من يرد الاعتبار للكاتب بوعلام صنصال.. بعد تطاول عبد المجيد تبون؟    الحكومة ستقدم عرضا أوليا حول إصلاح أنظمة التقاعد في شهر يناير المقبل    البشرية على شفا الانقراض.. تحذيرات عراب الذكاء الاصطناعي من الخطر المقبل    تصريحات رونالدو والتشكيك في مصداقية الكرة الذهبية    سفير روسيا في الرباط يبرز قوة العلاقات بين البلدين ويؤكد أن موقف المغرب متوازن بخصوص الحرب الروسية الأوكرانية    فتاح: تعويض 76 في المائة من الملفات الطبية في مدة زمنية لا تتجاوز الآجال القانونية    استفادة حوالي 34 ألف أسرة من دعم السكن إلى غاية 27 دجنبر الجاري    سجن عكاشة ينفي تعذيب معتقلين حتى الموت    2025: سنة التغيير في ملف الصحراء    التحقيقات تكشف تفاصيل مثيرة عن كارثة الطائرة الكورية.. هل كان الجشع وراء الحادث؟    الملك يبعث برقية تعزية إلى بايدن    سدود جهة طنجة – تطوان – الحسيمة تتوفر على مخزون مائي يفوق 876 مليون متر مكعب    الحسيمة..العثور على جثة أربعيني داخل منزل ببني بوعياش    بسبب الفوضى.. والي جهة طنجة يأمر بإيقاف منح الرخص لأصحاب "الجيلي الأصفر"    تأملات مرحة في موضوع جدي!    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    التكنولوجيا في خدمة التعليم: التحالف الاستراتيجي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مع شركة هواوي المغرب    شخصية السنة/الدجاجلة: بين جغرافيا الجسد وسيكولوجيا السلطة !    تبون يمارس سياسة "كاموفلاج" للتغطية على أزمات الجزائر الداخلية    الفنيدق تحتضن منافسات كأس العرش للفول كونتاكت    الدورة الثالثة لمهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش ما بين 30 يناير و2 فبراير المقبلين    المالكي يغادر السجن بعد تخفيض العقوبة    جماهير الرجاء تطالب عادل هالا بالاستقالة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سطات تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    وزارة الثقافة تعلن موعد الدورة ال30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    تأجيل محاكمة فؤاد عبد المومني إلى تاريخ 20 يناير المقبل    وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن 100 عام    دراسة: طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    حقوقيات يطالبن بفتح تحقيق في واقعة نقل مريضة على نعش في أزيلال    وفاة المطرب المصري الشعبي الشهير أحمد عدوية    سخرية عارمة من رئيس جهة سوس بسبب حديثه عن إمكانية إنتاج الهيدروجين الأخضر بطاطا    دراسة تكشف عدد الدقائق التي يفقدها المدخن من حياته مع كل سيجارة    مراجعة مدونة الأسرة... عوائق أمام نجاح التواصل مع الرأي العام    ما مصير "النوميرو أوتشو" أوناحي بعد تجربة بناثينايكوس اليوناني؟    كيميتش: "لم أستطع النوم بعد خروج ألمانيا من بطولة يورو 2024"    مسبار "باكر" الشمسي يحقق إنجازا تاريخيا باقترابه من الشمس والتحليق في غلافها الجوي    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    بسبب فرضه الأحكام العرفية.. رئيس كوريا الجنوبية يواجه الاعتقال    أحمد الشرع يؤكد أن الانتخابات في سوريا قد تحتاج إلى أربع سنوات لتنظيمها    ارتفاع حصيلة قتلى حادث السير في إثيوبيا إلى 71 شخصا    المدرج الجنوبي" يخرج عن صمته ويرفع الورقة الحمراء في وجه رئيس الرجاء ومكتبه    داري وعطية الله يعززان دفاع الأهلي في مواجهة إنبي    علاكوش يشرف على تأسيس النقابة الوطنية للمتصرفين التربويين بجهة الدار البيضاء سطات    مع اختتام فعاليات مهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية.. المنظمون يهدفون إلى تحقيق 1000 جدارية بالمدينة    مع انتشار البطالة .. جمعية المعطلين بالناظور تعلن عن " اسبوع الغضب"    الوزاني بخمسة أهداف في البرتغال    شخصيات بارزة وجمهور شغوف يحيون ليالي الجاز في دار الصويري    الصحة العالمية تكشف سر المرض الغامض في الكونغو    دراسة: اكتشاف طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    الولايات المتحدة.. تحور فيروس إنفلونزا الطيور يثير قلقا علميا    انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    انتشار "بوحمرون" بإقليم شفشاون يدق ناقوس الخطر ومطالب عاجلة على طاولة الوزير    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يمكننا فهم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ بداياته وحتى 7 أكتوبر 2023؟
نشر في لكم يوم 07 - 10 - 2024

كثيراً ما يُساء فهم الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويساء تفسيره. مع احتدام الحرب في غزة، من الضروري تحليل الوضع مع الأخذ في الاعتبار الواقع التاريخي وما هو موجود على الأرض.
