وفاة أكبر بطلة أولمبية في العالم    بلاغ من المغرب التطواني بخصوص جمهور الوداد    إدارة سجن واد زم تنفي مزاعم "وفاة غامضة" لسجين    هولندا.. العثور على جثة مهاجر ينحدر من الريف بعد 11 يوما من اختفائه    قطب الريسوني ورشيدة الشانك ومحمد العناز يفتتحون سنة 2025 في دار الشعر بتطوان    حموشي ينوه بنجاح تأمين ليلة رأس السنة    "مقتصدو التعليم" يحتجون بالرباط    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    تسجيل هزة أرضية خفيفة بإقليم أزيلال    سيارة تصدم شرطيًا أثناء أداء مهامه بطنجة    "جرائم الأموال" تؤجل محاكمة مبديع .. ومنظمة حقوقية تدخل على الخط    بشار الأسد يتعرض لمحاولة اغتيال    مالي: الجزائر تدعم "مجموعات إرهابية"    المعارضة بورزازات تطعن في انتخابات رئيس المجلس وتصفها ب"المذبحة القانونية"    تفاصيل جديدة عن هجوم "نيو أورليانز" الدموي    فيفا: رحلة دياز تعيد المغرب إلى القمة    قطر تعلن احتضان كأس العرب في دجنبر المقبل    السلطات الفلسطينية تقرر توقيف بث قناة الجزيرة القطرية و"تجميد" كافة أنشطتها    شرطة كوريا الجنوبية تداهم مطارا في إطار الكارثة الجوية    مقتل شخص وإصابة عدة أشخاص في انفجار سيارة كهربائية بلاس فيغاس    تأجيل محاكمة مبديع إلى 9 يناير الجاري    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    خطر الدوغمائية على مآل "الميثاق الغليظ" في المغرب!    مالطا.. استنفار أمني بعد هروب مسافرين مغاربة من طائرة تركية هبطت اضطراريا بالمطار    ّ"البذخ مقابل الجوع".. زعيم البوليساريو يبني قصرًا فاخرًا بتندوف الجزائرية    تفاقم البطالة والفساد والمديونية.. منظمة نقابية تستعرض إخفاقات الحكومة في 2024    صن داونز يصل إلى المغرب لمواجهة الرجاء    ضحايا زلزال الحوز .. لفتيت يكشف تفاصيل عمليات النصب    تقرير يصنف المغرب ضمن أكثر الدول استهلاكًا للبن    صفرو: ثلاث مجموعات شركات رائدة عالميا في إنجاز محطات نقل الطاقة بواسطة الضخ تتنافس لنيل مشروع "محطة المنزل" للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب    إختتام الدورة السادسة للمهرجان الدولي للسينما و التراث    صيدليات الانترنيت… مامدى خطورتها على صحة المواطن المغربي    شركة "مايكروسوفت" تطور نموذجا لذكاء اصطناعي جديد لتنفيذ المهام بنحو مستقل    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: 2024 الأكثر دفئا على الإطلاق    مجموعة من التعديلات الضريبية تدخل حيز التنفيذ مع حلول السنة الجديدة    تنظيم الدورة الأولى لمهرجان أفلام الصحراء    كلشي بالمكتاب .. الدوزي يختتم 2024 بإصدار جديد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    تتويج رحيمي بجائزة أفضل لاعب عربي محلي    وفد سوري برئاسة وزير الخارجية يحل بالرياض في أول زيارة رسمية خارج البلاد    مليلية المحتلة تسجل انخفاضًا غير مسبوق في الهجرة السرية منذ التسعينات    مسار استقلال السلطة القضائية في السياسات العمومية كتاب جديد للقاضي عبد الله كرجي    مشروع الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال.. نموذج للتعاون الإقليمي    زياش يلتقي بمعجبين مغاربة في دبي    صدمة جديدة .. الليغا تزيد أوجاع برشلونة    أحكام ‬قضائية ‬‮‬ضد ‬‮"صناع ‬التفاهة" وارتياح ‬كبير ‬لدى ‬للرأي ‬العام    وفاة الكاتب الفرنسي باسكال لينيه الحائز جائزة غونكور عام 1974    دراسة: الصيام المتقطع يساعد في علاج اضطراب التمثيل الغذائي    باحثون يطورون علاجا آمنا وغير مسبب للإدمان لتسكين الآلام    الطهي يتجاوز الفواكه والخضروات باستخدام أجزاء الأشجار    تنبيه من خطورة عودة انتشار "بوحمرون" بالمغرب ودعوة إلى ضرورة التلقيح للقضاء عليه    الدكتور فؤاد بوعلي ضيفا في حلقة اليوم من "مدارات" بالإذاعة الوطنية    باسل خياط يخالف مبادئه ويقع في الحب ضمن الدراما الاجتماعية الرومانسية "الثمن" على "5MBC"    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرياتٌ مُؤلمة عن الجَائِحة التي وَلّت بدُون رجعة !
