهو ما اعتبره المشتكيان من قرية تازناخت "سباً وقذفاً" في حقهما. وقالت "حريات الإعلام والتعبير"، في بيانها، إنها "تلقت باستغراب" هذا الحكم ضد الروائي المغربي، واصفة هذا الحكم بكونه "حكماً تعسفياً يصادر الحق في التفكير والتعبير والإبداع". واعتبرت المنظمة أن محاكمة أعمال أدبية قضائياً "إنكار مباشر لحرية الإبداع ولأدوار الآداب والفنون في تطوير المجتمع"، وشجبت "استعمال بنود من قانون الصحافة، وخاصة تلبيس النقد تهمة الشتم والقذف، لمحاكمة مبدعين وفنانين وصحافيين". وتتناول رواية "جزيرة الذكور"، الصادرة عام 2014، أوضاعاً كانت تعيشها بعض المناطق المغربية والناجمة عن ظاهرة "الأطفال الأشباح"، وتعني الأطفال الذين توفوا ولم تعلن أسرهم التي تعمل في بعض الدول الأوربية عن ذلك للسلطات في هذه الدول، من أجل استمرار الاستفادة من مبالغ التعويضات الشهرية المخصصة للأطفال، أو إضافة أبناء أحد الإخوة أو أفراد من الأسرة للسجل العائلي للعامل بالخارج للسبب ذاته، وهو ما نتجت عنه مشاكل ونزاعات قانونية في الإرث. كما تنتقد الرواية هيمنة "العقلية الذكورية" في المجتمعات القروية، وبعضاً من سلبيات هذه المجتمعات. واعتبر المشتكيان أن الرواية مكتوبة ضدهما، وجاء في نص الشكوى التي تقدم بها المشتكيان إلى القضاء ضد " بن حدوش"، أنه تم وصفهما بمجموعة من الأوصاف المهينة، بينما يشدّد المؤلف أن الأشخاص والأماكن والأزمنة التي جاءت في الرواية لا تمت لهم بصلة، وأنه لم يقصد أحداً بعينه في الرواية. بدورها، اعتبرت "بيت الحكمة" في بيانها، أن الحكم ضد الروائي "مساس بحرية الإبداع الأدبي باعتباره عملا سردياً تخييلياً"، وطالبت في بيان لها، بإلغاء المتابعة القضائية ضده. وأكّدت أن "هذه الواقعة تعتبر انتهاكاً للدستور المغربي الذي يضمن حرية الفكر والإبداع، وكذا تضييقاً على مجال الإبداع الروائي". وأوضحت الجمعية أن "السرد الأدبي تتداخل فيه الأحداث، والشخوص، والأمكنة، من خلال رؤية إبداعية تخييلية، وبالتالي فإن ادعاء تشابه الوقائع بموجب متابعة قضائية يشكل تراجعاً خطيراً على مجال الحريات وحقوق الإنسان بالبلاد". وطالبت ب"ضرورة صيانة المكتسبات المتحققة في مجال حرية الإبداع والفنون والنشر، وحذرت من تبعات هذه الوقائع التي تسيء لحقوق الإنسان، ولحرية الفكر والإبداع ، كما تسيء لسمعة المغرب"، بحسب البيان. وردّ الروائي عزيز بنحدوش، في تدوينة له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، على الحكم الصادر ضده في هذه القضية، بقوله إن "السيد القاضي دخل التاريخ، لكن لا أعرف من أي باب، فقد كان له شرف إدانة الإبداع لأول مرة في تاريخ المغرب"، مضيفاً أن القاضي "امتلك الجرأة الكافية ليُدين رواية (جزيرة الذكور)، وغداً سيحرّم النحت والرسم والشعر".