يعرض هذا المقال أسس هذا الصراع منذ بداياته وحتى مأساة 7 أكتوبر 2023. ما هي التواريخ والشخصيات الرئيسية لهذا الصراع؟ ما هو جوهر الصراع؟ لماذا فاجأنا 7 أكتوبر 2023؟ وفي الواقع فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو في المقام الأول صراع إقليمي بين شعبين.
منذ 7 أكتوبر 2023، تحدثت الخطابات السياسية والإعلامية عن «حرب بين إسرائيل وحماس». ومع ذلك، فهي قبل كل شيء مرحلة من "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني". لا يمكننا أن نفهم ما يحدث في غزة دون وضعه في سياق الصراع الطويل الأمد بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ عام 1948… كيف وصلنا إلى هنا؟ ما هو جوهر هذا الصراع؟ لماذا فاجأنا 7 أكتوبر 2023؟ تهدف هذه المقالة إلى وضع سياق المأساة الحالية.
الجزء الأول. الصراع الإسرائيلي الفلسطيني: التواريخ والأرقام الرئيسية
25 تواريخ رئيسية
1917: آرثر بلفور، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، يرسل رسالة مفتوحة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد، أحد رموز الحركة الصهيونية، ويعلن أنه يؤيد إنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي". في فلسطين التي كانت حتى الآن جزءاً من الإمبراطورية العثمانية.
1920: مع سقوط الإمبراطورية العثمانية، منحت عصبة الأمم المملكة المتحدة ولاية على فلسطين. البريطانيون يديرون المنطقة.
1917-1948: بعد وعد بلفور، قام العديد من اليهود ب "الهجرة" (الهجرة إلى "أرض الميعاد"). ارتفع عددهم من حوالي 70.000 شخص في عام 1917 إلى حوالي 650.000 في بداية عام 1948. وتسارعت الحركة بسبب الإبادة الجماعية ضد السكان اليهود في أوروبا (5 إلى 6 ملايين ضحية، يمثلون 50٪ من السكان اليهود في أوروبا).
1946: المملكة المتحدة غارقة في التوترات بين العرب واليهود في فلسطين الانتدابية. إنهم يتخلون عن الملف الذي يحيلونه إلى الأمم المتحدة.
29 نوفمبر 1947: اعتماد خطة تقسيم فلسطين (القرار 181)، رغم معارضة كافة الدول العربية. وتنص هذه الخطة على تقسيم فلسطين إلى ثلاثة قطاعات: القطاع العربي (45%)، والقطاع اليهودي (55%)، والقدس تحت إشراف الأمم المتحدة.
14 مايو 1948: أعلن دافيد بن غوريون استقلال دولة إسرائيل.
1948-1949: الحرب العربية الإسرائيلية الأولى تضع إسرائيل ضد لبنان وسوريا ومصر والأردن والفلسطينيين. ورغم كل الصعاب، استعادت الدولة اليهودية 78% من الأراضي. أما النسبة المتبقية البالغة 22% فيتم ضمها إلى الأردن (الضفة الغربية) ومصر (قطاع غزة). بالنسبة للفلسطينيين، هذه هي "النكبة" – الكارثة – أكثر من 800 ألف شخص يفرون من فلسطين.
28 مايو 1964: تم إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية لتمثيل الشعب الفلسطيني وتنظيم المقاومة ضد إسرائيل واستعادة أرضه. وياسر عرفات يتولى قيادة المنظمة.
5 يونيو 1967: شنت إسرائيل هجوما على مصر. وتستمر الحرب ستة أيام. إسرائيل التي تعارض مصر وسوريا والأردن والعراق ولبنان تفوز بانتصار ساحق. لقد احتل الإسرائيليون كل شيء: الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وشبه جزيرة سيناء والقدس الشرقية. وفي نهاية المطاف، استعاد الجيران العرب أراضيهم، لكن الفلسطينيين لم يستعيدوا السيطرة على أراضيهم قط. مجلس الأمن الدولي يتبنى القرار رقم 242 الذي يدين الاستيلاء على الأراضي بالحرب.
6 أكتوبر 1973: شنت مصر وسوريا هجومًا مفاجئًا وغير مسبوق على إسرائيل، في وقت يوم الغفران، وهو عطلة يهودية. تمكنت إسرائيل أخيرًا من صد الهجوم. وفي أعقاب حرب يوم الغفران هذه، وقعت مصر وإسرائيل اتفاقية لتطبيع العلاقات في كامب ديفيد، وانسحبت إسرائيل من سيناء (1978). مصر معلقة من الجامعة العربية. مجلس الأمن الدولي يتبنى القرار 338 الذي يدعو إلى تنفيذ القرار 242 ويقرر ضرورة بدء عملية التفاوض.