نشر في لكم يوم 11 - 11 - 2024

كان الأمل فى التشبّث بالحياة هو بصيص النور المشرق الذي ما فتئ يشعّ في آخر ذلك النفق الحالك الذي كان قد داهمنا خلال الجائحة اللعينة التي قضّت مضاعجَنا،وأربكت حياتنا، وأثقلت كاهلنا بالهموم، والهلع ،والفزع، والتخوّفات ،وكانت قد أحالت حياتنا إلى جحيم لا يُطاق خلال أيامها الحالكات ،ولياليها المدلهمّات،حيث لم نكن نسمع سوى الحديث عن ذاك الوباء الفيروسي الرّهيب الموسوم ب (كوفيد 19) أو (كورُونا) ، وأين له من كورونا ( التاج ) فهو إسم على غير مسمّى ! ، فكورونا فى لغة سيرفانتيس تعني التاج كما هو معروف .
مَا أضيقَ العيش لَوْلاَ فُسْحَة الأمَل
هذا الوباء اللعين كان قد ملأ علينا حياتنا فى كلّ لحظة وهنيهة وحين، وضاعف من مكابدتنا حيث لم ينتهِ إلينا إبّان انتشاره أيّة أخبار سارّة تفرحُ القلبَ، وتُثلج الصّدرَ سوى الحديث عن هذا الوباء الفتّاك، لم تكن أحاديثنا تدور سوى عن الإصابات المؤكّدة، والمعاناة الشديدة ، والموت الزّؤام ، والمَشافي المُكتظّة ، وسيارات الإسعاف المُسرعة، وصفّاراتها المدوّية، والعنايات المركّزة، والكمامات الواقية، والتباعد الجسدي،والحَجْر الصحيّ،وحالات الطوارئ ،وغسل الأيدي واستعمال هلام تطهيرها بدون انقطاع ،وتنظيف الوجوه ،والألبسة، والأطعمة، والخُضر، والفواكه وكلّ ما نذهب به الى أفواهنا ،وذلك نظراً لتفاقم هذا الوباء الذي كان قد إستشرى وانتشر آنذاك بيننا إنتشارَ النّار فى الهشيم..ولم يكن هناك من مُعالجٍ، أو وَاقٍ ،أو مُواسٍ،أو شفاء فى الأفق القريب .
هذا غيضٌ من فيض ممّا كان قد ملأ حياتنا منذ ظهور هذه الجائحة الخطيرة التي فتكت بنا،وبغير قليل ٍ من أصدقائنا،وأحبّائنا، وذوينا،وأقربائنا وعجّلت برحيل بعضهم من دار الشقاء الى دار البقاء، والتي جعلتنا فى حياتنا اليومية نحثّ الخُطىَ، ونُسرع فى سيرنا مُهرولين، متّقين،حذريرين، مُحتاطين ، ننأى ونفرّ من أقرب وأحبّ الناس إلينا فرارَنا من الأسد ، كان هذا الوباء الهالك قد ملأ حياتنا رعباً ، وذعراً ،وقلقاً، وهلعاً ، وفزعاً، وريبةً ورهبةً،وترقّباً، وخوفاً مقيماً ، وكنا نُجيل بأبصارنا فى السّماء فى كل حين وكأننا نرجوها أمراً في قرارة أنفسنا لإيجاد مَخرج لنا من هذا النفق المدلهمّ الطويل ،ونتوق ونتطلّع إلى بزوغ الفجر الباسم ، وإنبلاج نورالصّباح المشرق الوضّاء، وكان الأمل هو ملاذنا، ومآلنا، ومنقذنا وطوق نجاتنا ، وكانت ألسنتنا تردّد فى كلّ حين بدون انقطاع المثل المشهور، والقول المأثور : ما أضيقَ العيش لولا فسحة الأمل .! .
رحلة إلى روما وما أدراك ما روما !