1987: بداية الانتفاضة الأولى – "حرب الحجارة". الشعب الفلسطيني ينتفض ضد الاحتلال الإسرائيلي. واستمرت أعمال الشغب العنيفة، التي قمعها الجيش الإسرائيلي بوحشية، حتى عام 1993. وفي بداية الانتفاضة الأولى ولدت حماس؛ في الأصل، كانت حركة شبابية مستوحاة من جماعة الإخوان المسلمين واعتقدت أن منظمة التحرير الفلسطينية لا تقاتل إسرائيل بما فيه الكفاية وأن المقاومة المسلحة بحاجة إلى التنظيم.
15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1988: أعلن ياسر عرفات، الذي رفض حتى الآن خطة التقسيم التي أصدرتها الأمم المتحدة ودعا إلى المقاومة المسلحة، عن إنشاء دولة فلسطينية على مبدأ القرارات 181 و242 و338؛ وبالتالي تعترف ضمناً بإسرائيل.
1991: أول محاولة للتفاوض في مدريد بين إسرائيل والدول العربية تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. تم دمج الفلسطينيين في الوفد الأردني الفلسطيني.
13 سبتمبر 1993: توقيع اتفاقيات أوسلو بمصافحة تاريخية بين ياسر عرفات وإسحق رابين. جرت عملية أوسلو سراً، بالتوازي مع المفاوضات الفاشلة في مدريد. الاتفاق هو إعلان مبادئ ينشئ السلطة الفلسطينية وينص على فترة انتقالية مدتها 5 سنوات لتحقيق إنشاء الدولة الفلسطينية. لم تنقضي هذه الفترة الانتقالية مطلقًا ولم يتم تطبيق الاتفاقيات في النهاية.
4 نوفمبر 1995: خلال خطابه حول السلام، اغتيل رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين على يد متطرف يهودي معارض لاتفاقيات أوسلو.
يوليو 2000: استئناف المفاوضات في كامب ديفيد برعاية الولايات المتحدة. فالقضايا الإقليمية، ووضع القدس، ومسألة اللاجئين الفلسطينيين، تشل العملية التي تفشل في نهاية المطاف. وياسر عرفات متهم بالتسبب في فشل المحادثات.
28 سبتمبر 2000: بعد فشل كامب ديفيد، قام أرييل شارون، زعيم المعارضة القومية اليمينية في إسرائيل، بزيارة مثيرة للجدل إلى ساحة المساجد/جبل الهيكل في القدس (انظر المسرد في أسفل الصفحة). اندلعت الانتفاضة الثانية، التي كانت أكثر فتكاً من الأولى.
2002: أرييل شارون، الذي تم انتخابه رئيسًا لوزراء إسرائيل، يتخذ قرارًا ببناء "جدار أمني" (انظر المسرد في أسفل الصفحة) بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
2003: مبادرة جنيف، التي تنص على خطة سلام مفصلة للغاية، وقعها يوسي بيلين، الوزير الإسرائيلي، وياسر عبد ربه، الوزير الفلسطيني. وقد اعترفت السلطة الفلسطينية بالاتفاق ولكن رفضه أرييل شارون وحماس. ولم يتم تنفيذ خطة السلام على الإطلاق.
2005: محمود عباس يخلف ياسر عرفات، الذي توفي عام 2004، كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية. وتنسحب إسرائيل من قطاع غزة بعد 38 عاماً من احتلاله، تنفيذاً لخطة الانفصال الأحادية الجانب التي طرحها أرييل شارون.
2006: تنظيم انتخابات تشريعية في فلسطين وفازت بها حركة حماس. وقد تمت مراقبة الانتخابات من قبل مراقبين دوليين أكدوا على حسن سيرها الديمقراطي. ولكن عندما فازت حماس بهذه الانتخابات، اختار المجتمع الدولي عدم الاعتراف بالنتيجة والضغط على السلطة الفلسطينية حتى لا تمنح السلطة لحماس، الفائزة في الانتخابات.
2007: سيطرت حركة حماس على قطاع غزة، بينما احتفظت السلطة الفلسطينية بالسيطرة على الضفة الغربية. ومنذ ذلك الحين، انقسمت فلسطين سياسياً ولم يتم تنظيم المزيد من الانتخابات.
2009: تم انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسًا لوزراء إسرائيل، ومن الواضح أنه يشجع الاستعمار في الضفة الغربية ويشدد السياسة الأمنية.
2020: دونالد ترامب يعرض بحضور نتنياهو "خطة السلام الأمريكية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني" التي تم التفاوض عليها بدون الفلسطينيين. والأخيرون يرفضون هذه الخطة المواتية لإسرائيل. ومع ذلك، تم التوقيع على اتفاقيات إبراهيم وتطبيع علاقات إسرائيل مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ثم مع السودان والمغرب.
7 أكتوبر 2023: من قطاع غزة، تنفذ حركة حماس سلسلة من الهجمات والفظائع ضد الجنود والمدنيين الإسرائيليين. مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز 240 رهينة إلى قطاع غزة. ورداً على ذلك، شنت إسرائيل عملية عسكرية ضد حماس، بهدف القضاء على حماس. وفي بداية فبراير 2024، أحصت وزارة الصحة في غزة أكثر من 27 ألف حالة وفاة فلسطينية.
10 أرقام رئيسية
اضطر 5.6 مليون لاجئ فلسطيني إلى مغادرة الأراضي التي يعيشون فيها.
61% من مساحة الضفة الغربية محظورة على الفلسطينيين.
قُتل 3,572 فلسطينيًا، و198 إسرائيليًا بين عامي 2011-2021.
593 حاجزًا إسرائيليًا في الضفة الغربية بهدف السيطرة على حركة الفلسطينيين.
أكثر من 630,000 مستوطن (انظر المسرد في أسفل الصفحة) أقاموا في الضفة الغربية في 150 مستعمرة منشأة رسميًا و128 مستعمرة أقيمت دون تصريح إسرائيلي.
تسيطر إسرائيل على 85% من موارد المياه الفلسطينية.
2 مليون فلسطيني يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
الجزء الثاني. جوهر وخصائص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
صراع إقليمي بين شعبين
إن تذكر الحقائق والأرقام التاريخية أمر ضروري. ومع ذلك، يجب علينا أيضًا أن نفهم جوهر الصراع. هناك الكثير من الالتباس حول طبيعة المواجهة الإسرائيلية الفلسطينية. هل هذه حرب دينية بين اليهود والمسلمين؟ حرب بين الجماعات الإرهابية والدولة؟ وفي الواقع فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو في المقام الأول صراع إقليمي بين شعبين.
القضايا الرئيسية هي السيطرة على الأراضي والسيادة. وكان يعيش على هذه الأرض شعب، وهو الفلسطينيون، كان يديره العثمانيون ثم الإنجليز. وبدأ شعب آخر، وهو اليهود، المضطهدين في أماكن أخرى، بالهجرة إلى نفس الأرض التي تربطهم بها صلة دينية وتاريخية. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المعادلة واضحة: شعبان يريدان العيش على نفس الأرض والمطالبة بالسيطرة عليها. لذلك ترتبط جميع المراحل الرئيسية للصراع ارتباطًا وثيقًا بالقضايا الإقليمية. شهد عام 1948 بداية الصراع: أعلن بن غوريون دولة إسرائيل، وكانت بداية "النكبة"، وطرد 800 ألف فلسطيني. ولذلك، نشأ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من إنشاء دولة جديدة تطالب بالسيادة على أرض ما وطرد السكان الذين سكنوا هذه الأرض. إن حرب 1967، التي كانت لحظة محورية، لم تكن سوى مسألة احتلال للأراضي. وسيطرت إسرائيل على كامل المنطقة بالقوة، بل واحتلت أجزاء من مصر وسوريا ولبنان. وعلى العكس من ذلك، في عام 2005، كان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة أيضًا نقطة تحول رئيسية. وبنفس الطريقة، فإن جميع المفاوضات تدور في المقام الأول حول الاعتبارات الإقليمية. وفي عام 1978، خلال اتفاقيات كامب ديفيد، وافقت مصر على الاعتراف بوجود دولة إسرائيل، مقابل التمكن من استعادة السيطرة على شبه جزيرة سيناء. في عام 1995، في أعقاب اتفاقيات أوسلو، تم التفاوض على تقسيم أراضي الضفة الغربية: تم وضع المناطق (أ) تحت السيطرة الفلسطينية، والمناطق (ب) تحت السيطرة المدنية الفلسطينية ولكن تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية والمناطق (ج) تحت السيطرة الإسرائيلية. وفي عام 2000، كانت مسألة إسناد السيطرة على القدس إحدى القضايا التي شلت المفاوضات في كامب ديفيد.