شاءت الأقدار أنه فى تلك الظروف العصيبة كان أخي الأديب الرّقيق، والباحث المثابر الحثيث الاستاذ عبد اللطيف مَحمد خطّابي فى رحلة سياحيّة واستطلاعيّة فى الديار الايطاليّة لشغفه وحبّه الأثيريْن للفنّ والثقافة والتاريخ النابض في هذا البلد الذي يشعّ جمالاً ،وجلالاً ،وسحراً ،ودلالاً، وعطراً، وفكراً ،وثقافةً، وفنّاً ،وشعراً . ولم تثنه هذه الجائحة عن مواصلة رحلته حيث لم تكن الإجراءات التنقلية قد فُرضت فى مختلف مطارات وموانئ بلدان العالم بعد ، فقلتُ له :
لقد أخبرتني من لطفك أخي الأبرّ آنذاك أنّك توجد فى روما ، وما أدراك ما روما ! فقد سبق لي أن زُرتها فى العديد من المرّات فى ريعان الشّباب، ومقتبل العُمر وشرخه ، عندما كنت أتابع دراستي العليا فى مصر المحروسة بجامعة عين شمس بحاضرة الألف مئذنة القاهرة العامرة ، فقلتُ لك إبّانئذٍ حذار.. حذار، حافظ على التباعد، وتجنّب الإكتظاظ ،وإيّاك أن تغشى الإزدحام ، وعُد لنا إلى أرض الوطن الغالي مُظفّراً ، سالماً،غانماً بحول الله تعالى.
خلال وجودي فى هذه المدينة السّاحرة التي لها مكانة خاصّة ،ومنزلة فريدة لدى الإنسانية جمعاء منذ فجر التاريخ ، فى كلّ زيارةٍ لها كنت أحرص على أن أقذف ببعض الليرات الإيطالية النحاسيّة الصّغيرة الحجم فى مياه النافورة الشهيرة التي يُطلق عليها الإيطاليّون Fontana di Trevi التي تمّ تخليدها فى الفيلم السينمائي الذائع الصّيت الحائز على جملة من الأوسكارات (الحياة حلوة) La dolce vita فى الستينيات من القرن الفارط ، من تأليف وإخراج الايطالي العبقريّ المعروف فيديريكو فيليني ،وتمثيل الممثل الايطالي مارشّيلو ماستروياني ، والممثلة السّويدية الحسناء أنيتا إيكبيرج .
لا تنسَ أخي الرحّالة أن تلقى أنتَ بدورك بعضَ ( الصّوَالدَة ) أو ( الفكّة) فى مياه تلك النافورة التي تعتبر من أبرز علامات، وتجليّات، ومعالم روما المهضومة…! فإنّ الطليان يقولون إنّ فى ذلك مَجلبة للسّعد الحَسَن، والحظّ الجميل ،والطّالع الحميد .!.. التمثال الذي يوجد عند مدخل المتحف بالقرب منها هو من إبداع الفنان ،والشاعر، والفيلسوف، والفلكيّ، والرياضيّ،والرسّام، والنحّات العبقري الايطالي الذائع الصّيت ليوناردو دافنشي (صاحب أشهر وأغنى لوحة فى العالم وهي لا موناليزا أو الجيُوكاندا ) الذي يقول عنه المؤرّخون والمتخصّصون فى تاريخ الفنون أنه عندما إنتهى من نحت هذا التمثال وكانت المطرقة والإزميل ما زالا فى يديْه ، ودون سابقِ إنذار، وعلى حين غرّة ، وبشكلٍ مفاجئ صار يضربه بدون شعور منه بمطرقته فى ( قُبُوله) ( بضمّ الكاف) مخاطباً إيّاه بصوْتٍ عالٍ جهوري : تكلّم … تكلّم ..تكلّم..!! ويرى دهاقنة، وصناديد ، وفطاحل النقد الفنّي الإيطاليّ فى هذا القبيل إنه من دقّة مهارته ،و كثرة إتقانه لهذا التمثال لم يكن يبقى له سوى الكلام ….أيّ لم يكن يبقى له سوى النّطق..! واحتراماً للفنّان العظيم تركوا التمثال على ما هو عليه بنفس الضربات التي كالها له دافينتشي من الناحية الأماميّة إلى حيث وصلت يداه، وظلّ على تلك الحال إلى يومنا هذا المشهود مثلما بقي مُجسّم أبو الهول حارس الإهرام الكبرى العائدة ل( خوفو، وخفرع، ومنقرع) فى الجيزة أفطس الأنف بعد أن أطلق نابليون بونابارت طلقة قوية من مدفعه الكبيرعليه خلال حملته الشّهيرة الى مصر الآمنة ،ثمّ ليتأهّب لسرقة "المِسلّة L'obelisque " الفرعونية الكبرى والفريدة ليضعها منذ عام 1836فى قلب ساحة ( لا كونكورد) فى قلب باريس، التي كانت تُنعت منذ سنوات ب ( مدينة النور) !.
كاتب وباحث ومترجم من المغرب ، عضو الأكاديمية الإسبانية -الأمريكية للآداب والعلوم بوغوطا كولومبيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.