معركة متر مربع في متر مربع
في هذه الحرب من أجل الأرض، يدور القتال حول متر مربع في متر مربع. وبهذا المعنى، تستخدم إسرائيل أدوات كثيرة. الاستعمار هو أحد الأسلحة الرئيسية. تتم مصادرة الأراضي التي خصصتها الأمم المتحدة للفلسطينيين، وفي بعض الأحيان يتم هدم منازل الفلسطينيين، لبناء المستوطنات حيث يأتي المستوطنون الإسرائيليون للاستيطان واحتلال المنطقة. إن بناء "الجدار الأمني" هو أيضًا أداة إقليمية. رسميًا، كان من المقرر بناء الجدار على "الخط الأخضر" (الحدود التي حددتها خطة التقسيم للأمم المتحدة عام 1947) وكان من المقرر أن تكون له وظيفة إنشاء حاجز أمني. ومع ذلك، فإن الجدار بني ظاهريًا على مسافة أبعد شرقًا من الحدود التي خططتها الأمم المتحدة، مما يسمح للإسرائيليين بالسيطرة على الأرض بحكم الأمر الواقع. علاوة على ذلك، في حين أن الخط الأخضر يبلغ طوله 315 كيلومترًا فقط، فإن طول الجدار يزيد عن 700 كيلومتر لأنه يتخذ منعطفات وخطوطًا تسمح بتآكل أجزاء من الأراضي الفلسطينية. يضاف إلى ذلك بناء الطرق المحظورة على الفلسطينيين، وهدم المنازل وحظر البناء على الفلسطينيين، وعزل بعض الشركات الفلسطينية لإجبارهم على المغادرة، وانتشار الجنود الإسرائيليين ونقاط التفتيش في كل مكان في الضفة الغربية… باختصار، ينتصر الإسرائيليون في المعركة الإقليمية. ان الأراضي الفلسطينية تتقلص بشكل واضح بينما تتكاثر المستوطنات الإسرائيلية…وعلى الجانب الآخر، لا يعلن الفلسطينيون أنهم مهزومون ويحاولون يائسين الاحتفاظ بقطع من الأرض. ويختار بعض الفلسطينيين المطرودين الانضمام إلى مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية (858 ألف لاجئ) أو غزة (1.4 مليون لاجئ) بدلاً من المغادرة إلى البلدان المجاورة؛ لأنهم يعتقدون أن البقاء هو وسيلة للمقاومة. وأثناء حديث مع فتاة صغيرة في مخيم للاجئين في الضفة الغربية، أسرت لي قائلة: "إنهم [الإسرائيليون] يجعلون الحياة مستحيلة بالنسبة لنا، لأنهم يريدون منا أن نغادر، ولكنني أقاوم بالبقاء هنا! سأقاوم حتى أموت…" وتبقى الحقيقة أن الأراضي الفلسطينية تتقلص بشكل واضح بينما تتكاثر المستوطنات الإسرائيلية…
ارتباك حول جوهر الصراع
على هذا فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو قبل كل شيء صراع إقليمي. ويجب ألا نخطئ بشأن طبيعة الصراع، وإلا فإن التحليلات التي نجريها له محكوم عليها بالخطأ. إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس صراع أديان. ومن المؤكد أن الدين في الخلفية، لأن الأرض المتنازع عليها هي "الأرض المقدسة"، مهد الديانات السماوية الثلاث. ويعزز التعلق بهذه الأرض وجود الأماكن المقدسة. على سبيل المثال، فإن المسجد الأقصى (ثالث أقدس موقع في الإسلام) وحائط المبكى (أقدس مكان لليهود) في قلب مدينة القدس القديمة، يفسران جزئياً الرفض القاطع للإسرائيليين والفلسطينيين للاستسلام. مكانة القدس. ومع ذلك، ليس هناك تعارض بين الديانة اليهودية والديانة الإسلامية. إنه صراع بين شعبين، اليهود والعرب الفلسطينيين (جزء منهم مسيحيون) من أجل السيطرة على الأرض. ومع ذلك، كما كتب آلان ديكهوف [1]، فإن العامل الديني يتم استغلاله أحيانًا من قبل كلا الجانبين. على سبيل المثال، اعتمدت حماس على الإسلام لإضفاء الشرعية على نفسها في مواجهة السلطة الفلسطينية العلمانية. وعلى العكس من ذلك، يأتي بعض الوزراء في حكومة نتنياهو الجديدة من أحزاب يهودية متطرفة مثل البيت اليهودي أو يهدوت هتوراة. وغالباً ما تستخدم الدولة اليهودية العامل الديني لتبرير الاستعمار. لكن إذا اختارت جهات معينة «اللعب بورقة الدين» (آلان ديكهوف)، فهذا لا يعني أننا أمام صراع أديان. علاوة على ذلك، فإن تصوير الصراع على أنه حرب غير متكافئة بين الجماعات الإرهابية والدولة هو إطار قراءة محدود للغاية. إنه بلا شك صراع غير متكافئ، لأن القوى المشاركة فيه غير متوازنة على الإطلاق لصالح إسرائيل. ومع ذلك، فإن الحديث عن صراع بين الجماعات الإرهابية والدولة هو في الواقع وسيلة لنزع الشرعية عن جانب واحد، وهو الفلسطينيون، في حين إضفاء الشرعية على الجانب الآخر، أي إسرائيل. ويجب أن يتم تصنيف بعض الجهات الفاعلة، على كلا الجانبين، بما في ذلك حماس، على أنها إرهابية. ومع ذلك، لكي نفهم جذور الصراع، يجب أن نفهم أنه قبل كل شيء هو شعبان يتقاتلان من أجل نفس الأرض وبوسائل مختلفة.
الجانب الإقليمي: العائق الرئيسي أمام حل النزاع
علاوة على ذلك، فإن الجانب الإقليمي للصراع على وجه التحديد هو الذي يجعل حله معقدًا. كيف يمكن أن يكون عدوان في المنزل في نفس المكان؟ إنها لعبة محصلتها صفر: مكاسب شخص واحد سوف تساوي خسائر شخص آخر. تتكاثر الأجيال، لكن لا أحد، لا من جهة ولا من جهة أخرى، يتخلى عما يعتبره أرضه. تتحدث معي فتاة فلسطينية شابة ولدت في مخيم للاجئين عن مدينة الخليل، المدينة التي طردت منها مستعمرة إسرائيلية عائلتها قبل جيلين، باعتبارها "وطنًا". بالنسبة لهذا الصراع الإقليمي، فإن الحل الوحيد المتصور والممكن حقًا يظل هو "حل الدولتين". وبعبارة أخرى، يجب تقسيم الأرض بالتساوي بين دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية تكون لها السيادة على حصتها وتكون قادرة على العيش في أمن وحرية.
ومع ذلك، فإن المستوطنات تشكل بلا شك صعوبة في تحقيق حل الدولتين. أدى توسيع المستوطنات في الضفة الغربية إلى تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية، التي تشبه الأرخبيل (انظر الخرائط أعلاه). ومن أجل الحصول على الاستمرارية الإقليمية اللازمة لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، فلابد من إخلاء المستوطنات الإسرائيلية. وهو الحل الذي أكثر من 600 ألف مستوطن وحكومة نتنياهو، التي على العكس تشجع الاستيطان، ليسوا مستعدين لقبوله…
الإسرائيليون والفلسطينيون لا يصلحان ان يكونا جيران
وأخيرا، فإن أحد الجوانب التي تميز وتعقد حل هذا الصراع هو التداخل على الأرض. مساحة السطح محدودة للغاية وكل شيء متشابك. الإسرائيليون والفلسطينيون جيران لا يمكن إصلاحهم. على الرغم من الكراهية، والجدران، والحواجز الثقافية واللغوية، فإنهم يعيشون جنبًا إلى جنب، والانفصال مصطنع. وتجسد مدينة القدس القديمة هذا التداخل الذي يزيد الوضع تعقيدا: من شارع إلى آخر ننتقل من السوق العربي إلى الحي اليهودي. من الممكن الدخول إلى ساحة المساجد عبر حائط المبكى اليهودي.
وتجسّد مدينة الخليل أيضاً هذا التداخل. وهناك أقيمت المستعمرات في شوارع معينة من المدينة. عليك المرور عبر البوابات الدوارة وعناصر التحكم من شارع إلى آخر. بينما انقسم قبر البطاركة إلى قسمين، من جهة مسجد ومن جهة أخرى كنيس. ومع ذلك، لا يمكن إهمال هذا التداخل. ولا يمكننا أن نتعامل مع هذا الصراع باعتباره صراعا، بمجرد حله، سيعود الجميع إلى ديارهم: ففي إسرائيل وفلسطين، يتعين على الشعبين أن يعيشا معا.
الجزء الثالث: رعب 7 أكتوبر 2023 كسر خفي القضية الفلسطينية
استراتيجية لجعل المشكلة الفلسطينية غير مرئية
7 أكتوبر 2023 فاجأ العالم كله. لقد صدمنا بحق بسبب قسوة وبربرية الهجمات على المدنيين. لكن الرأي العام العالمي فوجئ أيضاً بإعادة التنشيط العنيف للصراع الذي كان في الغالب منسياً…في الواقع، هذا هو إلى حد كبير نتيجة لاستراتيجية سياسية للتخفي دبرها نتنياهو بدقة. في الواقع، لقد نفذ رئيس الوزراء الإسرائيلي، منذ سنوات، استراتيجية سياسية تقوم على التقليل من شأن المشكلة الفلسطينية ونسيانها. بين السكان الإسرائيليين وفي نظر المجتمع الدولي، حافظت الحكومة الإسرائيلية على فكرة أنه لم يعد هناك صراع إسرائيلي فلسطيني حقيقي، أو أنه في حالة جمود، وأن القضية الفلسطينية أصبحت تحت السيطرة أو في سبات. ولتغذية هذا الخطاب، حشد نتنياهو عدة أدوات. على سبيل المثال، لكي لا يفكر أحد في إجراء مفاوضات جديدة، عزز نتنياهو فكرة عدم وجود محاور سياسي شرعي على الجانب الفلسطيني. منذ عام 2006، لم تكن هناك انتخابات، وفلسطين منقسمة سياسيا بين السلطة الفلسطينية وحماس، التي تعتبرها عدد من الدول المتحالفة مع إسرائيل منظمة إرهابية. وهو الوضع الذي استخدمه نتنياهو، وحافظ عليه، لينسى الناس تدريجياً الحاجة إلى التفاوض. علاوة على ذلك، كان التهديد الإيراني أيضاً أداة يستخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي. وفي السنوات الأخيرة، قام بتضخيم التهديد الإيراني إلى حد كبير لإظهار أن المشكلة التي تستحق الاهتمام هي إيران، وليس الفلسطينيين. وهي استراتيجية أثبتت فعاليتها سواء أمام الشعب الإسرائيلي أو أمام المجتمع الدولي. إن تنظيم حفل غنائي على بعد 6 كيلومترات من غزة يشهد على عمق الإنكار الذي ينغمس فيه جزء من السكان الإسرائيليين…
استراتيجية فعالة
لم يعد السكان الإسرائيليون مهتمين بالمشكلة الفلسطينية. وعلى أرض الواقع، كان التطور ملحوظا. قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان لدى الإسرائيليين شاغلان رئيسيان: إيران وإصلاح العدالة في عهد نتنياهو. لقد أصبح من الصعب إقناعهم بالحديث عن الفلسطينيين. لم يكن لديهم ما يقولونه عن الأمر، كما لو أن المشكلة قد تم حلها، أو حتى لم تكن موجودة… كان السكان، وخاصة الشباب العالميين في المدن الكبرى، في حالة إنكار مفاجئة للغاية عندما علمنا بحدوث ذلك على الجانب الآخر من الجدار. إنكار يرمز إليه الحفل الهذيان الذي أقيم بالقرب من غزة والذي تعرض لهجوم فظيع من قبل حماس. إن تنظيم الحفلة الغنائية على بعد 6 كيلومترات من غزة، والتي وصفها رئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيليبان [2] ب "الجحيم على الأرض"، يدل على عمق الإنكار الذي غرق فيه السكان الإسرائيليون… علاوة على ذلك، كانت استراتيجية التخفي فعالة جدًا أيضًا في مواجهة المجتمع الدولي. في حين أن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كان حلم العديد من الرؤساء العظماء، إلا أنه منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لم يكن لدى أحد طموح لتنظيم المفاوضات. ولم تعد القضية الفلسطينية مدرجة على جدول الأعمال الدبلوماسي. وكان للقادة والمنظمات الدولية أولويات أخرى: الإرهاب الجهادي، والمناخ، وجائحة كوفيد-19، والحرب الروسية في أوكرانيا، والهجرة، والأمن السيبراني… وينطبق الشيء نفسه على الرأي العام العالمي؛ ولم تعد مشكلة الشرق الأوسط تشكل مصدر قلق حقيقي. لقد بلورت اتفاقيات إبراهيم، التي أبرمت عام 2020، هذا الإخفاء للمشكلة الفلسطينية. وبينما وحدت القضية الفلسطينية العالم العربي ودعمت الدول العربية الشعب الفلسطيني تاريخيًا، اختارت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب في عام 2020 تطبيع علاقاتها مع الدولة الفلسطينية (إسرائيل) دون المطالبة بأي تنازلات للفلسطينيين في المقابل . لقد أغمض العالم أعينه عن واقع لم يتوقف عن الوجود أبدًا. وكان هذا الإنكار بمثابة معاناة إضافية للشعب الفلسطيني الذي يعاني من اليأس بشكل يومي. عام 2020، سألتني النائبة عن محافظة الخليل سحر القواسمي: "لماذا نحن الاستثناء في حقوق الإنسان؟ ". وبالنسبة للشعب الفلسطيني، فإن إسكات معاناته ونسيان حالته يمثل ظلمًا غير مفهوم يسمح، في الوقت نفسه، لإسرائيل بمواصلة سياستها الاستعمارية مع الإفلات التام من العقاب. وبهذا المعنى، فقد استقبلت السلطة الفلسطينية اتفاقات إبراهيم باعتبارها خيانة فظيعة.
7 أكتوبر 2023 كسر بعنف الخفاء الذي كانت القضية الفلسطينية غارقة فيه
7 أكتوبر 2023: الانفصال
في هذا السياق من الخفاء، جاءت هجمات حماس بمثابة المفاجأة وأذهلت العالم أجمع. ومع ذلك، على الأرض، كان التصعيد متوقعا. ولم يعد أحد يتحدث عن "السلام" أو "حل الدولتين". ولم يعد لدى الشباب الفلسطيني أي أمل، لا سياسة ولا مفاوضات ولا آفاق أفضل. وتحدث الشباب أكثر فأكثر عن "المقاومة بكل الوسائل". وحذر قادة السلطة الفلسطينية الذين واصلوا الدفاع عن الصوت السلمي من أنهم يخشون عدم قدرتهم على احتواء غضب سكانهم. وقد أخبرني العديد منهم أنه إذا لم يتغير الوضع ولم يوقف المجتمع الدولي الاحتلال الإسرائيلي، فإن تصعيد العنف سيكون أمراً لا مفر منه. ومن عجيب المفارقات هنا أنه باستثناء الفلسطينيين، لم يكن أحد، لا الإسرائيليين ولا المجتمع الدولي، يخشى مثل هذه الانتفاضة وهذا العنف. في الواقع، حطمت مأساة 7 أكتوبر 2023، بعنف، الخفاء الذي كانت القضية الفلسطينية غارقة فيه. الموضوع ليس جديدا، لقد أصبحنا على علم به ببساطة. لقد أصبح الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مرة أخرى مصدر قلق للرأي العام العالمي. تصدرت الأحداث في غزة عناوين الأخبار منذ هجوم حماس؛ من خلال إبعاد الحرب في أوكرانيا تقريبًا إلى الخلفية. وتمتلئ شبكات التواصل الاجتماعي بالمنشورات المؤيدة لجانب أو آخر حول الوضع في الشرق الأوسط. هذا موضوع يعود إلى قلب المناقشات بالكثير من العاطفة: هذه أسئلة تقسم آراءنا العامة بشدة. لقد أصبحت القضية الفلسطينية مرة أخرى موضوعا للتعبئة. وفي جميع أنحاء العالم، تم تنظيم العديد من المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين. وقد أعربت العديد من الشخصيات الإعلامية عن دعمها للفلسطينيين. البعض مثل الممثلة سوزان ساراندون – التي طردتها وكالة المواهب التابعة لها – دفعوا ثمناً باهظاً… تُستخدم شبكات التواصل الاجتماعي بشكل نشط كمنصة لدعم القضية الفلسطينية. وفي العالم العربي، أصبحت القضية الفلسطينية مرة أخرى موضوعاً للقلق والتحديد. وحتى في دول الخليج حيث كانت الحكومات تقترب أكثر من أي وقت مضى من الدولة اليهودية، أصبح السكان الآن يعبرون بوضوح عن دعمهم للفلسطينيين. علاوة على ذلك، أصبح الوضع في الشرق الأوسط مرة أخرى موضع اهتمام المنظمات والجهات الفاعلة السياسية. لقد عاد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى الأجندة الدبلوماسية مرة أخرى. ويظهر ذلك من خلال تحركات القادة على الأرض؛ مثل زيارة إيمانويل ماكرون لإسرائيل والضفة الغربية. وقد تعاملت الأمم المتحدة مع هذه المشكلة. وقد خصصت عدة جلسات لمجلس الأمن للوضع في غزة، حتى لو كان اتخاذ القرارات معقدا بسبب استخدام حق النقض، وخاصة الأمريكي. وقد أعرب أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، مراراً وتكراراً عن دعمه لحل الدولتين والحاجة إلى وقف إطلاق النار.
خاتمة
باختصار، سواء أحببنا ذلك أم لا، يظل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني محورياً، وتجاهله ليس خياراً قابلاً للتطبيق على المدى الطويل. ولا يمكن تجاهل الوضع الإنساني الكارثي. علاوة على ذلك، فهو صراع منقسم على عدة مستويات. إنه الصراع الذي يقسم مجتمعاتنا. منذ 7 أكتوبر 2023، هناك انقسام ملحوظ في مجتمعاتنا الأوروبية بين أولئك الذين يدافعون عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأولئك الذين يدعمون حقوق الشعب الفلسطيني. وقد عادت الأعمال المعادية للسامية والعنصرية إلى الظهور من جديد. الأحزاب السياسية تموضعت واستخدمت الأحداث وفقا لمصالحها. على سبيل المثال، في فرنسا، خدم الطابع الإسلامي لحماس الخطب المناهضة للهجرة التي ألقاها اليمين المتطرف؛ بينما تحظى القضية الفلسطينية بدعم أحزاب يسارية. وهو أيضاً موضوع يقسم العالم بين دول الجنوب التي تدعم فلسطين بشكل أساسي، ودول الشمال التي تدعم إسرائيل بشكل أساسي. ورغم أن الفجوة بين الديمقراطيات الغربية من جهة ودول الجنوب والدول الناشئة والأنظمة الاستبدادية من جهة أخرى كانت آخذة في الاتساع بالفعل، فإن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يعمل على تفاقمها. إن دعم الولايات المتحدة غير المشروط ودعم الأوروبيين لإسرائيل يساعدان على تغذية فكرة أن "الغرب يضطهد شعوب الجنوب وأنه لا يحترم القانون الدولي إلا وفقاً لمصالحه". خطاب يخدم دولًا مثل روسيا وإيران والصين التي تريد على وجه التحديد إسقاط النظام العالمي القائم وتسعى للحصول على الدعم من الدول التي تشعر بالاضطهاد من قبل الغرب. وبالتالي، لا يمكن تجاهل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعواقبه. إن عدم التماثل بين أطراف الصراع يصل إلى حد أن الحل لا يمكن أن يأتي إلا من الخارج. ويجب على المجتمع الدولي أن يلتزم بإيجاد حل يضمن حقوق الجميع. ويظل حل الدولتين هو الحل الوحيد المقبول. ولتنفيذه وإنجاحه، سيكون من الضروري أن نأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض. لكن المطلب الأول للمقاومين هو التحرير الكامل للأرض من النهر الى البحر وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة . فهل يحقق محور المقاومة هذا الحلم العربي الاسلامي ؟
كاتب فلسفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.